فضيحة الأردن: استقطاع أموالاً طائلة مقابل توصيل المساعدات الموجهة لغزة

استفاد الأردن بشكل كبير من تدفق المساعدات الدولية إلى غزة وكسب أموالاً طائلة، في وقت يشهد فيه القطاع حرب إبادة جماعية إسرائيلية مستمرة وحملة تجويع أثرت بشكل مدمر على حياة السكان.
وبحسب مصادر مطلعة تحدثت لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني، قامت الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، التي تشرف على إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بتنسيق جهودها مع السلطات الإسرائيلية لتكون القناة الوحيدة لهذه المساعدات عبر الأردن.
وتشير المصادر إلى أن المساعدات التي يتم إرسالها إلى غزة في إطار هذه الترتيبات ليست كلها من الدولة الأردنية، بل تأتي في الغالب من حكومات ومنظمات دولية وأجنبية.
وأكدت المصادر أن المساهمات المباشرة من الحكومة الأردنية تكاد تكون معدومة، بينما تنسب الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية بعض هذه المساعدات إلى مشاريع دولية.
ويتضح أن من بين الترتيبات المالية التي فرضها الأردن، كشف بعض المسؤولين في المنظمات غير الحكومية عن طلب رسوم تصل إلى 2200 دولار عن كل شاحنة مساعدات تدخل القطاع.
رسوم إضافية على عمليات الإنزال الجوي
بالإضافة إلى رسوم الشاحنات، فرض الأردن رسومًا تتراوح بين 200 ألف و400 ألف دولار على عمليات إسقاط المساعدات الجوية فوق غزة. هذه الرسوم تعتمد على نوع العملية، حيث أن المهام المستهدفة تتطلب دفع رسوم أعلى.
وتشير المصادر إلى أن كل طائرة تحمل أقل من نصف حمولة شاحنة من المساعدات، مما يثير تساؤلات حول فعالية هذه العمليات مقارنة بالمساعدات البرية التي تبقى أكثر كفاءة.
وفي استجابة لهذه العمليات المالية والزيادة في إيراداتها، قامت الحكومة الأردنية بتوسيع بنيتها التحتية اللوجستية.
ووفقًا للمصادر، فقد حصلت المملكة على 200 شاحنة مساعدات جديدة عبر منحة أجنبية، فيما تعمل على بناء مستودعات تخزين أكبر استعدادًا لزيادة تدفق المساعدات. هذه الجهود تم دعمها من قبل الأمم المتحدة في إطار تنسيق دولي لتوسيع عمليات الإغاثة في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة.
الأردن تحت الضغط المحلي والدولي
منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، واجهت الحكومة الأردنية ضغوطًا متزايدة، خاصة من داخل البلاد التي تضم عددًا كبيرًا من اللاجئين الفلسطينيين.
المظاهرات العارمة في الشوارع الأردنية دعمًا للفلسطينيين والفصائل الفلسطينية، مثل حركة حماس، كانت حدثًا دوريًا، مما دفع الحكومة إلى اتخاذ خطوات متسارعة لمواجهة هذا الضغط.
وبدأ الجيش الأردني بتنفيذ عمليات إسقاط جوي للمساعدات بعد أن فرضت إسرائيل حصارًا كاملاً على غزة.
ومنذ ذلك الحين، نفذ الجيش الأردني نحو 400 عملية إنزال جوي، بعضها تم بالتنسيق مع دول أخرى، في حين شارك الملك عبد الله الثاني شخصيًا في واحدة من هذه العمليات.
ورغم ذلك، فقد واجهت هذه العمليات انتقادات من سكان غزة والمنظمات الإنسانية، الذين اعتبروا أنها غير آمنة وغير كافية.
النقص الكبير في المساعدات
يشير المسؤولون الفلسطينيون إلى أن الاحتياجات في غزة تتجاوز بكثير ما يتم توفيره حاليًا. فعلى الرغم من تنفيذ 140 قافلة مساعدات برية من الأردن، والتي أيضًا تخضع لتنسيق وموافقة إسرائيل، إلا أن الوضع يبقى كارثيًا.
وتقدّر مصادر فلسطينية أن القطاع يحتاج إلى 500 شاحنة مساعدات يوميًا، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
منذ بداية الهجوم الإسرائيلي في أكتوبر 2023، والذي تبعته موجة من العنف والدمار، فرضت إسرائيل حصارًا كاملاً على غزة، مما أدى إلى نقص حاد في الإمدادات الغذائية والطبية.
ورغم وصول بعض المساعدات بشكل متقطع، إلا أن الحصار أُعيد فرضه مرة أخرى في مارس 2024، مما دفع الوضع الإنساني في غزة إلى مستويات غير مسبوقة من المجاعة والدمار.
وفي ظل التصعيد المستمر للصراع، يبقى الأردن في موقع استراتيجي كمحور رئيسي لتوصيل المساعدات إلى غزة، إلا أن عمليات القمع الإسرائيلية المستمرة والقيود المفروضة على المعابر جعلت هذه الجهود غير كافية. ورغم الاستفادة المالية التي تحققها المملكة من هذه العمليات، فإن النقص الحاد في المساعدات يستمر في تعميق الأزمة الإنسانية في غزة.