تصعيد خنق غزة.. الاحتلال يمعن بمنع الإمدادات المنقذة للحياة
يصعد الاحتلال الإسرائيلي خنق غزة ومنع الإمدادات المنقذة للحياة في خضم حرب الإبادة الجماعية المستمرة على القطاع منذ أكثر من عام واستخدام التجويع كسلاح حرب ضد المدنيين الفلسطينيين.
وبحسب مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة “أوتشا“، فإنه لا يزال الوصول الإنساني إلى قطاع غزة مقيدًا بشدة بفعل الحصار الإسرائيلي المشدد.
ففي سبتمبر 2024، تم تسهيل أقل من نصف جميع التنقلات الإنسانية داخل غزة بالتنسيق مع السلطات الإسرائيلية دون مشاكل كبيرة، وواجه أكثر من ربعها عوائق. من بين 667 حركة منسقة، رفضت القوات الإسرائيلية الموافقة على تحرك 138.
ويشمل ذلك رفض 32 حركة حيوية متعلقة بالمياه والصرف الصحي والنظافة و16 حركة متعلقة بالصحة. كما تم رفض التحركات الإنسانية لتسليم 220 ألف لتر من الوقود، وهو أمر ضروري لتشغيل المرافق الرئيسية، مثل المخابز والمستشفيات.
وسبعة من حالات الرفض المتعلقة بالوقود تتعلق بالتنقلات في الشمال، مع 21 حالة أخرى تتعلق بالتنقلات عبر جنوب غزة.
حظر الوصول إلى شمال غزة
تعطلت بشكل كبير ومتواصل عملية وصول المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة، الذي قطعته القوات الإسرائيلية عن الجنوب، طيلة شهر سبتمبر/أيلول.
فمن بين 667 حركة خطط لها الشركاء الإنسانيون، تطلبت 91 حركة المرور عبر نقطة تفتيش إسرائيلية للتنقل بين الجنوب والشمال، أو العكس.
ومع ذلك، لم تتمكن القوات الإسرائيلية من تسهيل سوى 8% من هذه التحركات الـ91، في حين تم رفض أو إعاقة وصول 84% من هذه التحركات مجتمعة.
وفي المجمل، فشلت 49% من التحركات في تحقيق أي من أهدافها، إما بسبب الرفض الصريح أو، على الرغم من الموافقة الأولية، عدم القدرة على المرور عبر نقطة التفتيش بسبب التأخير المطول أو التحديات الأخرى، بما في ذلك التحديات الفنية المتعلقة بتشغيل بوابة نقطة التفتيش.
وعلى الرغم من وجود نقطتي تفتيش بين الشمال والجنوب، فإن القوات الإسرائيلية تدير نقطة تفتيش واحدة فقط في كل مرة (حاليا تلك الموجودة على طريق الرشيد)، مما يؤدي إلى تأخيرات طويلة وإغلاقات. وعندما تحدث مشكلات فنية، لا يتم توفير أي بديل.
تعطيل الأنشطة الأساسية
خلال الأسبوع الذي بدأ في 24 سبتمبر/أيلول، تقطعت السبل بالشركاء والمقاولين الإنسانيين من مختلف الفرق والمنظمات في الشمال لمدة 13 ليلة، مجتمعة بين جميع التحركات، غير قادرين على العودة إلى الجنوب.
وقد أدى هذا إلى تعطيل الأنشطة الأساسية الأخرى، وتعطيل الموارد النادرة، مثل الموظفين والمركبات، والتي لا يمكن استخدامها لأغراض أخرى.
وأكدت الأمم المتحدة أن وصول المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة أمر بالغ الأهمية بالنسبة لأنشطة الشركاء في الاستعداد لفصل الشتاء، حيث أن الظروف الجوية السيئة من شأنها أن تزيد بشكل كبير من الاحتياجات الإنسانية. ومن الضروري أن يتمكن الشركاء في المجال الإنساني من الوصول إلى الشمال لأغراض التخطيط وكذلك لنقل وتوزيع المساعدات الحيوية.
وفي أواخر أغسطس/آب، سلط أحدث تقرير صادر عن شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة الضوء على نجاح زيادة حجم المساعدات الإنسانية في النصف الأول من العام في الحد من خطر المجاعة (المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي) في غزة، وهو ما يؤكد الأهمية الحاسمة لاستدامة تدفقات المساعدات إلى قطاع غزة وداخله.
ومع ذلك، فقد انخفض إمداد السلع الإنسانية في وقت لاحق ولا يزال يواجه عوائق مستمرة. فخلال شهر سبتمبر/أيلول، لم يتمكن برنامج الغذاء العالمي إلا من تسليم 41% من السلع الغذائية المخطط لها (11,334 طن متري من أصل 27,904 طن متري مخطط لها)، بانخفاض عن 58% في أغسطس/آب (13,964 طن متري من أصل 23,828 طن متري مخطط لها).
وهناك عدد محدود من نقاط العبور إلى غزة، ومن النادر أن تفتح جميعها في وقت واحد لاستقبال البضائع. وفي الشمال، لا تتوفر سوى معبري إيريز غرب/زيكيم أو إيريز، لكنهما غير مفتوحين في نفس الوقت.
وعلاوة على ذلك، كانت الرسائل الصادرة عن السلطات الإسرائيلية بشأن المعابر غير متسقة، مما أدى إلى حدوث ارتباك وجعل من الصعب على المنظمات التخطيط لتسليم المساعدات.
كما استمر تسليم البضائع من معبر كرم أبو سالم إلى غزة في مواجهة تحديات كبيرة. وقد انسحب المقاولون من نقل البضائع والسلع الإنسانية بسبب المخاوف الأمنية على موظفيهم.
واضطر الشركاء الإنسانيون إلى تقليص عملياتهم على هذا الطريق بشكل كبير، حتى لا يمسوا مبدأ “عدم الإضرار” من خلال تعريض المساعدات للنهب والعنف أو المساهمة بأي شكل آخر في ديناميكيات الحرب السلبية.
وخلال الشهر، واصلت السلطات الإسرائيلية رفض الطلبات المقدمة لتقييم أو اختبار طرق بديلة لتوصيل البضائع من معبر كرم أبو سالم. كما باءت الجهود الرامية إلى تخفيف القيود المفروضة على استخدام طريق السياج الخارجي بالفشل.
على سبيل المثال، قدم الشركاء الإنسانيون قوائم بأسماء سائقين إضافيين لفحصهم قبل استخدام طريق السياج، ولكن السلطات الإسرائيلية المختصة لم توافق على هذه القوائم، ولم يتبق سوى عدد قليل من السائقين المصرح لهم. ك
ما اقترحت الوكالات الإنسانية طرقاً بديلة مختلفة وتعديلات تشغيلية لتسهيل جمع البضائع بأمان من المنصة، بما في ذلك التدابير الرامية إلى ضمان بقاء المواد ذات القيمة العالية في منطقة كرم أبو سالم، مما يتيح رفعها عبر طريق السياج.
ومع ذلك، لم يتم تنفيذ هذه الاقتراحات قط. وهناك حاجة في نهاية المطاف إلى مجموعة من التدابير التكميلية لضمان الحركة الآمنة والفعالة للسلع والبضائع الإنسانية، حتى تصل المساعدات إلى المجتمعات المحلية في غزة في الوقت المناسب.