بريطانيا أرسلت آلاف المعدات العسكرية إلى دولة الاحتلال رغم حظر التصدير

في تطور مثير للجدل، كشف تحليل جديد لبيانات التجارة أن المملكة المتحدة قد أرسلت آلاف المعدات العسكرية إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك الذخائر، على الرغم من تعليق الحكومة البريطانية تراخيص تصدير الأسلحة الرئيسية إلى دولة الاحتلال في سبتمبر/أيلول الماضي.
وتشير الدراسة إلى أن هذه العمليات قد تُثير تساؤلات حول ما إذا كانت المملكة المتحدة قد انتهكت تعهداتها بعدم بيع أجزاء طائرات F-35 مباشرة إلى دولة الاحتلال، وهي صفقة كانت محكومة بتأكيدات الحكومة البريطانية بأن هذه المكونات يتم بيعها فقط إلى الشركة الأمريكية المصنعة Lockheed Martin لضمان عدم تعطيل سلسلة التوريد العالمية للطائرة.
وقد دفع البحث الذي أجرته عدة منظمات، بما في ذلك حركة الشباب الفلسطيني والمنظمة التقدمية الدولية ومنظمة عمال من أجل فلسطين حرة، إلى مطالبة وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، بإجراء تحقيق كامل في هذا الشأن.
وقال جون ماكدونيل، وزير المالية السابق في حكومة الظل العمالية، إن هذه الأدلة “مقلقة للغاية”، وأن الحكومة يجب أن توقف صادرات الأسلحة البريطانية إلى دولة الاحتلال بشكل كامل، لضمان عدم استخدامها في الخطط الدولة الاحتلالية المتزايدة لضم قطاع غزة وارتكاب جرائم تطهير عرقي.
تعليق الحكومة على صادرات الأسلحة
في سبتمبر/أيلول، علقت حكومة المملكة المتحدة 29 ترخيصًا لتصدير أسلحة للاستخدام الهجومي في غزة، لكنها أبقت على سريان حوالي 200 ترخيص سلاح آخر.
ورغم ذلك، منحت الحكومة استثناءً للمعدات المرتبطة ببرنامج طائرات F-35، مشيرة إلى أن الحفاظ على سلسلة التوريد لهذه الطائرات يعد أمرًا ضروريًا للأمن القومي البريطاني وحلف الناتو.
وعلى الرغم من أن الحكومة البريطانية أكدت مرارًا أن التراخيص المتبقية لا تشمل الأسلحة التي قد يستخدمها الجيش الإسرائيلي في الحرب على غزة، فقد أظهر البحث الأخير أن الأسلحة المصدرة تشمل العديد من العناصر العسكرية الهامة، مثل القنابل والذخائر والطوربيدات.
وقد تم تصدير هذه الأسلحة بعد تعليق الحكومة البريطانية لتراخيص تصدير الأسلحة في سبتمبر.
تشير البيانات إلى إرسال 14 شحنة من المعدات العسكرية من المملكة المتحدة إلى دولة الاحتلال منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، بما في ذلك 13 شحنة جوًا إلى مطار بن غوريون وشحنة بحرية واحدة إلى مرفأ حيفا.
وقد تضمنت هذه الشحنات ما يصل إلى 160 ألف قطعة من الذخائر والمعدات العسكرية. ووفقًا للتحليل، تضمنت هذه الشحنات أسلحة تصل قيمتها الإجمالية إلى أكثر من 500 ألف جنيه إسترليني.
وبالإضافة إلى الذخائر، تم شحن أربع شحنات تشمل دبابات ومركبات قتالية مدرعة، وهي شحنات قد تكون موجهة للاستخدام في عمليات هجومية دولة الاحتلالية.
رد فعل الحكومة البريطانية
من جانبها، دافعت وزارة الخارجية البريطانية عن موقف الحكومة، قائلة إن التراخيص المتبقية “لا تشمل أسلحة قد تستخدم لارتكاب أو تسهيل انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي في غزة”.
وأكد المتحدث باسم الوزارة أن الغالبية العظمى من هذه التراخيص مخصصة لأغراض مدنية أو إعادة التصدير، ولا يُفترض أن تُستخدم في العمليات العسكرية الجارية في غزة.
وأشار المتحدث إلى أن الاستثناء الوحيد كان يتعلق ببرنامج F-35، الذي يُعتبر ضروريًا للأمن القومي البريطاني ولضمان استقرار حلف الناتو.
تساؤلات عن مصداقية الحكومة
لكن زارا سلطانة، النائبة عن جنوب كوفنتري، أبدت اعتراضها الشديد، قائلةً إن التقرير “يُظهر أن الحكومة كذبت على الشعب البريطاني بشأن الأسلحة التي تُزود بها دولة الاحتلال بينما تمارس إبادة جماعية في غزة”.
وأضافت أن الحكومة لم تكن شفافة بشأن الأسلحة المصدرة لدولة الاحتلال، مشيرة إلى أن هذه المعدات تشمل أكثر من “الخوذات والنظارات الواقية” التي ذكرها ديفيد لامي في وقت سابق.
مطالب بالتحقيق
في ختام التقرير، طالب جون ماكدونيل بإجراء تحقيق شامل حول مصير الأسلحة البريطانية المصدرة إلى دولة الاحتلال، مؤكدًا أنه إذا ثبت أن الحكومة ضللت البرلمان بشأن هذه القضية، فإن ذلك قد يستدعي استقالة ديفيد لامي في حال تبين أنه انتهك قانون الوزارة.
وتستمر هذه القضية في جذب اهتمام الرأي العام البريطاني، في وقت يعزز فيه النزاع القائم في غزة من الضغوط الدولية على الحكومة البريطانية بشأن موقفها من تصدير الأسلحة إلى دولة الاحتلال.