“رجلنا في رام الله”.. رحلة حسين الشيخ إلى القمة بلسان إسرائيلي

وصف موقع “سيحا مكوميت” العبري حسين الشيخ الذي عُين نائبًا لرئيس السلطة الفلسطينية ولمنظمة التحرير قبل أيام قليلة بأنه “رجل إسرائيل في رام الله”.
وقال الموقع العبري في تقرير عن رحلة صعود الشيخ إلى القمة إن القيادي الفتحاوي ينتمي إلى “جيل البلاد” الذي ولد ونشأ في فلسطين بينما أصبح مروان البرغوثي رمزاً للنضال الوطني ضد الاحتلال، بنى الشيخ مكانته السياسية برعاية عباس وعلى هيئته، بخدمة النخب الصهيونية القديمة.
من هو حسين الشيخ؟
وذكر أن سيرة حسين الشيخ هي سيرة جيل آخر، “جيل البلاد “، إن صح التعبير، على غرار الوصف الذي أطلق على اليهود من مواليد البلاد. إنها سيرة ذاتية غابت عنها منظمة التحرير التاريخية، لتحل محلها السلطة الفلسطينية.
وبين الموقع أنه وبالنسبة للفلسطينيين كانت منظمة التحرير تمثل رمزا لمقاومة الاحتلال عام 1967 ونكبة عام 1948 في أيام عزها، بينما ترمز السلطة الفلسطينية إلى فشل الحركة ومؤسساتها.
ونبه إلى أنه ومن الناحية التاريخية، قد يفوق هذا الفشل، فشل الثورة الفلسطينية الكبرى بين عامي 1936-1939 وحتى حرب 1948.
وأوضحت أن السيرة العامة للشيخ بدأت في لحظات الذروة لجيل منظمة التحرير الفلسطينية، في عام 1987، وهو العام الذي اندلعت فيه الانتفاضة الأولى. وحُكم على الشيخ 27 عامًا بالسجن 11 عامًا بتهمة الانتماء إلى خلية تابعة لحركة فتح، وأُفرج عنه بعد عامين. (معلومات كاتب المقال هنا ليست دقيقة).
ففي تقرير موسع نشر بمجلة “فورين بوليسي” الأميركية قبل عامين، قال الشيخ إنه شخصيا لم ينخرط في أي أعمال مقاومة، فيما زعم الجيش الإسرائيلي أن ملفه القانوني قد فقد.
سيرة حسين الشيخ
مزاعم الشيخ في التقرير حصلت على نوع من التأكيد من خلال مقال كتبه شالوم بن حنان، أحد مسؤولي الشاباك، الذي قال فيه إن الشيخ “لم يكن مقاتلاً أو قائداً ميدانياً”، بل مجرد عضو في القيادة، وكان منشغلا “بالأعمال الفارغة “، أي الدعاية والنشاطات السياسية المحلية.
لكن في مقال على موقع معهد أبحاث السياسات الإسرائيلية اليميني، مركز القدس للشؤون الخارجية والأمنية، زعم موريس هيرش، العقيد والمدعي العسكري السابق، أنه في مارس/آذار 2002، في ذروة الانتفاضة الثانية، كان الشيخ، الذي كان آنذاك شخصية بارزة في تنظيم فتح، وتوفيق الطيراوي، رئيس المخابرات العامة، متورطين بشكل مباشر بإرسال الخلية التي قتلت الزوجين تسيبي وجاد شيمش وإسحاق كوهين في القدس وجرحت عشرات المدنيين.
ووفق للموقع فقد أدلى أحد الأشخاص الذين لهم علاقة بالحادث بهذه المعلومات أثناء التحقيق معه وأمام المحكمة. ولكن لم يتم اعتقال الشيخ على إثر ذلك.
خلال الانتفاضة الثانية، كان الشيخ أحد قادة فتح وبمثابة جهاز للجيل الشاب في الحركة، “جيل البلاد “، وكان ينافس الجيل الأكبر سنا الذي وصل من تونس مع دخول مؤسسة منظمة التحرير إلى الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1994 تحت رعاية اتفاقيات أوسلو.
فساد حسين الشيخ
وقال الموقع العبري: “لقد شكل ذلك تنافسا بين الأجيال على المكانة السياسية ومراكز النفوذ. وكان رد فعل ياسر عرفات على ذلك هو استخدام أسلوبه المعتاد القائم على “فرّق تسد”، فشجع الشيخ على تحدي رئيس التنظيم في الضفة الغربية مروان البرغوثي”.
ومن غير المستبعد أن يكون التنافس طويل الأمد لعب دورا في قرار عباس اختيار الشيخ نائبا له وخليفته المستقبلي. فخلال الانتفاضة، انقسمت فتح إلى مجموعات فرعية، وانخرط أعضاؤه في المقاومة المسلحة بمستويات متفاوتة من المبادرة المحلية والإشراف المركزي الضعيف.
وبعد أن تراجعت حدة الانتفاضة الثانية وانتخب عباس رئيساً في عام 2005، غيّر الشيخ اتجاهه وعام 2007 انتقل الشيخ إلى الوزارة الذي تركها أحد أفراد عائلته جميل الطريفي، وهي وزارة التنسيق المدني مع “إسرائيل”. وأوكلت إليه صلاحية منح تصاريح عبور الأشخاص والبضائع من وإلى “إسرائيل”.
