دراسة تكشف حجم تآمر النظام المصري في حرب الإبادة على غزة
كشفت دراسة تحليلية موسعة حجم تآمر النظام المصري في حرب الإبادة على غزة بما في ذلك مشاركة القاهرة في الحصار والحرمان من الحقوق وتجريم التضامن مع القضية الفلسطينية.
وصدرت الدراسة عن “منصة اللاجئين في مصر” تحت عنوان: (وين يروحوا؟) في إشارة إلى الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة.
وسلطت الدراسة الضوء على غياب الاستجابة المصرية للكارثة الإنسانية في القطاع سواء حركة النزوح من القطاع إلى مصر، أو حركة خروج المرضى والجرحى، أو حركة المساعدات الإنسانية، أو أوضاع النازحين الفلسطينيين في مصر ومدى وصولهم إلى الخدمات الأساسية، وأخيرا تعامل النظام السياسي المصري مع حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني.
ورصد باحثو المنصة هذه الاستجابة بشكل معمق، بدءا من أوضاع معبر رفح مع اندلاع حرب الإبادة، راصدًا الإملاءات الإسرائيلية التي فرضت حصارا خانقا على حركة المساعدات وحركة خروج المرضى والجرحى، وعملية التنسيق الأمني لخروج الأفراد، ثم وضع المساعدات بعد احتلال الجيش الإسرائيلي للمعبر من الجانب الفلسطيني.
وجاء في مقدمة الدراسة: “وين نروح؟” تردد السؤال على مسامعنا، وصوتٌ مهزوز على وعينا وسوف يتكرر مرارًا وتكرارًا. هكذا يسأل الفلسطيني نفسه كل يوم، داخل القطاع وخارجه.
“وين نروح؟” إنه السؤال الذي يوضح حجم الكارثة، والإجابة التي توضح حجم المعاناة الإنسانية. لم يعد هناك مكان في ذلك العالم لم يعد في مقدور أحد أن يشير إليه أنه “آمن”.
كما أن “وين نروح؟” لم يعد سؤال الفلسطينيين وحدهم، بل أصبح سؤال العالم كله في ظل تأكل مساحات التضامن والاستهداف، والإغلاق في زمن الإبادة والحصار والتجويع.
معبر رفح من الحصار إلى الاحتلال
بينما زادت الأوضاع سوءاً نتيجة الحصار المستمر وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية، وعدم وضوح آلية العبور، دفعت هذه الظروف المأساوية القاتلة مئات الآلاف من الغزّيين/ات إلى النزوح القسري داخلياً مرات متتالية، ودفعت الآلاف منهم إلى الاضطرار إلى النزوح الخارجي، كان الطريق الوحيد للخروج إلى العالم عبر مصر، بينما كان الطريق الرئيسي لعبور المساعدات إلى القطاع عبر مصر ويشكل رئيسي “معبر رفح الحدودي”.
ويعد معبر رفح الشريان الوحيد الذي يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي عبر مصر، ويستخدم منفذًا رئيسيًا للأفراد والمساعدات الإنسانية في ظل الحصار المفروض على القطاع.
وقد ازدادت أهمية المعبر منذ بداية حرب الإبادة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ إنه الوسيلة الوحيدة (التي لا يتحكم بها الاحتلال) لإدخال المساعدات والعلاج، كما أنه وسيلة نقل الجرحى والمصابين لتلقي العلاج خارج غزة، بالإضافة إلى كونه منفذًا لحركة المسافرين عبر التنسيق الخاص، العبور من خلال التنسيق الصحي للجرحى، والتنسيق عبر شركة هلا للسفر.
ومع بدء حرب الإبادة في غزة، كان معبر رفح محورًا حيويًا لنقل الجرحى والمصابين لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية وخارجها.
وتتم هذه العملية عبر آلية تنسيق مشددة بين وزارة الصحة في غزة والسلطات المصرية، إضافة إلى موافقة الاحتلال الإسرائيلي على الأسماء.
وعادةً ما تكون القوائم المرسلة إلى الجانب المصري تحتوي على أسماء المصابين الذين يحتاجون إلى علاج عاجل أو يمكن توفيره في المستشفيات المكتظة والمتضررة في القطاع.
