
تتواصل لليوم الثاني على التوالي حرائق واسعة النطاق في جبال القدس، وسط عجز إسرائيلي واضح عن احتوائها، وامتداد ألسنة اللهب حتى مشارف “تل أبيب”.
وبحسب صحيفة هآرتس العبرية، فقد أتت النيران على أكثر من 24 ألف دونم من الأراضي الحرجية والزراعية، في واحدة من أكبر الحرائق التي شهدتها المنطقة منذ سنوات.
إسرائيل تحترق
وفي تطور لافت، نقلت القناة 14 العبرية عن مصادر أمنية شكوكًا بوجود دوافع “قومية” خلف بعض الحرائق، مؤكدة أن عدة نقاط اشتعلت بشكل متزامن، ما دفع جهاز “الشاباك” لفتح تحقيق موسّع في القضية.
وأعلنت شرطة الاحتلال اعتقال ثلاثة فلسطينيين بزعم التورط في إشعال النيران.
وصرّح قائد شرطة الاحتلال في القدس بأن الحرائق اندلعت في مناطق متفرقة بشكل متزامن، مما زاد من صعوبة السيطرة عليها، لافتًا إلى “تخوف حقيقي” من امتدادها نحو مراكز حيوية.
قلق من امتداد النيران
وأفادت القناة 12 العبرية أن سلطات الاحتلال تخشى وصول النيران إلى قاعدة عسكرية وجامعة عبرية قرب القدس.
كما أشارت صحيفة يديعوت أحرونوت إلى إخلاء أكثر من 200 جندي من معسكر “عتصيون” جنوبي الضفة، بعد وصول الحريق إلى داخله، وطلبت 20 فرقة إطفاء للمساعدة.
المقاومة بالنار تعود من جديد
ولم تكن حرائق القدس حدثًا معزولًا، إذ شهدت الضفة الغربية خلال الأسابيع الماضية تصاعدًا في استخدام الحرائق كسلاح مقاومة.
ففي 10 يونيو 2024، أُشعلت النيران في مقطورة داخل البؤرة الاستيطانية “سدي إفرايم” قرب رام الله، قبل أن تغتال قوات الاحتلال أربعة شبان من قرية كفر نعمة بذريعة تنفيذ الهجوم.
وفي 26 يونيو، اندلعت حرائق ضخمة قرب مستوطنة حريش شمال طولكرم، وفي اليوم نفسه شُوهد حريق يهدد قاعدة “أوفريت” العسكرية في القدس.
وبعد يومين فقط، اندلع حريق كبير في معسكر عتصيون، ما أجبر الجيش على إجلاء عشرات الجنود والمعدات.
الحرائق في ذاكرة المقاومة
تاريخيًا، استخدم الفلسطينيون النار كسلاح مقاومة منذ الانتفاضة الأولى. ففي عام 1988، بدأت عمليات إلقاء زجاجات المولوتوف الحارقة، وتوسعت لاحقًا لتشمل إشعال الأحراش والمنشآت الإسرائيلية في الضفة وغزة، وامتدت الحرائق حينها حتى مدن تل أبيب وأسدود.
لاحقًا، خلال مسيرات العودة في غزة عام 2018، أدخل الشبان الفلسطينيون البالونات الحارقة إلى المعركة، مستغلين الرياح الغربية لإيصالها إلى مستوطنات غلاف غزة.
وأسفرت عن خسائر زراعية فادحة في أعوام 2018 و2019 و2020 و2021 وحتى 2023.
وردًا على هذه الهجمات، علّقت سلطات الاحتلال توريد الوقود إلى غزة في 2019، كما هدد وزير الحرب حينها بني غانتس في 2020 بعمليات عسكرية موسعة بسبب استمرار استخدام البالونات الحارقة.
شمال فلسطين يشتعل
وفي إطار معركة “طوفان الأقصى”، استخدم حزب الله اللبناني الحرائق كسلاح تكتيكي ضد مواقع الاحتلال في شمال فلسطين المحتلة.
وتسبب ذلك في اندلاع 96 بؤرة حريق وفق القناة 14 العبرية، فيما قُدرت المساحات المتضررة بأكثر من 200 ألف دونم حتى نهاية 2024.
كما احترق نحو 90% من غابة جبل نفتالي، وفق ما أكده رئيس الصندوق اليهودي القومي، مشيرًا إلى أن الأضرار فاقت ما خلفته حرب لبنان الثانية بمرتين.