السر الأبرز وراء الحملة الأمنية للسلطة الفلسطينية في جنين
رأي موقع Middle East Eye البريطاني، أن السر الأبرز وراء الحملة الأمنية للسلطة الفلسطينية ضد فصائل المقاومة في جنين هو خشيتها من تهميشها في غزة من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والإمارات العربية المتحدة.
وبحسب الموقع وتخيم على معركة السلطة الفلسطينية مع الجماعات المسلحة المناهضة للاحتلال في جنين مخاوف من أن ترامب مستعدا لتهميش قادة السلطة الفلسطينية الحاليين في قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب في المستقبل لصالح الإمارات العربية المتحدة وحلفائها الفلسطينيين.
وقد دفعت هذه المخاوف السلطة الفلسطينية إلى شن حملة أمنية أكبر على مدينة جنين، بدلاً من عملية أصغر في مخيم طولكرم للاجئين والتي اقترحها المسؤولون الأميركيون في الأصل، بحسب ما قاله مسؤول مصري ومسؤول إسرائيلي كبير سابق ومسؤول أميركي كبير سابق للموقع.
وبدأت السلطة الفلسطينية عمليتها في بداية شهر ديسمبر/كانون الأول. ومنذ ذلك الحين، أسفرت المعارك عن قتل 16 فلسطينياً على الأقل، بما في ذلك ستة من أفراد قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وثمانية فلسطينيين على الأقل من سكان المدينة، بما في ذلك أب وابنه.
وتأتي مخاوف السلطة الفلسطينية من تهميشها في قطاع غزة بعد الحرب وسط إشارات إلى احتمال اقتراب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع.
التهميش من ترامب
كانت السلطة الفلسطينية في قلب خطة إدارة بايدن لحكم قطاع غزة بعد الحرب منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية على القطاع في 7 أكتوبر 2023 حتى مع رفض الحكومة الإسرائيلية أي دور للسلطة.
لكن عودة ترامب إلى البيت الأبيض بعد أقل من أسبوعين أضافت أجواء من عدم اليقين إلى مستقبل السلطة الفلسطينية.
خلال فترة ولايته الأولى، خفض ترامب مستوى العلاقات الدبلوماسية مع السلطة الفلسطينية بإغلاق القنصلية الأميركية للفلسطينيين في القدس المحتلة، وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن العاصمة.
ولم تتراجع إدارة بايدن عن أي من هذه الخطوات التي اتخذت في عهد ترامب.
كان صهر ترامب، جاريد كوشنر، يكره السلطة الفلسطينية ويحاول خنق أي تعاون أمريكي مع السلطة. وبلغت هذه التوترات ذروتها عندما قرر ترامب قطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية.
وذكر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني قبل أيام، أن السلطة الفلسطينية طلبت مؤخرا مئات الملايين من الدولارات كمساعدات أمنية إضافية من الولايات المتحدة وسط عملية جنين.
وقال المسؤول الأميركي الكبير السابق إن السلطة الفلسطينية من المرجح أن تواجه تحديا صعبا في الحصول على أي أموال من إدارة ترامب المقبلة.
ويقول مسؤولون إقليميون إن حكام السلطة الفلسطينية يواجهون طريقا أكثر صعوبة مع إدارة ترامب الثانية لأن الحرب في غزة وفرت فرصة لمنتقديهم الأبرز في الخليج العربي، الإمارات للدفع نحو تغيير القيادة الفلسطينية.
وقال المسؤول المصري المطلع على الأمر “لقد غضب محمود عباس من المقترحات الإماراتية. والعملية في جنين هي رد السلطة الفلسطينية”.
لقد عرضت الإمارات علناً إرسال قوات حفظ سلام إلى قطاع غزة لتحل محل القوات الإسرائيلية عندما تنتهي الحرب. وقد اشترطت أبوظبي لهذا العرض إصلاح السلطة الفلسطينية بحيث لا تمارس السيطرة الأمنية في القطاع المدمر في بداية المهمة.
وبالإضافة إلى هذه الخطة، قال المسؤول المصري إن السلطة الفلسطينية اطلعت على عدة مقترحات لإدارة غزة من خلال شركات أمنية خاصة. وقد درست الحكومة الإسرائيلية بالفعل عدة مقترحات لشركات أمنية غربية خاصة لتوفير الأمن لقوافل المساعدات في قطاع غزة.
وقالت تهاني مصطفى، المحللة البارزة في مجموعة الأزمات الدولية في الشأن الفلسطيني: “إن السلطة الفلسطينية تنفذ مهمة انتحارية في جنين. لقد أذلت نفسها وأساءت سمعتها بشكل كامل”.
وأضافت “[لكن] السلطة الفلسطينية تشعر بالقلق من أن وجود إدارة جديدة في غزة لا تنتمي إليها سوف يؤدي إلى تحويل كل تمويلها إلى الضفة الغربية. والواقع أن خوفها النهائي يتلخص في أن يتحول مركز الثقل السياسي من الضفة الغربية إلى غزة، الأمر الذي قد يتركها في مأزق لا مخرج منه”.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير سابق إنه على الرغم من أن التقارير الإعلامية الإسرائيلية أشادت بالعملية في جنين، فإن المؤسسة الأمنية اعتبرتها فشلاً عاماً.
وذكر المسؤول الإسرائيلي السابق “تقديري أنهم سيسقطون في الشارع الفلسطيني”.
وينظر إلى السلطة الفلسطينية إلى حد كبير على أنها غير فعالة، وفاسدة، ومتعاونة مع الاحتلال الإسرائيلي بين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
وذكر المسؤول المصري ومسؤول من فتح أن دافع السلطة الفلسطينية لإثبات أنها شريك أمني قوي لإدارة ترامب المقبلة مدفوع بمستوى أكثر تعقيدا من التنافس والمكائد.
وداخل النخبة في قيادة السلطة، هناك خلاف بين عباس، الذي حكم الضفة الغربية دون انتخابات منذ عام 2006، ورجل فتح القوي السابق في غزة، محمد دحلان.
ويقيم دحلان في الإمارات وهو مبعوث لعائلة آل نهيان الحاكمة في أبوظبي.
وتحدثت تقارير غربية قبل أشهر أن الولايات المتحدة و(إسرائيل) والإمارات يعملون على خطة لإنشاء لجنة وطنية من القادة الفلسطينيين لإدارة غزة، وهو ما من شأنه أن يؤدي في نهاية المطاف إلى تولي دحلان خلافة عباس.