ويعتمد وقت عبور الجرحى بشكل كبير على الإجراءات البيروقراطية التي تشمل: فحص الوثائق، والتأكد من صحة الأسماء، المرسلة على القوائم، والموافقة الإسرائيلية التي تمتد لفترة تستغرق عملية التنسيق مدةً طويلة، وأفادت تقارير وزارة الصحة الفلسطينية بوفاة العديد من المرضى والجرحى في أثناء انتظار تنسيق خروجهم.
عبور الأفراد من خلال شركة هلا الربحية
شركة هلا المصرية التي أسسها إبراهيم جمعة الجبالي، حظيت بدور محوري في عمليات نقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر عبر معبر رفح، خاصة في ظل الظروف الحالية التي تفاقمت منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023.
عملت “هلا” منذ تأسيسها في 2019، على تقديم خدمات نقل بسعر VIP بتكلفة تتراوح بين 350 دولارًا إلى 1,200 دولارًا، لكن منذ بداية العدوان على قطاع غزة تضخمت أسعار “عملية التنسيق الأمني” والنقل التي توفرها الشركة لتصل إلى أكثر من 5 آلاف للفرد الواحد.
إذ أن التكاليف المرتبطة بخدمات التنسيق تختلف حسب الحالة والوقت الذي يُقدَّم فيه الطلب، إذ ارتفعت تكلفة التنسيق بشكل ملحوظ بعد بداية العدوان.
ففي أكتوبر/تشرين الأول 2023، بلغت تكلفة التنسيق نحو 3 آلاف دولار للفرد الواحد، في حين ارتفعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إلى 3,500 دولار للفرد.
ومع استمرار الأزمة الإنسانية وصلت التكلفة إلى ما يزيد عن 4 آلاف دولار للفرد في ديسمبر/كانون الأول 2023 حتى وصلت قبل إغلاق المعبر إلى 5 آلاف دولار للفرد البالغ، و2,500 دولار لمن هم دون الـ16 عامًا، فيما وصلت قيمة التنسيق في بعض الحالات إلى أكثر من 8 آلاف دولار للفرد.
وبسبب التعقيدات الأمنية والإدارية، قد تتراوح فترة الموافقة عبر التنسيق الخاص بين أسبوع إلى شهر. في بعض الحالات، قد يتعرض الأفراد المسجلون للإيقاف أو التأخير؛ نتيجة للإجراءات الأمنية المكثفة، ما يزيد من فترات الانتظار الطويلة ويؤثر على خططهم.
مع اشتداد الحرب وتفاقم القصف الإسرائيلي على غزة، أصبح الفلسطينيون مجبرين على البحث عن مخرج آمن عن معبر رفح، وهو المنفذ الوحيد إلى العالم الخارجي. وقد استغلت “هلا” هذا الوضع عبر فرض رسوم مرتفعة.
وأكدت الدراسة أن الإجراءات التي اتخذتها شركة “هلا” لم تكن تهدف إلى تنظيم عملية الدخول، بل تقديم استغلالًا ماليًا للفلسطينيين في ظل غياب الحماية الدولية، والرضوخ من الحق في الحماية للفلسطينيين.
إذ أصبحت مصلحة التنسيق والسفر مرتبطة بنظام يتجاهل الالتزامات الأساسية للإنسان في الانتقال الآمن والدعوي إلى الحماية الدولية. الفلسطينيون الذين يواجهون فرارًا إنسانية قاسية يمرون بشدة إلى مصر، مجبرين على دفع مبالغ كبيرة مقابل خدمات لا تتناسب مع حجم معاناتهم، ما يشكل انتهاكًا لحقوقهم الإنسانية.
ويُقدّر أن الشركة جمعت ما يقرب من 88 مليون دولار خلال أسابيع قليلة فقط من عبور 20 ألف فلسطيني من القطاع إلى مصر، مستسلمين ومعهم الأموال والمدخرات في ظل الحرب وما بعد استغلالًا اقتصاديًا في ظل الأزمة الإنسانية. وقد توقفت هذه الأرباح بالكامل بعد سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على المعبر بالقوة العسكرية المباشرة في 7 مايو 2024.
انتقادات لتخاذل الحكومة المصرية
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ساعدت الدول الأوروبية والولايات المتحدة في إجلاء رعاياها، بما في ذلك العاملين في المؤسسات الدولية، ومدربي الجنسية. وقد تمت هذه العمليات تحت بشكل أساسي عبر معبر رفح.
