تحليلات واراء

انقسام إسرائيلي حول الخطوات المقبلة للحرب في غزة

تشهد دولة الاحتلال الإسرائيلي انقساما حادا يتجلى في تضارب الآراء حول الخطوات المقبلة لحرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة وتداعياتها الإقليمية.

ووافقت الحكومة الإسرائيلية على استئناف المحادثات في 15 أغسطس/آب بشأن هدنة وتبادل الأسرى في غزة، تحت ضغط من الولايات المتحدة ومصر وقطر، في حين تستعد البلاد للرد المحتمل من إيران وحلفائها في المنطقة.

ومع اقتراب الحرب الإقليمية، كان لزاماً على الخلافات على أعلى مستويات الحكومة الإسرائيلية أن تتراجع إلى الخلف، على الأقل لفترة من الوقت.

فمنذ الضربة المزدوجة على بيروت وطهران ليلة الثلاثين من يوليو/تموز، كانت “إسرائيل” تتوقع رداً من إيران وحزب الله اللبناني، بدعم محتمل من حلفائهما في “محور المقاومة” (اليمن وسوريا والعراق).

ومن المتوقع أن تحاول إيران “ضرب هدف إسرائيلي مهم”، ويفضل أن يكون عسكرياً، كما ذكر مراقب مطلع، وأن يضرب حزب الله أراضي جاره بالصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار لعدة أيام، خارج منطقة الحدود، في محاولة لإرباك الدفاعات المضادة للطائرات.

ومن شأن هذا أن يؤدي إلى إثارة رد انتقامي آخر، هذه المرة من “إسرائيل”، وقد يكون نطاقه ذا خطورة غير مسبوقة.

وعلى هذه الخلفية، وكما يكرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشكل شبه يومي، فإن بلاده تستعد “للدفاع والهجوم”. ويقف وزير جيشه يوآف غالانت في طليعة هذه الاستعدادات.

ويكثف غالانت من عمليات تفتيشه للمعدات العسكرية، مدعياً ​​أن كل شيء جاهز لهذه الحرب، دون أن يذكر صراعين متشابكين آخرين: أولاً، الصراع الذي لا يزال مستمراً في غزة، وثانياً الصراع ــ الذي يلعب فيه غالانت دوراً مركزياً ــ الذي يحتدم بين رئيس الوزراء والمسؤولين عن أمن “إسرائيل”.

تزايد الانقسامات

منذ أشهر، تتزايد الانقسامات بين نتنياهو ورؤساء الجيش، من غالانت إلى كبار الجنرالات، بما في ذلك رئيس هيئة الأركان العامة، هيرتسي هاليفي، وانضم إليهم رؤساء أجهزة الاستخبارات، الموساد (خارجيًا) والشين بيت (داخليًا).

وتتغذى هذه الاختلافات العميقة على عاملين. أولاً، هناك الآن معارضة علنية بشأن قبول أو رفض اتفاق مع حماس في غزة، تم التوصل إليه بفضل الوساطة الأمريكية والمصرية والقطرية.

من شأن هذا أن يوفر إطارًا لوقف الحرب الإسرائيلية على مراحل وتبادل بين الأسرى الإسرائيليين البالغ عددهم 115 الذين ما زالوا في غزة والأسرى الفلسطينيين.

ثانيا، هناك صراع أكثر هدوءا حول المسؤولية عن الإخفاقات التي أدت إلى هجوم “طوفان الأقصى” الذي شنته حركة حماس على جنوب دولة الاحتلال في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

والاثنان مرتبطان، ولكن بمعنى منحرف، كما يقول المسؤولون الإسرائيليون، الذين يشعرون بأنهم يتعرضون للتلاعب من قبل رئيس وزراء قادر على التظاهر بالاستعداد للتفاوض بينما يعمل على تخريب العملية، معتقدين أن هذه اللعبة المزدوجة سوف تبرئه من نصيبه من المسؤولية عن السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

تخريب عملية التفاوض

عمد نتنياهو إلى تصعيد التوترات إقليميا في الشرق الأوسط عبر تنفيذ حملة اغتيالات استهدفت في المقام الأول تحقيق أهدافه السياسية والأمنية.

في الأسابيع الأخيرة، لعبت دولة الاحتلال الإسرائيلي على نقاط قوتها، لا سيما القدرة المذهلة لجهاز المخابرات الخاص بها، الموساد، على استهداف واغتيال قادة المقاومة مثل رئيس المكتب السياسي الخارجي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، ورئيس الأركان العسكرية لحزب الله، فؤاد شكر، في بيروت.

وبذلك، يكشف نتنياهو عن أولوياته واستراتيجيته. إنه مستعد لتصعيد التوترات في المنطقة بدلاً من السعي لتهدئتها.

ويستهدف نتنياهو بكل السبل ترسيخ قيادته السياسية في دولة الاحتلال، كما يريد أن يضع إدارة بايدن في زاوية سياسية ضيقة ويساعد دونالد ترامب على العودة إلى البيت الأبيض.

المصدر: صحيفة لوموند

Related Articles

Back to top button