معالجات اخبارية

أطفال غزة ضحايا خطر المجاعة والمرض والقتل بالقصف الإسرائيلي

يواجه أطفال غزة – الذين يشكلون قرابة نصف سكان القطاع – كارثة إنسانية متفاقمة تهدد حياتهم، في ظل حصار خانق وقصف متواصل، وانهيار شبه تام في البنية التحتية الصحية، وتفاقم لأزمات الغذاء والمياه والدواء.

وبينما تنتظر مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات المنقذة للحياة دخول القطاع، تؤكد الأمم المتحدة أن غزة تشهد أسوأ أزمة إنسانية منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023.

وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، كاثرين راسل، إن الأطفال في غزة يواجهون “أوضاعًا كارثية” في ظل تراجع شديد في الوصول إلى الغذاء والمياه النظيفة، وازدياد انتشار سوء التغذية والأمراض.

ووفقًا للبيانات، يعاني نحو 75% من الأسر من تدهور في إمكانية الوصول إلى مياه الشرب، ما يدفع بالكثير منها إلى اتخاذ قرارات قاسية، كالمفاضلة بين استخدام المياه للطهي أو التنظيف أو الاستحمام.

وأشارت راسل إلى أن الإسهال المائي الحاد أصبح الآن يمثل ربع جميع حالات الأمراض المُبلّغ عنها في غزة، وهو ما يعكس تدهورًا خطيرًا في البيئة الصحية، لا سيما بالنسبة للأطفال.

آثار مدمّرة تستمر مدى الحياة

شدد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، على أن معاناة السكان لم تعد تحتاج إلى صور لتوثيقها، قائلاً: “الناس جائعون، والأطفال يعانون من سوء التغذية، وهذا ستكون له آثار مدمّرة تستمر مدى الحياة”.

وأظهر تقرير صادر عن مجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة (WASH) في أبريل 2025 أن 90% من العائلات الفلسطينية تعاني من انعدام الأمن المائي، في ظل النقص الحاد في كميات المياه، وندرة نقاط التوزيع، والاكتظاظ الشديد في أماكن النزوح.

وتبين أن 75% من الأسر أفادت بتدهور في إمكانية الوصول إلى مياه الشرب، وأن 63% منها اضطرت لشراء المياه من موردين غير رسميين لتغطية الحد الأدنى من احتياجاتها.

كما كشفت الدراسة أن أكثر من نصف العائلات تواجه صعوبات في الوصول إلى مراحيض عاملة، وتفتقر إلى أبسط أدوات النظافة مثل الصابون الذي أصبح نادرًا وباهظ الثمن عند توفره.

وفي ظل هذه الأوضاع، يشهد القطاع انهيارًا خطيرًا في خدمات الإسعاف والنقل الطبي. فمن أصل 149 سيارة إسعاف كانت عاملة في غزة قبل منتصف مارس، لم يتبقَّ سوى 48 سيارة فقط، ما يعيق نقل الجرحى والمصابين بشكل فادح.

ويعتمد كثير من الأهالي على عربات الحمير لنقل المصابين، في مشهد يُعيد القطاع إلى عصور ما قبل الحداثة، ويترك الفئات الأكثر هشاشة – مثل كبار السن والنساء الحوامل وذوي الإعاقة – في مواجهة مصيرهم دون دعم فعّال.

وتفاقم هذا الوضع بعد استهداف القوات الإسرائيلية لمناطق تضم ستة مستشفيات ومستشفيين ميدانيين، أصدرت فيها السلطات أوامر بالإخلاء، ما جعل الوصول إلى الرعاية الصحية شبه مستحيل للآلاف من المرضى الجدد، وخاصة الجرحى من ضحايا القصف.

نقص الأدوية والمعدات الطبية

يقدّر عدد من يعانون من أمراض مزمنة في غزة بـ350 ألف شخص، من بينهم 71 ألف مريض سكري، يُمثل نحو ألف منهم حالات حرجة من النوع الأول الذين يحتاجون إلى الإنسولين بشكل منتظم. لكن النقص الحاد في الأدوية والمعدات الطبية يهدد حياتهم يومًا بعد يوم.

كما تتقلص قدرة المستشفيات على الاستجابة للعدد المتزايد من الحالات. فقد انخفض عدد مستشفيات الإصابات العامة من سبعة إلى خمسة، في وقت ازدادت فيه القيود على دخول الطواقم الطبية الدولية، ما خفّض عددها بنسبة 45%.

وبين 18 مارس و5 مايو، ارتفعت نسبة طلبات مهام الطوارئ الطبية التي رفضتها السلطات الإسرائيلية من 25 إلى 40%، بحسب معطيات مجموعة الصحة.

ووسط هذا الانهيار الكامل للخدمات الأساسية، يُترك الأطفال في غزة عرضةً لثلاثة مخاطر متداخلة: الموت بالقصف، أو الهلاك بسبب الجوع والمرض، أو المعاناة اليومية في بيئة غير صالحة للحياة.

ومع تصاعد التحذيرات الدولية، تزداد الضغوط على الجهات الإنسانية لإدخال المساعدات، لكن الحصار والإغلاق يواصلان خنق سكان القطاع، بينما لا تلوح في الأفق حلول جذرية توقف هذه الكارثة المستمرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى