الاحتلال يضغط بسلاحي القتل والتجويع بهدف التطهير العرقي في قطاع غزة
يضغط جيش الاحتلال الإسرائيلي بسلاحي القتل والتجويع بهدف التطهير العرقي في قطاع غزة عبر تصعيد إصدار أوامر الإخلاء القسري للمواطنين في امتداد لنهجه المستمر منذ بدء حرب الإبادة الجماعية قبل عام.
ففي الفترة ما بين الخامس والسابع من أكتوبر/تشرين الأول، أصدر الجيش الإسرائيلي أربعة أوامر إخلاء جديدة لـ: 11 كتلة سكنية في مخيمي البريج والنصيرات للاجئين في شمال دير البلح؛ ومحافظتي غزة وشمال غزة؛ و31 حياً في شمال غزة بما في ذلك بيت حانون وجباليا وبيت لاهيا؛ وثمانية أحياء في خان يونس.
ووفقاً لنفس الإعلانات الصادرة عن الجيش الإسرائيلي، فقد توسعت المنطقة المخصصة لبقاء المدنيين (المواصي) في البداية بمقدار 10.71 كيلومتراً مربعاً ثم تقلصت بعد ذلك بمقدار 1.4 كيلومتراً مربعاً.
وحتى السابع من أكتوبر/تشرين الأول، تقدر المساحة المخصصة لبقاء المدنيين من قبل “إسرائيل” لإعادة توطينهم بـ 57 كيلومتراً مربعاً أو نحو 15% من قطاع غزة.
تقليص شديد في مساحات النزوح
وفي الوقت الحاضر، تشكل المساحة الإجمالية التي تغطيها أوامر الإخلاء في قطاع غزة، باستثناء تلك التي تم إلغاؤها، نحو 84% من قطاع غزة.
وتؤثر هذه الأوامر على مئات الآلاف من الناس، وخاصة في شمال غزة حيث يتعرض أكثر من 400 ألف شخص لضغوط للانتقال جنوباً إلى منطقة المواصي، التي تعاني بالفعل من الاكتظاظ وتفتقر إلى الخدمات الأساسية.
كما يواجه الوصول الإنساني خطر التعرض لمزيد من القيود، وخاصة بين جنوب وشمال غزة، وكذلك إمكانية الوصول إلى المرافق الإنسانية الرئيسية ووظائفها داخل المناطق المقرر إخلاؤها.
وتشير التقديرات الأولية من مجموعة عمل إدارة المواقع التابعة للأمم المتحدة، إلى أن حوالي 50 ألف شخص انتقلوا بالفعل من شمال غزة إلى مدينة غزة، وانتقل أكثر من 20 ألف شخص من مخيمي النصيرات والبريج للاجئين إلى جنوب دير البلح وخان يونس.
وأفاد فريق العمل المعني بالطوارئ بأن هناك 12 موقعاً للنازحين داخلياً في المناطق المتضررة حديثاً بهذه الأوامر في شمال دير البلح، بالإضافة إلى أكثر من 300 مريض في المستشفى الإندونيسي ومستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة في شمال غزة وفقاً لمجموعة الصحة، وعشرات المرافق التي تقدم خدمات الصحة والمياه والنظافة والصرف الصحي والتعليم الأساسية.
بشكل عام، أفادت منظمة الصحة العالمية أن 10 مستشفيات بسعة إجمالية تبلغ 730 سريراً، و19 مركزاً للرعاية الصحية الأولية، و32 نقطة طبية في محافظتي شمال غزة وغزة معرضة لخطر التأثر بالوضع المتفاقم.
وإذا لم تتمكن منظمة الصحة العالمية وشركاؤها من الحفاظ على تشغيل هذه المرافق، فقد يتعين إيقاف الخدمات الصحية الحرجة في وحدات العناية المركزة وغرف العمليات وأقسام الولادة ووحدات غسيل الكلى وأقسام الطوارئ بشكل مفاجئ.