كما كان يسيطر على الأموال الاي كانت تحبيها “إسرائيل” لصالح السلطة الفلسطينية مقابل الضرائب ومن العمال. وبذلك بات الشيخ يسيطر على شريان الحياة اليومية لجميع سكان الضفة كما هو الحال مع سلفه الطريفي، وارتبط اسمه باتهامات بالفساد المالي والاعتداء الجنسي.
وبحسب الموقع فإن تقسيم المهام في السلطة الفلسطينية واضحا: الشيخ يتعامل مع كافة المجالات المدنية، بينما كان عباس وصائب عريقات يعملان في المجال السياسي.
تقرب الشيخ كثيرا من عباس، وكان حريصاً على التعبير عن ذلك دائما وأفاده الالتزام في السنوات الأخيرة، عندما أصبح عباس معزولاً في القمة.
وقال الموقع إن عباس فقد التأييد الشعبي، وتعرض لانتقادات من عدد من قادة فتح ليرد بقوة ويقاتل من أجل بقائه السياسي ليبعد منتقديه عن مناصبهم والحركة، بينهم محمد دحلان، وناصر القدوة، وسلام فياض. في حين وجه آخرون، مثل جبريل الرجوب، انتقادات ضعيفة وتم أيضا تهميشهم.
بعد وفاة عريقات عام 2022، منح عباس؛ الشيخ قبعتي عريقات: فقد عينه مسؤولا عن الملف السياسي، الذي بقي فعليا من دون أي حراك، وأمينا لسر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وبمبادرة من عباس وإسرائيل، خاض الشيخ رحلة سياسية تعريفية، تعرف خلالها على كبار المسؤولين في الإدارات الأميركية والأوروبية، الذين رأوا فيه رجلاً براغماتياً ومعتدلاً.
فيما وصفه مسؤول كبير سابق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي بأنه “رجلنا في رام الله”.
وفي حين أن مروان البرغوثي شكل رمزا للنضال الوطني ضد الاحتلال الإسرائيلي، بنى الشيخ مكانته باعتباره توام عباس.
وقال الموقع إن النخبة الإسرائيلية السابقة، اي العسكريتاريا الصهيونية، التي كانت مسؤولة عن التوصل الى اتفاقات أوسلو، هي التي احتضنت ورعت عباس والشيخ.
وفي خدمة تلك النخبة، قاموا بممارسة العسكرة الفلسطينية الداخلية تجاه مجتمعهم، ما سمح لإسرائيل بتوسيع سيطرتها وباتت المؤسسة الفلسطينية قوة مساعدة فاسدة للاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي الذي تطور إلى ضم فعلي ونظام فصل عنصري.
وقال الموقع إن السلطة الفلسطينية تأسست في القرن الماضي، وكان عباس يأمل أن يفرض النظام الدولي الاستقلال الفلسطيني على إسرائيل.
تغير النظام الدولي في الربع الأول من هذا القرن، إن مبادئ النظام الدولي التي أصبحت حجر الزاوية بعد الحرب العالمية الثانية، وفي مقدمتها القانون الدولي ومبدأ عدم جواز احتلال اراضي الغير عن طريق الحرب والاستيطان، انتهكت من تلك الدول التي وضعت ونفذت النظام العالمي السابق، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا.
تقليص صلاحيات الوكيل الفلسطيني وتعمل على استبدال ذلك بسيطرة مباشرة. وهذا ما يفعله بتسلئيل سموتريتش بعزم قوي بصفته وزيراً في وزارة الدفاع، وهذا ما يفعله الجيش في قطاع غزة. وفي نظام التفوق اليهودي، ليس هناك اي مكان لاي مظهر مهما كان سخيفا للهوية الفلسطينية. الذين يجب عليهم الاستسلام، أو يتعرضون إلى التدوير، أو توقع التهجير.
وأوضح أن “النظام الاستبدادي الذي تمارسه إسرائيل على الفلسطينيين ليس منفصلاً عن الوضع القائم للإسرائيليين أنفسهم، وهو يتدحرج يوما بعد يوم إلى داخل المجتمع اليهودي”.
وبين أن أول المتضررين من ذلك سيكون الفلسطينيون والإسرائيليون، من خلال قانون الدولة القومية والقيود التي فرضت على حرية التعبير عندهم منذ 7 أكتوبر 2023.
ومع ذلك، فإن هذا النموذج، الذي يتبناه حسين الشيخ، والذي يمكّن ويحافظ على وجود نظام استبدادي غير ليبرالي، يتطور أيضًا في الجانب الإسرائيلي اليهودي على هيئة نظام واحد يحكم كل المنطقة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط.
وأكمل الموقع: “ولنرى ذلك، يكفي أن نقرأ شهادة رونين بار أمام محكمة العليا. لذلك يتعين علينا أن ننظر نظرة ثاقبة إلى استحالة تنفيذ نظرية الفصل بين المجتمعين”.