مواطنو شمال غزة يرفضون أوامر التهجير مع تعمق توغل الجيش الإسرائيلي
رفض غالبية المواطنين الفلسطينيين في شمال قطاع غزة الامتثال لما أصدره جيش الاحتلال الإسرائيلي من أوامر التهجير والطرد في الوقت الذي تقوم فيه قواته بتوغلات أعمق في شمال غزة.
وأمر الاحتلال الإسرائيلي بإجلاء جميع سكان شمال قطاع غزة البالغ عددهم نحو 400 ألف نسمة منذ بدء العملية البرية الكبرى في المنطقة في السادس من أكتوبر/تشرين الأول.
وسعت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال نهاية الأسبوع نطاق غاراتها على شمال قطاع غزة، ووصلت دباباتها إلى الأطراف الشمالية لمدينة غزة، وقصفت عدداً من الأحياء السكنية بشدة.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فقد استشهد ما لا يقل عن 300 فلسطيني منذ بدء الهجوم على شمال قطاع غزة قبل تسعة أيام. كما قالت الوزارة إن هناك مخاوف من مقتل العشرات على الطرق وتحت أنقاض المنازل التي لا يمكن للفرق الطبية الوصول إليها.
وقال سكان إن القوات الإسرائيلية عزلت بشكل فعال بيت حانون وجباليا وبيت لاهيا في أقصى شمال القطاع عن مدينة غزة، ومنعت الوصول بين المنطقتين إلا بعد الحصول على إذن من السلطات الإسرائيلية للأسر الراغبة في الامتثال لأوامر الإخلاء ومغادرة البلدات الثلاث.
كما فرض جيش الاحتلال الإسرائيلي حصاراً كاملاً على مخيم جباليا المكتظ بالسكان، مما أدى إلى عزله عن باقي مناطق الشمال.
وبينما اضطر عدد من العائلات إلى مغادرة منازلها بسبب ضراوة الهجمات، قرر الكثيرون البقاء في منازلهم، معتقدين أن التوجه إلى جنوب غزة ليس خيارًا آمنًا أو أفضل بالنسبة لهم.
ويقول سكان الشمال إنهم يفضلون الموت في الشوارع على الرحيل إلى الجنوب الذي أصبح النزوح فيه لا يطاق والمدنيين فيه يعيشون في خيام ويشعرون بالذل.
يأتي ذلك رغم أن سكان الشمال يعانون من الجوع، والإمدادات الغذائية المتبقية تأتي من المساعدات المحدودة التي كانت موجودة بالفعل في شمال غزة قبل بدء الهجوم الجديد. وتقول الأمم المتحدة إن الغذاء لم يدخل شمال غزة منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول.
إن رفض السكان إخلاء منازلهم في جباليا وبيت لاهيا وبلدة بيت حانون، يصعب على الإسرائيليين تنفيذ مخططاتهم في الشمال.
ويخشى الفلسطينيون من أن يكون الجيش الإسرائيلي بصدد وضع الأساس لما أصبح يعرف باسم “خطة الجنرال”، والتي تهدف إلى إخلاء شمال غزة من السكان، مع اعتبار أولئك الذين يختارون البقاء أهدافاً عسكرية مشروعة.
وقد اقترح الجنرال المتقاعد جيورا إيلاند “خطة الجنرال” في حملة تلفزيونية إسرائيلية في سبتمبر/أيلول، ودعت إلى التطهير العرقي في الشمال، محذرة من أن من سيبقون هناك سيواجهون المجاعة.
مخطط الضم التدريجي للأراضي
وذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أن الحكومة الإسرائيلية لم تعد تسعى لإحياء المحادثات لتأمين إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وهي الآن تدفع نحو الضم التدريجي لأجزاء كبيرة من قطاع غزة، بحسب مسؤولين كبار في وزارة الجيش.
ونقلت الصحيفة عن قادة ميدانيين في الجيش قولهم إن قرار شن الهجوم الكبير في شمال غزة اتخذ دون مداولات كاملة، مضيفين أن الهدف الواضح كان في المقام الأول الضغط على السكان لمغادرة المنطقة.
وبحسب التقرير، صدرت الأوامر للقوات الإسرائيلية بتنفيذ العملية دون أي معلومات استخباراتية تبررها. وقد تم اتخاذ القرار حتى في الوقت الذي حذر فيه جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) من أن هذه العملية قد تعرض حياة الأسرى للخطر.
وقال سكان مخيم جباليا للاجئين إن العشرات من الجثث تتعفن في الشوارع دون أن يتمكن أحد من الوصول إليها أو التعرف عليها.
وقال عبد علي، أحد سكان المخيم “لقد تم إطلاق النار على الأشخاص الذين خرجوا وقتلهم؛ وتركت جثثهم في الشوارع. ولم يتمكن أحد من الوصول إليهم – لا سيارات إسعاف ولا دفاع مدني”.
إغلاق الخدمات المنقذة للحياة
صرح رئيس وكالة الأونروا التابعة للأمم المتحدة فيليب لازاريني في وقت سابق من هذا الأسبوع بأن العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة تجبر الوكالة على “إغلاق الخدمات المنقذة للحياة”، مضيفًا أن اثنتين فقط من أصل ثمانية آبار مياه في جباليا لا تزال تعمل.
ويقول السكان إن الغذاء والمياه والوقود والحطب والإمدادات الطبية تتناقص بسرعة.
وأصدر الجيش الإسرائيلي، أوامر بطرد ثلاثة مستشفيات رئيسية في شمال غزة – مستشفى كمال عدوان، ومستشفى العودة، والمستشفى الإندونيسي – ما أدى إلى محاصرة أكثر من 300 مريض في حالة حرجة، بحسب الأمم المتحدة .
ومنذ ذلك الحين، يخضع مستشفى كمال عدوان لحصار إسرائيلي، حيث يتم إطلاق الذخيرة الحية وقنابل الدخان في محيطه.
وفي منشور على فيسبوك، قال الصحفي الفلسطيني عبد السلام الحايك من شمال غزة، إن الناس في جميع أنحاء قطاع غزة ليس لديهم مكان يفرون منه بسبب القصف لأنهم “يفرون من منطقة قتال إلى أخرى”.
وكتب “يتم مطاردة مليوني إنسان في مساحة ضيقة حيث لا يوجد مكان آمن أو أي من ضروريات الحياة، ويتم قصف المباني والخيام والشوارع والسيارات دون سابق إنذار ودون تمييز”.
وتابع “يتم قصفهم أيضًا أثناء جمعهم لرفاتهم، وأثناء دفنهم لشهدائهم، وأثناء تواجدهم على أسرة المستشفيات، وأثناء فرارهم من مكان إلى آخر تحت القصف”.