فتح وغياب الموقف الوطني: تخلٍّ عن غزة في أوقات المحن

في ظل حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، وتفاقم الأزمة الإنسانية بشكل غير مسبوق، يرز غياب الموقف الوطني في أجندة وسياسات حركة “فتح” في ظل تخليها عن أهل غزة في أوقات المحن لصالح أجندات سياسية ضيفة.
وفي الوقت الذي كانت فيه المقاومة الفلسطينية والمصلحة الوطنية تقتضي إظهار التضامن والوحدة، جاءت مواقف حركة فتح لتثير الجدل وتزيد من تعقيد الوضع.
ويبرز مراقبون أن حركة فتح اختارت أن تضع مصالحها السياسية الضيقة فوق مصالح شعب غزة، ما أدى إلى تعميق الفرقة الداخلية وتجاهل آلام وتضحيات أهل القطاع.
التخلي عن الدور الوطني
أصبح واضحًا أن حركة فتح قد ابتعدت عن دورها الأساسي في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية والوحدة الوطنية. فبدلاً من أن تكون في صف المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها، بما في ذلك الدعم السياسي والمعنوي لغزة في محنتها، أصبحت الحركة تركز على أجنداتها الخاصة واحتكار السلطة.
هذا التوجه قد ضاعف من معاناة الشعب الفلسطيني في غزة، حيث لم تجد الحركة نفسها في صلب الحراك الوطني الموحد لمواجهة الاحتلال، بل انتقلت إلى الصراع الداخلي في إطار السلطة الفلسطينية.
حركة فتح كانت في يوم من الأيام القوة التي تقود الكفاح الفلسطيني ضد الاحتلال. لكن، بعد الانقسام الداخلي عام 2007، أصبحت الحركة تشعر أن غزة ليست أولوية في سياستها.
إذا كانت فتح تركز على تأمين مصالحها في الضفة الغربية، فإن هذا التوجه يعكس تهميشًا لقطاع غزة الذي يعاني من حصار وحروب متتالية.
وقد تجاهلت قيادة حركة فتح مرارًا وتكرارًا استغاثات القطاع، بل لم تبذل الجهود اللازمة لوقف تدهور الوضع الإنساني أو تقديم دعم حقيقي للمجتمع الفلسطيني في غزة.
ويؤكد مراقبون أن تجاهل غزة له تبعات خطيرة على وحدة الشعب الفلسطيني، فالقضية الفلسطينية لا تقبل التقسيمات الإقليمية أو الحزبية. في ظل الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة، لا بد من تعزيز الصف الوطني الفلسطيني لمواجهة العدو.
ومع ذلك، لم تقتصر مواقف حركة فتح على التخلي عن غزة، بل شاركت في تدهور العلاقة مع حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية وجعلت الوضع أكثر تعقيدًا. هذا الصراع السياسي الداخلي جعل من الصعب على الفلسطينيين أن يواجهوا التحديات الكبرى التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي.
أولوية التضامن الوطني
يعيش قطاع غزة أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث يعاني المواطنون من نقص حاد في الطعام والدواء والمياه، ناهيك عن التدمير الواسع للبنية التحتية.
في مثل هذه الظروف، كان من المتوقع أن تنحاز حركة فتح إلى شعب غزة وتقدم الدعم السياسي واللوجستي. لكن بدلاً من ذلك، نشهد تجاهلًا واضحًا لمطالب أهل القطاع، وتركيزًا على الانقسام الداخلي الذي لا يخدم إلا أجندات الاحتلال.
ويجمع المراقبون على أن الموقف الحالي لحركة فتح تجاه قطاع غزة يعكس تراجعًا خطيرًا في المبادئ الوطنية التي كانت الحركة تمثلها منذ تأسيسها بعد غياب الجيل القيادي المؤسس للحركة.
ويشدد المراقبون على أنه يجب على حركة فتح أن تراجع سياساتها وأن تعود إلى صف الشعب الفلسطيني بكل أطيافه. الوحدة الوطنية هي السبيل الوحيد لمواجهة العدوان الإسرائيلي المستمر، وفتح يجب أن تكون جزءًا من هذه الوحدة، لا عائقًا لها.
وفي النهاية، فإن غزة ليست قضية فصيل سياسي بعينه، بل هي قضية الشعب الفلسطيني بأسره، وآن الأوان لوضع الخلافات جانبًا والعمل بشكل جاد على تحقيق الحرية والعدالة للجميع.