بالإضافة إلى ذلك، يجب توصيل الإمدادات الصحية الأساسية والأدوية على الفور إلى هذه المرافق، بما في ذلك المواد الطبية التي تستخدم لمرة واحدة لعلاج الإصابات والأدوية للمرضى المصابين بأمراض غير معدية.
تؤكد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى أن حجم الإمدادات التي دخلت غزة -سواء التجارية أو الإنسانية- في سبتمبر/أيلول كان الأدنى منذ مارس/آذار 2024 على الأقل، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن يتدهور الوضع أكثر.
وتُظهِر دراسة استقصائية أجرتها اليونيسيف في منتصف سبتمبر/أيلول لأكثر من 2500 متلقٍ للمساعدات النقدية الإنسانية أن توافر السلع والتنوع الغذائي للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و23 شهرًا والنساء الحوامل والمرضعات انخفض في جميع مناطق غزة مقارنة بشهر يوليو/تموز.
ووفقًا لاستجابات الدراسة الاستقصائية، فإن أكثر من 35 في المائة من الأطفال و40 في المائة من النساء الحوامل والمرضعات تناولوا نوعًا واحدًا فقط من الطعام في اليوم السابق للمسح، وأن 30 في المائة في كلتا المجموعتين تناولوا نوعين فقط من الطعام.
وعلاوة على ذلك، تناولت خمسة في المائة فقط من النساء الحوامل والمرضعات منتجات الألبان، وتناول ستة في المائة من الأطفال بعض اللحوم، مع انخفاض هذه النسب إلى واحد وثلاثة في المائة في شمال غزة على التوالي.
وأظهر المسح، الذي استكملته زيارات شخصية للأسواق، ارتفاعات أخرى في أسعار المواد الغذائية الأساسية في شمال غزة. على سبيل المثال، أصبح سعر الأرز والزيت النباتي في شمال غزة الآن أكثر من 5 دولارات أمريكية للكيلوغرام أو اللتر، بينما ظل أكثر بأسعار معقولة في دير البلح وخان يونس (أقل من 2 دولار للكيلوغرام و2.5 دولار للتر على التوالي).
وبحسب برنامج الغذاء العالمي، فإن دقيق القمح والأغذية المعلبة هي المواد الغذائية الوحيدة المتوفرة في الأسواق في المحافظات الشمالية. أما منتجات الألبان فهي غير متوفرة، في حين تعاني الخضراوات والفواكه والبيض والزيوت النباتية من نقص حاد وأسعارها مرتفعة للغاية.
وفي دير البلح وخان يونس، لا يزال دقيق القمح والأغذية المعلبة والأرز والبقول والزيوت النباتية متوفرة. ومع ذلك، هناك نقص معتدل في الخضراوات والبيض، في حين تعاني منتجات الألبان من نقص حاد.
وتشير التقارير إلى أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية في السوق يرجع جزئياً إلى الزيادات الهائلة في تكاليف جلب الإمدادات التجارية، بما في ذلك تصاريح الاستيراد الباهظة، وتكاليف النقل، والرسوم المدفوعة لشركات الأمن الخاصة لتأمين الشاحنات.
ولم يدخل غاز الطهي إلى شمال غزة لمدة اثني عشر شهرًا متتالية، في حين أن سعر الحطب في السوق يجعله غير متاح لمعظم الأسر.
وبحسب تقارير برنامج الأغذية العالمي، يتم الحصول على الحطب الموجود في الأسواق من بقايا المنازل المهدمة والأثاث وأعمدة الكهرباء ، وأسعاره المرتفعة نسبيًا، إلى جانب النقص الحاد في الغاز “تدفع المزيد من الناس إلى فقر الطاقة”.
ويستمر هذا في إجبار الأسر النازحة، التي تعد من بين أكثر الناس ضعفًا، على الطهي عن طريق حرق الخشب والبلاستيك من النفايات، مما يعيق إعداد الطعام بشكل صحيح، ويؤدي إلى تفاقم المخاطر الصحية ويسبب مخاطر بيئية، بما في ذلك خطر اندلاع حرائق في مواقع الخيام المكتظة بشدة.