معالجات اخبارية

النساء الحوامل في غزة يواجهن زيادة في حالات الإجهاض والتشوهات الخلقية

تواجه النساء الحوامل في غزة زيادة في حالات الإجهاض والتشوهات الخلقية في وقت تؤكد منظمة الصحة العالمية أن نحو 95% من النساء الحوامل والمرضعات في القطاع يعانين من فقر غذائي شديد.

وقد شعرت وفاء مهنا (31 عاماً) بفرحة عارمة بعد أن تبين أنها حامل بمولودها الأول بعد سبع سنوات من محاولات الإنجاب، لكن هذه الفرحة لم تدم طويلاً حيث تعرضت للإجهاض بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة.

تقول مهنا “أجبرتنا الحرب على النزوح من منزلنا في مدينة غزة، وفي ذلك اليوم لم تكن هناك سيارات لنقل النازحين، فاضطررت للسير مسافة طويلة وصلت إلى ستة كيلومترات حتى وصلت إلى منزل أقاربنا”.

وتضيف “بعد ساعات قليلة بدأت مهنا تشعر بآلام شديدة في بطنها وأسفل ظهرها ثم شعرت بدماء في ملابسي الداخلية، وأدركت حينها أنني سأفقد جنيني في الشهر الثالث من الحمل”.

وتابعت “هذه الحرب قتلت أحلامي بإنجاب طفل ينطق باسمي أو يناديني ماما، فما ذنب هؤلاء الأطفال والرضع والأجنة حتى يقتلوا في حرب ليس لهم ذنب فيها؟”.

ارتفاع حالات العيوب الخلقية

تسببت حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 في زيادة كبيرة في حالات الإجهاض بين النساء الحوامل، بسبب الصدمات النفسية والنزوح المتكرر وسوء التغذية ونقص الأدوية والتطعيمات اللازمة أو المرافق التي تساعد في عملية الولادة.

وذكرت منظمة الصحة العالمية أن حوالي 95٪ من النساء الحوامل والمرضعات في غزة يعانين من فقر غذائي شديد، “حيث يقتصرن على استهلاك نوعين أو أقل من المجموعات الغذائية يوميًا، والأطعمة المتوفرة ذات قيمة غذائية منخفضة”.

وهذا ما حدث لمروة مرتجى (29 عامًا)، التي نزحت من مدينة غزة إلى مخيم دير البلح وسط غزة. إذ أجهضت طفلها الثالث في شهرها الثاني من الحمل في يناير الماضي بسبب سوء التغذية وعدم القدرة على الحصول على الأدوية المناسبة.

وقالت مرتجى “مررت بأسابيع صعبة خلال حملي بسبب سوء التغذية ونقص اللحوم والدواجن”، مشيرة إلى أن طبيبها نصحها بتناول الفيتامينات وحمض الفوليك لمنع التشوهات، والأدوية لتثبيت الحمل.

وأشارت مرتجى إلى أنها تمكنت من الحصول على حمض الفوليك في عيادات وكالة الأونروا الطبية، لكنها لم تتمكن من الحصول على تثبيت الحمل، لعدم توفره في العيادات أو حتى الصيدليات الخاصة.

وأضافت “بسبب الحرب أجهضت جنيني، وشعرت وقتها كيف يتم إهدار حقوقنا وانتهاكها دون أي حماية دولية للنساء الحوامل”.

وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في بيان نشر في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني إن نحو 70% من الشهداء الفلسطينيين في حرب إسرائيل على غزة من النساء والأطفال.

وأدان المكتب انتهاك دولة الاحتلال الإسرائيلي المنهجي للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي.

تضاعف حالات الإجهاض

أكد الدكتور ماهر كوارع استشاري أمراض النساء والتوليد بمجمع ناصر الطبي في خان يونس جنوب قطاع غزة لوكالة أن معدلات الإجهاض والتشوهات الخلقية لدى الأجنة ارتفعت بشكل ملحوظ خلال الحرب الإسرائيلية.

وذكر أن مجمع ناصر يسجل نحو 10 حالات إجهاض و20-30 عملية قيصرية يومياً، مقارنة بحالتين إجهاض و10 عمليات قيصرية يومياً قبل الحرب.

وأكد كوارع، أن الضغوط النفسية الناتجة عن القصف المتواصل وقتل الأقارب خلال الغارات الإسرائيلية، بالإضافة إلى النزوح المتكرر وسوء التغذية، هي أهم أسباب الإجهاض خلال هذه الفترة.

وأشار إلى أن عدم توفر اللقاحات اللازمة للسيدات الحوامل ساهم أيضاً في ارتفاع معدلات الإجهاض، بالإضافة إلى نقص مواد النظافة الأساسية التي تعيق الحفاظ على صحة المواليد، مما يؤدي إلى انتشار الأمراض المعدية بينهم وبالتالي زيادة معدلات الوفيات.

وذكر أيضاً أن بعض الأجنة تولد بتشوهات خلقية أو قبل اكتمال نمو الرئتين، مما يزيد من احتمالات وفاتها، وأوضح أن نمو المواليد يتأثر أيضاً بنقص التغذية للأمهات، ونقص الحليب الطبيعي والصناعي في الأسواق.

وأشار إلى أن الانخفاض الكبير في أعداد المواليد في غزة هو نتيجة لظروف النزوح المستمر وفقدان الاستقرار المكاني للأسر، بالإضافة إلى انعدام الخصوصية داخل مراكز الإيواء ومخيمات النزوح.

لا حماية للنساء الحوامل في غزة

قانونيا يضمن القانون الدولي حماية المرأة الحامل من مخاطر الإجهاض اثناء الحروب بحسب تصريحات رئيس اللجنة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبد العاطي.

وأوضح عبد العاطي أن هناك العديد من الاتفاقيات والنصوص القانونية التي توفر حماية خاصة للمرأة الحامل وتؤكد على حقها في السلامة والرعاية.

وذكر أن اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية وخاصة البروتوكول الإضافي الأول الصادر عام 1977 تلزم الأطراف المتحاربة بتوفير الرعاية الطبية اللازمة للمرأة الحامل ومنع تعرضها للأذى أو العنف.

كما أكد أن القانون الدولي الإنساني يلزم الأطراف المتحاربة باتخاذ كافة التدابير لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين بما فيهم النساء الحوامل ويؤكد على حظر استهداف المرافق الصحية التي تقدم لهن الرعاية الطبية.

وأشار عبد العاطي إلى قرار مجلس الأمن رقم 1325 الصادر عام 2000 بشأن المرأة والسلام والأمن والذي يعزز أهمية حماية المرأة والفتيات أثناء النزاعات المسلحة ويضمن حقهن في السلامة الصحية.

وأكد الخبير القانوني أن القانون الدولي يعتبر الإجهاض الناتج عن العنف أو التعذيب جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية، ويُلزم الأطراف المتحاربة باتخاذ التدابير اللازمة لحماية النساء الحوامل من العنف والانتهاكات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى