باحث أمريكي يهاجم محاولة تغييب مأساة غزة عن الإعلام الغربي
هاجم الباحث الدكتور جيمس زغبي رئيس المعهد العربي الأمريكي محاولة تغييب مأساة غزة بفعل حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة، عن أولويات الإعلام الغربي.
وقال زغبي في مقال له، إنه من المزعج أن وسائل الإعلام الأميركية والغربية تميل في كثير من الأحيان إلى الانتقال من قصة إلى أخرى، وكأنها عاجزة عن جذب الانتباه إلى الأحداث التي تتطلب ذلك.
وأبرز زغبي أن “الكابوس الذي تعيشه غزة، والذي حظي باهتمام متعمق لأكثر من عام، من المزعج أنه قد اختفى الآن عن الأنظار، في ظل تطورات درامية أخرى في الشرق الأوسط”.
وأشار إلى أنه في الأسابيع الماضية، كانت أخبار الشرق الأوسط في المنافذ الإعلامية الأميركية تهيمن عليها الهجمات الإسرائيلية المدمرة على لبنان و”وقف إطلاق النار” الذي تم إعلانه بوساطة أمريكية.
ولفت إلى أنه في الأيام القليلة الماضية، كان التقرير الرئيسي يتعلق بتحرك جماعة “هيئة تحرير الشام” والمعارضة الصورية واستيلائها على المدن السورية الكبرى حلب وحماة وحمص ومن ثم دمشق، مما أدى إلى سقوط حكومة بشار الأسد.
وذكر زغبي أنه “رغم أن هذه التطورات ذات عواقب وخيمة بطبيعة الحال، فإن الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة وجروحها المتبقية تستحق اهتمامنا”.
الكابوس المستمر في غزة
قال زغبي إنه كان من اللافت للنظر أن صحيفة نيويورك تايمز نشرت في يوم واحد من هذا الأسبوع ثلاث قصص كبيرة، شغلت صفحة ونصف الصفحة، عن الكابوس المستمر في غزة.
وشملت هذه القصص تقريراً عن تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية يتهم “إسرائيل” بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وقصة أخرى عن غارة إسرائيلية قاتلة في وسط إحدى “المناطق الإنسانية” في غزة. وكانت أكبر القصص عن معاناة ذوي الإعاقة في غزة.
وتصف القصص الثلاث مجتمعة أهوال الأشهر الأربعة عشر الماضية في غزة، والقصف المستمر الذي يتعرض له الفلسطينيون النازحون، والمستقبل المؤلم الذي ينتظر الكثيرين منهم.
وقال زغبي إن تقرير منظمة العفو الدولية كان مهما لعدة أسباب “فهي في نهاية المطاف المنظمة الأبرز في العالم في مجال حقوق الإنسان”.
وذكر أنه سواء كان الأمر يتعلق ببلدان في أفريقيا أو آسيا أو العالم العربي، فإن الاهتمام منصب على ما تنشره منظمة العفو الدولية من تقارير. والواقع أن البلدان تتعرض للتنديد بشكل روتيني بسبب سلوكياتها المسيئة تحت عنوان “كما نشرت منظمة العفو الدولية تقاريرها” ـ باستثناء واحد، وهو “إسرائيل”.
ولفت إلى أن عمل منظمة العفو الدولية حظي بالاحترام والتقدير في كل مكان، ولكن عندما كان يتعلق بإسرائيل، كان موضعاً للازدراء والاحتقار.
أكد زغبي أن مواجهة المعاناة الإنسانية أمر مؤلم دائمًا “لكن من المهم أن نتحمل هذه المعاناة، وخاصة في حالة غزة، لأننا نحن الأميركيين نتحمل جزءًا من المسؤولية عنها”.
وقال ” من الأهمية بمكان أن تتخذ منظمة العفو الدولية خطوة جريئة بالإعلان بقوة أن “(إسرائيل) ارتكبت وترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة”.
وتتابع المنظمة: “لقد أسفر السلوك الإسرائيلي غير القانوني طوال هجومها العسكري عن إلحاق أضرار غير مسبوقة بالفلسطينيين في غزة، مما أسفر عن نطاق هائل من القتل والإصابات الخطيرة خلال فترة قصيرة من الزمن”.
وفي ردها على هذه الاتهامات، اتبعت السلطات الإسرائيلية ما أصبح نصها المعتاد. فهي “تكذب وتنكر وتعمي”. وفي نهاية المطاف تلجأ إلى اتهام متهميها بالتحيز. ومن المثير للاهتمام أنه حتى الآن لم يكن هناك سوى القليل من الاستجابة من جانب المسؤولين في واشنطن.
ولفت زغبي إلى أن قصة الغارة الجوية الإسرائيلية على المنطقة الآمنة في المواصي قاسية ومميتة “حيث قتلت 45 فلسطينياً على الأقل. وهي قاسية لأنها من المفترض أن تكون منطقة إيواء إنسانية حيث كان من المفترض أن يكون الفلسطينيون الذين أمرتهم (إسرائيل) بإخلاء مناطق أخرى آمنين”.
وأوضح أن القصف من هذا النوع يشكل حدثاً يومياً، ولكنه نادراً ما يحظى بالتغطية الإعلامية، وذلك لأنه أصبح أمراً شائعاً ولأن القصص “الكبيرة” اليومية تحدث في أماكن أخرى.
وشدد على أن “القصة الأكثر إزعاجاً بين القصص الثلاث كانت تلك التي تناولت محنة ذوي الإعاقة في غزة. فقبل هذه الحرب كان عدد المعوقين في غزة 56 ألفاً. ورغم عدم توفر بيانات جديدة، فمن المؤكد أن العدد قد زاد بشكل كبير في العام الماضي”.
وقد أرفقت صحيفة التايمز قصتها بصور لأطفال بلا أطراف يفتقرون إلى الكراسي المتحركة أو مرافق إعادة التأهيل أو الجراحة عند الحاجة. وتصف القصة بتفصيل شديد معاناة فلسطيني معوق في غزة، لا يحتاج إلا إلى الذهاب إلى الحمام، حيث لا يوجد أي حمام يتسع لكرسي متحرك.
وقال زغبي “من المحزن أن ننظر إلى وجوه هؤلاء الأطفال الجالسين وسط أنقاض الأحياء المدمرة. إنهم أبرياء بلا مستقبل. ومن الصعب أن نتخيل العيش في منطقة خيام مزدحمة وسط الشتاء أو بين بقايا مبنى مدمر في شارع تعرض للقصف. ولكن هذه هي الحياة بالنسبة لمئات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين”.
وأضاف “ان حقيقة أن المعاناة في غزة اختفت من الصفحات الأولى للعديد من وسائل الإعلام الأمريكية والغربية لا تعني أنها لم تعد تحدث. فالعنف والموت مستمران، ومن المهم ألا ننسى ذلك”.