في المقابل، تعاملت مصر مع إجلاء مواطنيها من غزة ببطء وتأخير ملحوظ، على الرغم من إعلان الحكومة المصرية في 10 أكتوبر إجلاء 30 مصريًا كحدٍ أقصى من غزة فيما معظم المصريين العالقين في غزة، البالغ عددهم نحو 400 شخص، ظلوا يعانون من عدم وضوح خطة الحكومة المصرية بشأن إجلائهم.
وقد بينت قيود وشروط التواصل من السفارة أن الاستجابة المصرية بطيئة وغير فعالة ما أثار انتقادات لحملة الجنسية المصرية الذين بثّوا مقاطع فيديو ينتقدون فيها تأخر الحكومة المصرية في التعامل مع أوضاعهم الصعبة.
الحدود المصرية مع غزة في ظل الإبادة
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة أصبح معبر رفح محل الاهتمام الكبير كونه المنفذ الوحيد الذي لا يخضع للسيطرة الإسرائيلية المباشرة، فضلاً عن الاحتياج إلى تكثيف جهود إدخال المساعدات.
ويحسب ما رصدته الدراسة فإن السلطات المصرية بدلًا من استخدام معبر رفح لتسهيل دخول النازحين، سواء الفلسطينيين أو المصريين العالقين في قطاع غزة، ولتيسير مرور المساعدات الطبية والإنسانية والمضطرين والأطفال، فرضت جملة من العوائق الاقتصادية والإدارية، التي أعاقت حركة الدخول والخروج، وزادت بدورها من صعوبة وصول المساعدات الضرورية مثل الطعام والدواء والأدوية إلى القطاع، وكذلك أعاقت خروج النازحين الذين يبحثون عن ملاذ آمن، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وزيادة معاناة المتضررين.
ويضاف إلى ذلك الحصار البري من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي على جميع معابر القطاع في الوقت الحالي، أما قبل السيطرة العسكرية فقد كانت تعيق دخول المساعدات، بداية من استهداف بوابة المعبر مع بدء حرب الإبادة، مرورا بتنفيذ مرور المساعدات، والسماح بكمية قليلة جدا، حيث فرض سيطرتها العسكرية المباشرة على العبور، وكامل الحدود المصرية الفلسطينية.
تشديد حصار غزة
ساهم تعقيد دخول المساعدات إلى قطاع غزة بفعل تضييقات الاحتلال الإسرائيلي، واستجابة مصر إلى هذه التضييقات، وصولاً إلى السيطرة الإسرائيلية المباشرة على معبر رفح والحدود الفلسطينية المصرية كاملة، إلى تراكم المساعدات إلى مدة طويلة، ما أدى إلى تلف جزء كبير منها خصوصاً الأغذية. و
وأشارت الدراسة إلى شهادات تفيد بأن هناك جهات مصرية تقوم بتحصيل مبالغ مالية من شاحنات المساعدات مقابل انتظارها أمام المعبر، فضلاً عن تقسيم أجزاء من المناطق القريبة من المعبر وتحويلها إلى مخازن لوجستية تُستأجر إما بالكامل لدليل معينة، أو تقدم خدمات تخزين بمقابل مادي من خلال مجموعة العريش.
كما فرضت الحكومة المصرية سياسات أمنية مشددة تحد من حرية الوصول إلى مدينتي العريش ورفح مع اقتصار الوصول على أفراد وجهات محددة مثل الهلال الأحمر.
وبالنسبة للشاحنات اجتبت الحكومة المصرية سياساتها الأمنية التي أدت إلى احتكار عملية نقل المساعدات إلى معبر رفح في شركة واحدة هي “العوجي جروب” ما أدى إلى تحصيل مبالغ مرتفعة نتيجة حصر خدمات النقل في شركة واحدة.
التربح والاستغلال المصري
من ضمن تأثيرات الحصار المفروض على القطاع منذ بداية العدوان، كان ظهور أشكال أخرى من عمليات توصيل المساعدات كبديل مؤقت لإغلاق المعابر مثل الإزلال الجوي كبديل لشاحنات المعبر.
وأظهر الإزلال الجوي مخاطرة كبيرة على المستويين المالي واللوجيستي. فقد أسفر هذا الأسلوب، في إحدى الرحلات، عن وفاة أكثر من 18 فلسطينيًا بسبب سقوط الشاحنات عليهم، أو لدهسهم خلال محاولتهم الحصول عليها. فضلاً عن أن رحلات الإنزال لم تكن دقيقة في العديد من الحالات ما أدى إلى سقوط بعض الشاحنات على مستوطنات غلاف غزة.
