
في الوقت الذي تواصل فيه آلة الحرب الإسرائيلية ارتكاب المجازر بحق أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر 2023، لم تجد دولة الإمارات العربية المتحدة ما تعبّر به عن “تعاطفها الإنساني” سوى إصدار بيان تضامن مع الاحتلال الإسرائيلي في “يوم ذكرى المحرقة والهولوكوست”.
الإمارات تُحيي ذكرى الهولوكوست
فقد نشرت سفارة الإمارات في تل أبيب بيانًا رسميًا قالت فيه:“سفارة دولة الإمارات تعبّر عن أسفها وتضامنها بمناسبة يوم ذكرى المحرقة والبطولة – لن ننسى فظائع الماضي، وسنعمل من أجل مستقبل أفضل”.
ويأتي ذلك فيما يخضع قطاع غزة لحرب إبادة موصوفة، استأنفها الاحتلال الإسرائيلي فجر 18 آذار/مارس 2025، بعد هدنة دامت شهرين، في خرق مباشر لبنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ في 19 كانون الثاني/يناير.
وقد أسفرت الحرب حتى الآن عن استشهاد أكثر من 42 ألف فلسطيني، وإصابة ما يزيد عن 126 ألف آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود تحت الأنقاض، وسط دعم أميركي وأوروبي كامل وصمتٍ عربيٍّ رسميٍّ مستمر.
محرقة غزة المستمرة
وفي الوقت الذي تحرص فيه الإمارات على “ألا تُنسى فظائع الماضي”، تتجاهل بوعي الفظائع الحاضرة والمستمرة بحق شعب أعزل تُرتكب بحقه جريمة إبادة جماعية موثقة، أمام مرأى العالم.
فما يحدث في غزة اليوم، بشهادة المنظمات الحقوقية الدولية، هو واحدة من أبشع الكوارث الإنسانية في القرن الواحد والعشرين، من حيث حجم الدمار، وعدد الضحايا، والسياسات الممنهجة للتجويع والإبادة والتهجير.
خطوة متقدمة في التطبيع
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن الإمارات استقبلت في آذار/مارس الماضي، وفدًا رسميًا من قادة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، ضمن تحركات علنية لتكريس واقع الضمّ وتطبيع المستوطنات مع الدول العربية.
وقالت الصحيفة إن الوفد ضمّ شخصيات من مجلس “ييشع” الاستيطاني، بدعوة من المسؤول الإماراتي علي راشد النعيمي، حيث شاركوا في إفطار رمضاني رسمي بأبوظبي، إلى جانب لقاءات مع مسؤولين حكوميين ورجال أعمال ومؤثرين.
واعتبر قادة المستوطنات أن الزيارة تمثل “فرصة تاريخية لتثبيت وجودهم” في الضفة، وأن العالم العربي بات يرى فيهم طرفًا شرعيًا وشريكًا سياسيًا، وهو ما وصفته الصحيفة بأنه “تطبيع شامل مع المشروع الاستيطاني نفسه”.
ومن بيان التعاطف مع الاحتلال في يوم المحرقة إلى استقبال وفد من قادة المستوطنات الشهر الماضي في أبوظبي، تمضي الإمارات بثبات في مسار تطبيع لا يكتفي بتبادل المصالح، بل يوفّر الغطاء السياسي والأخلاقي لمشروع الإبادة والاستيطان، ويمنح الشرعية لكيان عنصري يشنّ حربًا مفتوحة على الوجود الفلسطيني.