قراءة في التحول الأمريكي اللافت بالتحاور المباشر مع حماس

يبرز مراقبون التحول الأمريكي اللافت بالتحاور المباشر مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وما يحمله ذلك من تداعيات سواء لجهة كسر الرواية الإسرائيلية إزاء فصائل المقاومة أو لمستقبل التعامل مع القضية الفلسطينية.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها، اجتمع مباشرة ممثّل رسمي، مخوّل من الرئيس الأميركي، ووفد قيادي رفيع المستوى من حركة حماس. وأهمية هذا الاختراق كبيرة من ناحية أنه لقاء مباشر بين الممثل الأقوى المساند لدولة الاحتلال، وممثل عن المقاومة (وإن في إطار صفقة التبادل).
ورغم أن الضغوط الإسرائيلية المؤيدة لدولة الاحتلال في الولايات المتحدة أجبرت إدارة ترامب على التراجع المؤقّت عن محاولة تثبيت المفاوض الأميركي المقرّب من ترامب، آدم سميث بولر، إلا أن الأمر خرج عن إرادة دولة الاحتلال، كما تابعنا قبول حماس اقتراح إطلاق سراح جندي إسرائيلي أمريكي.
ويرى مدير مركز مسارات للأبحاث والدراسات في رام الله هاني المصري، أن التحول الأمريكي بفتح حوار مباشر مع حماس هو نوع من الاعتراف الواقعي بالحركة وقوتها على الأرض.
ويبرز المصري أن هذا التحول الأمريكي يمثل تجاوزا لكل الاشتراطات التقليدية التي تبنتها الإدارات الأمريكية فيما يخص التعامل مع حركة حماس وفصائل المقاومة.
ويشير المصري إلى أن لدى حماس عدة أوراق تفاوض فيها من موضع قوة، منها احتفاظها بسلاح وخيار المقاومة، وما لديها من أسرى إسرائيليين، فضلا عن عدم وجود جهة توازيها بالقوة والنفوذ في غزة.
من جهته يرى الصحفي داود كتّاب أن الحوار الأمريكي المباشر مع حماس “محاولةً مهمةً لكسر الاحتكار الإسرائيلي للرواية ونقلها إلى الطرف الأميركي بشكل مباشر”.
ويشير كتّاب إلى أنه في حالة المفاوضات، لطالما استخدمت دولة الاحتلال تكتيك التشويه والتحريض لإرباك المفاوضين وتضليلهم، لتصديق ما تريد منهم تصديقه بشأن موقف حماس من مختلف القضايا، كما إغراق موجات الأثير بمختلف الأكاذيب، ما سبب حالةً من الصمت في الرأي العام تسمح لهم بالإفلات بما يريدون.
وينبه إلى أنه في الغالب، كانت الولايات المتحدة، بمن في ذلك بعض الأشخاص في البيت الأبيض، الذين يعتمدون على قناة معلومات واحدة فقط، مخدوعين باستمرار للاعتقاد أن حماس دائماً العائق في كلّ محاولة لإطلاق سراح أسرى.
لكن، في اللحظة التي التقى فيها ممثّل للجانب الأميركي بمسؤول من حماس، من دون وجود أيّ إسرائيلي (يحرّف الرواية)، أعلن الأميركي تقدّماً كبير، كما صرح بدقة أن وظيفته تمثيل المصالح الأميركية، وأنه ليس عميلاً لإسرائيل، في سخرية واضحة من صهاينة عديدين ذوي نفوذ في إدارة ترامب.
وليس من الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستواصل جهودها في المفاوضات المباشرة، فقد صرّح وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، وهو عضو مؤيّد لإسرائيل في الحكومة الأميركية، إن الاجتماع كان مرّة واحدة ولن يتكرّر.
قد يكون الأمر كذلك، لكن المارد خرج من القمقم، والأميركيون يدركون مباشرةً مدّة الخداع الإسرائيلي لهم ومداه. مع ذلك، محاولة إنهاء جهد بدا وكأنه يُحرز تقدّماً، تُعدّ، في حدّ ذاتها، دليلاً على السعي الإسرائيلي إلى مواصلة احتكار الرواية، حتى مع أفضل حلفائها، الولايات المتحدة.
وبحسب كتّاب فإنه إذا استمرّ تعثر محادثات وقف إطلاق النار الدائم وإنهاء الحرب على غزّة في التعثّر، فليس مؤكداً أن البيت الأبيض لن يحاول إعادة إرسال مبعوثه لمعرفة المزيد مباشرةً من حماس.
ويختم بأنه من الضروري أن يكون الجميع على يقين بأهمية اللقاءات العربية الأميركية على المستويات كافّة، وبصورة مستمرة لكسر الهيمنة الاحتلالية ولتصحيح العلاقة غير المتكافئة.