
توقع أستاذ العلوم السياسية محمد القطاطشة أن يغادر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المشهد السياسي قبل نهاية العام الجاري، مؤكدًا أن تعيين حسين الشيخ نائبًا له لم يكن خطوة عابرة، بل “تعبير عن ضغوط خارجية عميقة تعيد هندسة المشهد الفلسطيني”.
وقال القطاطشة إن الشيخ يُعدّ من أكثر الشخصيات الفلسطينية قربًا من السياسات المرتبطة باتفاق أوسلو، وإن اختياره في هذا التوقيت يُمثل استجابة لمتطلبات خارجية، مضيفًا: “من الواضح أن مرحلة ما بعد عباس قد بدأت فعليًا، وأن الشيخ هو رجل المرحلة القادمة، بدعم عربي وغربي واسع”.
دعم مبكر واعتراف فعلي
ولم يكن تعيين حسين الشيخ مجرد قرار داخلي، بل حظي بترحيب رسمي سريع من عدة عواصم عربية كبرى.
فقد أصدرت السعودية بيانًا رسميًا رحبت فيه بما وصفته بـ”الإجراءات الإصلاحية”، معتبرة استحداث منصب نائب رئيس السلطة خطوة في الاتجاه الصحيح.
كما بعث وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد رسالة تهنئة مباشرة إلى الشيخ، تلاه اتصال هاتفي من وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، هنأ فيه الشيخ على المنصب الجديد.
هذه المباركات تعكس اعترافًا مبكرًا بمكانة الشيخ كقائد فعلي للسلطة الفلسطينية في ظل غياب محمود عباس المتكرر، وتراجع دوره في اتخاذ القرار السياسي.
غضب داخلي من تفرد الشيخ
وفي المقابل، أثار تعيين الشيخ نائبًا لعباس حالة من الاحتقان داخل حركة فتح، خصوصًا بين كبار قادتها.
فقد أكدت مصادر من داخل اللجنة المركزية أن شخصيات وازنة، بينها محمود العالول، جبريل الرجوب، توفيق الطيراوي، وعباس زكي، عبّرت عن رفضها لما اعتبرته “تفردًا بالقرار” و”استحواذًا على المناصب دون توافق تنظيمي”.
وأشارت المصادر إلى أن غياب تيار معارض فعلي داخل فتح هو ما سهل تمرير اسم الشيخ، وسط صمت نسبي يعكس هشاشة البنية الداخلية للحركة، وتراجع ثقل القواعد الشعبية في اتخاذ القرارات المصيرية.
المنصب جاء بضغوط أمريكية
واتهمت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قيادة فتح بالخضوع للضغوط الأمريكية، مؤكدة أن استحداث منصب نائب الرئيس جاء استجابة مباشرة لتوصيات غربية، تهدف إلى “تهيئة سلطة فلسطينية متوافقة مع خطة ما بعد الحرب”.
وكشف القيادي في الجبهة رمزي رباح، أن جلسات المجلس المركزي جاءت استجابة لشروط أمريكية واضحة، تشمل نزع سلاح المقاومة، استبعاد حماس من الحكم، وتنفيذ ترتيبات أمنية بضمانات دولية تضمن أمن الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح رباح أن ما يجري اليوم ليس إصلاحًا داخليًا، بل “إعادة تأهيل للسلطة الفلسطينية لتؤدي دورًا أمنيًا ووظيفيًا يتماشى مع الرؤية الأمريكية الجديدة لحل الصراع، لا سيما في الضفة الغربية”.
رحيل وشيك لعباس وخلافة محسومة
ويرى مراقبون أن مشهد الخلافة في رام الله بات محسومًا لصالح حسين الشيخ، في ظل غياب أي مرشح بديل قادر على جمع الدعم العربي والدولي. ومع تقدم عباس في السن، وتدهور حالته الصحية، فإن مسألة التنحي لم تعد “إن كانت”، بل “متى؟”.
وتؤكد التطورات الميدانية والسياسية أن حسين الشيخ بات الحاكم الفعلي للسلطة الفلسطينية، حتى قبل مغادرة عباس الرسمية، وسط ترتيبات تُدار بهدوء في الكواليس، هدفها منع أي فراغ سياسي قد يعيد خلط الأوراق.