كيف تصاعد العدوان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة منذ 7 أكتوبر؟
تنفذ قوات الاحتلال الإسرائيلي غارات شبه يومية على المدن والبلدات في مختلف أنحاء الضفة الغربية المحتلة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 650 فلسطينيا واعتقال أكثر من 10 آلاف آخرين.
ورافق التصعيد العسكري زيادة في عمليات التنكيل والطرد وهدم المنازل والعنف الذي يمارسه المستوطنون وتوسيع المستوطنات.
وقد تضاعفت الغارات والعمليات العسكرية لجيش الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة “أكثر بثلاثة أضعاف” على الأقل منذ بدء حرب الإبادة في غزة.
وتستهدف معظم الغارات مخيمات اللاجئين، حيث تعرض خيمي جنين ونور شمس لغارات متكررة.
وفي 19 تشرين الأول/أكتوبر، حاصرت القوات الإسرائيلية قرية نور شمس، وهدمت بنيتها التحتية، مما أسفر عن استشهاد سبعة فلسطينيين على الأقل.
وفي 9 نوفمبر/تشرين الثاني، نفذت القوات الإسرائيلية غارة قاتلة على مدينة جنين ومخيمها للاجئين، مما أسفر عن استشهاد 11 مواطنا على الأقل.
وبعد أكثر من أسبوع بقليل، قتلت القوات الإسرائيلية سبعة فلسطينيين خلال غارة استمرت 15 ساعة في طولكرم، في عملية توغل شملت قصف منزل بطائرة بدون طيار، وإلقاء الغاز المسيل للدموع على مستشفى، ومنع سيارات الإسعاف من الوصول إلى الجرحى، وإلحاق دمار شامل بالطرق والمحلات التجارية.
وفي أواخر شهر ديسمبر/كانون الأول، شنت القوات الإسرائيلية هجوماً استمر عدة أيام على مدن في مختلف أنحاء الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك الخليل وحلحول ونابلس وجنين وطولكرم والبيرة وأريحا ورام الله.
وفي يناير/كانون الثاني، قامت قوات كوماندوز إسرائيلية متنكرين في زي مسعفين ومرضى ومدنيين فلسطينيين آخرين بمداهمة مستشفى في جنين، مما أسفر عن استشهاد ثلاثة مواطنين.
وفي شهر إبريل/نيسان، شنت القوات الإسرائيلية هجوماً آخر استمر عدة أيام على مخيم جنين للاجئين، مما أسفر عن استشهاد 14 فلسطينياً وإصابة العشرات.
وتبع ذلك اقتحام واسع النطاق آخر للمخيم في يونيو/حزيران، حيث قتلت القوات الإسرائيلية خمسة فلسطينيين، بينهم طفل.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن 120 فلسطينياً على الأقل استشهدوا نتيجة هجمات المستوطنين.
وهذا أعلى من حصيلة الشهداء الفلسطينيين التي بلغت 199 فلسطينياً في هجمات لجيش الاحتلال والمستوطنين في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023.
كم عدد الذين تم اعتقالهم؟
بحسب جمعية نادي الأسير الفلسطيني، اعتقلت القوات الإسرائيلية أكثر من 10200 فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفي مارس/آذار، أفادت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان أن 9100 أسير ما زالوا في السجون الإسرائيلية، مقارنة بـ 5200 أسير كانوا محتجزين في السجون الإسرائيلية قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وذكرت المؤسسة أن طبيعة اعتقالات الفلسطينيين أصبحت أكثر عنفا منذ أكتوبر/تشرين الأول، إذ أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تقوم في كثير من الأحيان بمداهمة منازل المعتقلين وتخريبها والاعتداء عليهم وتهديد عائلاتهم.
ويواجه المعتقلون بعد ذلك ظروفاً قاسية في السجون الإسرائيلية، مع توثي شهادات مروعة عن التعذيب المنهجي والاعتداء الجنسي على الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وذكرت مؤسسة الضمير أنه حتى شهر مارس/آذار من هذا العام، توفي 10 أسرى على الأقل من الضفة الغربية أثناء الاحتجاز.
مصادرة الأراضي
استخدمت سلطات الاحتلال حربها على غزة كغطاء لتصعيد دراماتيكي في عمليات الاستيلاء على الأراضي ومصادرتها في الضفة الغربية المحتلة.
وبحسب منظمة السلام الآن الإسرائيلية المناهضة للاستيطان، فقد استولت سلطات الاحتلال على 23.7 كيلومتر مربع (9.15 ميل مربع) من الأراضي الفلسطينية هذا العام، وهو ما يتجاوز إجمالي الأراضي التي تم الاستيلاء عليها على مدى السنوات العشرين الماضية مجتمعة.
كما ارتفعت عمليات هدم المنازل. فمنذ أكتوبر/تشرين الأول، هدمت السلطات الإسرائيلية أو أغلقت 38 مبنى بشكل عقابي، مما أدى إلى تهجير 170 شخصًا. وهذا ضعف الرقم المسجل في عام 2023.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية، هدمت القوات الإسرائيلية والمستوطنون 1,429 مبنى وشردت 3,244 فلسطينيا.
وقد مهد هذا الدمار الطريق أمام التوسع الاستيطاني على نطاق واسع.
وبحسب منظمة السلام الآن، تم إنشاء 44 بؤرة استيطانية في عامي 2023 و2024، مقابل ثمانية بؤر استيطانية في عام 2022.
وفي عام 2023، حصل وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش على سلطات واسعة النطاق بشأن القضايا المدنية في الضفة الغربية، مما يمنح إدارته الجديدة للمستوطنات سلطة تسريع عمليات الهدم وإنشاء مستوطنات جديدة.
وفي أواخر يونيو/حزيران، وافق سموتريتش على بناء خمس بؤر استيطانية إسرائيلية، قائلاً إن هذه الخطوة جاءت رداً على الإجراءات القانونية التي اتخذتها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل في المحاكم الدولية، والاعتراف الأخير بدولة فلسطين من قبل خمس دول أوروبية.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال سموتريتش على قناة X إن “إسرائيل” وسعت بناء المستوطنات “لإزالة التهديد” المتمثل في قيام الدولة الفلسطينية.
إرهاب المستوطنين
رافق التوسع الاستيطاني وعززه ارتفاع حاد في هجمات المستوطنين، مما ساعد على تهجير مجتمعات الرعاة الفلسطينيين في تلال جنوب الخليل وغور الأردن والقدس الشرقية، وتعزيز البؤر الاستيطانية.
وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ففي الفترة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول و12 أغسطس/آب من هذا العام، كان هناك حوالي 1250 هجوماً للمستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، و1000 حادثة من الأضرار بالممتلكات.
وشهدت الضفة الغربية على مدى سنوات زيادة في عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، مع قيام الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بتسليح الجماعات اليمينية المتطرفة.
لكن بحسب صحيفة هآرتس، منذ أكتوبر/تشرين الأول، تكثفت الهجمات وتلقت دعماً حكومياً واضحاً بشكل متزايد.
وتخضع هذه الهجمات في كثير من الأحيان لإشراف عسكري، وأصبحت رسمية بشكل متزايد من خلال إنشاء وحدة الحدود الصحراوية التابعة للجيش الإسرائيلي، والتي جندت أعضاء من جماعة المستوطنين اليمينية المتطرفة العنيفة “شباب التلال”.
وفي شهر مايو/أيار، ذكرت صحيفة هآرتس أن ما لا يقل عن 17 تجمعاً زراعياً فلسطينياً قد تم محوها وسط تصاعد هجمات المستوطنين.