وفي مصر كان “التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي” هو الكيان الذي قررت السلطات المصرية أن تمر المساعدات الإنسانية لقطاع غزة من خلاله، والتي تم إقراره إنقاذه في 31 أغسطس 2023، بقرار رئيس الجمهورية بالتعاون في 171 هيئة، لإنشاء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي.
بحسب أحد المصادر العاملة داخل التحالف، فإن “فكرة التحالف أتت كجزء من كيان حكومي موحد، حتى من خلال جهود المجتمع المدني المصري بما يتناسب مع خطط الحكومة المصرية، في إطار أسهل لربط الأجهزة الأمنية المسؤولة عن ملف المجتمع المدني.
أكدت مصادر مختلفة أنه تم إبلاغ جميع المنظمات المشاركة منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، أن جميع عمليات تقديم الدعم الإغاثي من المنظمات المحلية المصرية يجب أن تتم عبر التحالف الوطني الأهلي فقط، وأن جميع التعاملات مادية بالعمل مع ما يمليه التحالف من تعليمات، سواء من التبرعات أو شكل المساعدات المقدمة، وأن أي خروج عن هذه التعليمات قد يسبب مخاطرة للمنظمة.
الوضع القانوني للنازحين الفلسطينيين في مصر
تفيد التقديرات بوصول نحو 100 ألف فلسطيني إلى مصر في خضم حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، بينهم قرابة 21 ألف طالب، يواجهون تحديات كبيرة في الالتحاق بالمراحل التعليمية المختلفة بسبب غياب إطار قانوني ينظم وضع النازحين الفلسطينيين خصوصاً.
ويزيد من وضوح هذا الوضع القانوني المتذبذب لوقائع معاملة اللاجئين، ما يعرض عليهم رسوماً دراسية مرتفعة للغاية، إذ تتراوح مصاريف التعليم الجامعي بين 3 آلاف و3500 دولار سنوياً، حتى بعد تطبيق بعض التغييرات التربوية التي تصل إلى 50%.
في ظل غياب الدعم الرسمي من الهيئات الدولية أو الحكومة المصرية بظل الفلسطينيين خارج إطار المساعدة المباشرة إلا أن يتم تسليمهم؛ كلاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، ولا يوجد برنامج لمنظمة الأونروا في مصر.
هذا الوضع غير المستقر يفاقم من الأعباء المالية على الأسر الفلسطينية ويحد من فرص التعليم المتاحة لأبنائهم.
تجريم التضامن مع غزة
منذ بدء العدوان على قطاع غزة، بينما كان المواطنون المصريون غاضبون من العدوان الإسرائيلي على القطاع ومنددين به، كانت هناك أصوات معارضة لاستجابة السلطات المصرية على المستوى الدبلوماسي وضعف الدعم الأهلي للقطاع، في قمع مستمر من السلطات المصرية، إذ تشمل مواقف التعبير عن الرأي خاصة فيما يتعلق بآراء ضعفت السياسة الحكومية المصرية.
انطلقت أشكال مختلفة من التعبير مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والنازحين إلى مصر، من بينها تظاهرات، ومقالات، ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. وحصلت جمع توقيعات، وحشد شعبي إلى معبر رفح، وتنظيم مجموعات تضامن ودعم مختلفة في مصر.
وقد تعاملت السلطات المصرية مع هذه التحركات الشعبية بعنف شديد بالقمع والاعتقالات، بحيث تم رصد اعتقال المئات من المشاركين في تظاهرات مناصرة لغزة.
وفي إحدى القضايا المتعلقة بجمع التبرعات، التي ألقي القبض على أفراد نظرًا لانتمائهم لشبهات إلى جماعة الإخوان المسلمين من قبل أجهزة الأمن سابقًا، على الرغم من أن أنشطتهم الأخيرة كانت تتعلق بدعم فلسطين.
وفي قضية أخرى اعتقلت الشرطة المصرية مجموعة من الصحفيات والصحفيات والناشطات أمام مقر المكتب الإقليمي لشؤون المرأة التابع للأمم المتحدة بالقاهرة، تنظيمهن وقفة احتجاجية ضد العدوان على غزة.
