
يواصل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إصدار قرارات تعيين جديدة في مؤسسات منظمة التحرير والسلطة، دون إجراء أي مشاورات مع الفصائل والقوى الوطنية الأخرى.
وهذه التعيينات، التي طالت مواقع قيادية حساسة، تؤكد المسار الذي ينتهجه عباس في تعزيز نفوذه وضمان ولاء المسؤولين الجدد لسياساته.
تحولات كبيرة في قيادة السلطة
وشهدت الاجتماعات الأخيرة للمجلس الثوري واللجنة المركزية لحركة “فتح” تغييرات جوهرية، كان أبرزها تعيين اللواء ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات العامة، في منصب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير خلفًا للراحل صائب عريقات.
كما تم تعيين أحمد عساف، المشرف العام على الإعلام الرسمي، بديلًا عن جمال محيسن.
وإلى جانب ذلك، تم تعيين اللواء منير زعبي مسؤولًا عن المحافظين بدلًا من الفريق إسماعيل جبر، بينما أُحيل وزير الداخلية اللواء زياد هب الريح إلى التقاعد وعُيّن مستشارًا للرئيس، فيما تولّى اللواء زكريا مصلح حقيبة وزارة الداخلية.
تركيز السيطرة على الأجهزة الأمنية
ولم تقتصر التعيينات الأخيرة على المناصب السياسية والمدنية، بل امتدت إلى الأجهزة الأمنية، حيث تم تعيين العميد نضال شاهين قائدًا لجهاز الاستخبارات العسكرية بعد ترقيته إلى رتبة لواء، ليحل مكان اللواء زكريا مصلح.
وهذه التغييرات تأتي ضمن سلسلة قرارات صدرت منذ سبتمبر الماضي، جميعها تقريبًا شملت قيادات تنتمي إلى حرس الرئاسة، ما يعكس رغبة واضحة في إحكام القبضة على الأجهزة الأمنية عبر شخصيات تحظى بثقة عباس المطلقة.
تناقض بين الخطاب والممارسة
ورغم إعلان عباس في القمة العربية الطارئة بالقاهرة عن توجهه لإعادة هيكلة المؤسسات وضخ دماء جديدة، إلا أن التعيينات التي أعقبت ذلك تتعارض مع هذا الطرح.
فبدلًا من تعيين شخصيات جديدة تعكس تطورًا حقيقيًا في البنية الإدارية والسياسية للسلطة، جاءت القرارات لتعزز نفوذ القيادة المتنفذة داخل السلطة، مما يعمّق مركزية القرار بيد عباس ومحيطه.
الانتخابات المؤجلة وتعميق الانقسام
ومنذ انتخابه عام 2005، استمر عباس في إدارة السلطة الفلسطينية دون انتخابات رئاسية جديدة، رغم أن انتخابات تشريعية ورئاسية كانت مقررة عام 2021، إلا أنها أُلغيت قبل بدء الحملة الانتخابية بحجة منع الاحتلال إجرائها في القدس.
وهذا القرار أدى إلى خلافات حادة داخل “فتح”، حيث لجأت شخصيات قيادية إلى تشكيل قوائم انتخابية مستقلة، ما تسبب في إقصائهم لاحقًا من المشهد السياسي.
والتعديلات الأخيرة والتوجه نحو تعزيز السيطرة المطلقة على المؤسسات الفلسطينية يثيران تساؤلات حول مستقبل النظام السياسي الفلسطيني.
وفي ظل تزايد المطالبات بإجراء انتخابات ديمقراطية حرة، تبرز مخاوف من استمرار الحكم عبر تعيينات فردية، ما يعمّق الأزمة الداخلية ويزيد من حالة الاستقطاب داخل المشهد الفلسطيني.