إضافة إلى ذلك، وحسب البلاغات التي أجراها الباحثون، فقد شهدت بعض المحافظات والمدن المصرية هجمات أمنية استهدفت منازل نشطاء، لتشملها كسر محتويات المنازل وتهديدات للابتعاد عن أي حراك تضامني مع فلسطين.
وبالإجمال ظهر أن التعامل مع قضايا التضامن مع فلسطين في مصر يشهد انتهاكات قانونية متتابعة للمحاكمة العادلة، خلال مراحل القبض والتحقيق. وتتخذ السلطات الأمنية إجراءات قاسية تمتد بشكل يُسيء إلى قوانين مكافحة الإرهاب وقانون الجرائم الإلكترونية، ما يؤدي إلى التضييق على الأفراد الذين يعبرون عن آرائهم، ووسائل التواصل الاجتماعي لا يشاركهم في تحركات سلمية.
نتائج الدراسة
أولاً: ما يتعلق بمعبر رفح قبل وبعد حرب الإبادة: تتم عملية مرور الجرحى والمصابين عبر آلية تنسيق مشددة بين وزارة الصحة في غزة والسلطات المصرية، إضافة إلى موافقة الجانب الإسرائيلي على الأسماء.
ويعتمد وقت عبور الجرحى بشكل كبير على الإجراءات البيروقراطية، كما تستغرق عملية التنسيق مددًا طويلة، وتشمل تلك الآلية خطرًا بالغًا على حياة المرضى والجرحى، خاصة الذين يحتاجون إلى علاج عاجل وأمراض خطرة مثل السرطان.
أما يتعلق بمرور الأفراد، فإن هذه الآلية تحتاج إلى التنسيق الأمني الذي تضمنت أرباحها على حساب أوضاع الفلسطينيين المزرية. وارتفع سعر مرور الفرد من 350 دولارًا قبل العدوان إلى نحو 8 آلاف دولار للفرد.
كما أن عملية إجلاء الرعايا المصريين اتسمت بالتخبط وعدم وضوح خطة الحكومة، إلى درجة نشر مواطن مصري استغاثة في الذكرى الأولى للعدوان قال فيها إنه لا يزال حبيسًا في القطاع.
ثانيًا: ما يتعلق بالحدود المصرية مع غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي الكامل لها: تركزت جهود السلطات المصرية على إدارة دخول المساعدات عبر شركات معينة تُعنى بإدارة عملية التنسيق، وتبرز شركة “هلا” واحدة من أبرز هذه الشركات.
وبحسب ما رصدته “منصة اللاجئين في مصر”، فإن السلطات المصرية بدلًا من استخدام معبر رفح لتسهيل دخول النازحين فرضت مجموعة من العوائق الأمنية والاقتصادية والإدارية، التي أعاقت حركة الدخول والخروج، وزادت بدورها من صعوبة وصول المساعدات الضرورية إلى القطاع.
ومن الناحية الطبية لم ترسل بعثات الأطباء المصرية أي من الفرق الطبية الإغاثية للقطاع منذ بداية العدوان، فضلا عن منع معظم المنظمات المتعاونة على إرسال الوفود بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة عدا خمس منظمات معظمها أمريكية.
وفيما يخص دخول المساعدات، فقد تعمد جيش الاحتلال إعاقة عملية دخولها، كما استهدفت فرق الإغاثة، وتحكم فيها تمامًا بعد احتلال معبر رفح مع ملاحظة أن السلطات المصرية استجابت للطلبات الإسرائيلية فيما يخص دخول الشاحنات وتفتيشها، كما كانت مستجيبة في الاشتراطات الإسرائيلية المتعلقة بخروج الجرحى والمصابين.
كما حرصت السلطات المصرية عملية تنسيق دخول المساعدات إلى معبر رفح في شركة “الخواجي جروب”، ما اضطر الجميع للتعامل معها بما فيها وكالات الأمم المتحدة، ما أدى إلى تحصيل مبالغ مرتفعة نتيجة حصر خدمات النقل في شركة واحدة خلال فترة حرب الإبادة الذي كانت فيه عدة شركات تقدم الخدمات، وصلت في بعض الحالات إلى 66 شركة، ما أعطى صورة بأن الهدف كان مجرد تجميع الأموال وليس تقديم المساعدة في ظل حرب الإبادة.