أول استطلاع رأي بعد اغتصاب حسين الشيخ للسلطة: صفر تأييد شعبي

من المفارقات اللافتة للوضع الحالي للسلطة الفلسطينية، واقع اغتصاب السلطة والحكم الذي يمارسه كبار مسؤوليتها دون أن يذكروا حتى كخيار شعبي أو يحظون بأي التفاف حول شخصياتهم بما يعكس حدة الفجوة بينهم وبين الرأي العام الفلسطيني.
أحد أبرز الأمثلة الصارخة على ذلك حسين الشيخ الذي جرى تعيينه بقرار من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس نائبا لرئيس منظمة التحرير رغم أنه يعاني من ضعف حاد في شعبيته مقارنة بمرشحين منافسين كالقيادي في حركة فتح” مروان البرغوثي أو القيادي في حركة “حماس” خالد مشعل.
وتُظهر نتائج الاستطلاع الأخيرة أن الشيخ لا يُذكر تقريباً كخيار شعبي عند سؤال الجمهور الفلسطيني عمن يفضلونه لقيادة الشعب بعد عباس، إذ تتوجه النسبة الأكبر من الدعم إلى البرغوثي، يليه خالد مشعل، فيما يتراجع الشيخ إلى خلفية المشهد دون ذكر اسمه حتى.
من هو حسين الشيخ؟
أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو ارتباط حسين الشيخ الوثيق بالمؤسسة الحالية للسلطة الفلسطينية، التي فقدت قدرًا كبيرًا من ثقة الجمهور.
فوفقا لاستطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية ومقره رام الله، فإن أكثر من 80% من الفلسطينيين يطالبون باستقالة عباس، كما أن 69% لا يؤمنون بقدرة الحكومة الجديدة على تنفيذ إصلاحات حقيقية.
وبما أن الشيخ يُعتبر جزءًا من النخبة السياسية الموالية للرئيس عباس، فإن أي تراجع في شعبيته ينعكس تلقائياً عليه.
علاوة على ذلك، يفتقر حسين الشيخ إلى قاعدة جماهيرية حقيقية على الأرض، بخلاف مروان البرغوثي الذي يتمتع بشعبية عابرة للفصائل ويُنظر إليه كرمز للمقاومة، أو خالد مشعل الذي يمثل جناح حماس السياسي ويحمل رصيداً تنظيمياً قوياً خاصة في الأراضي الفلسطينية.
حسين الشيخ ويكيبيديا
كما أن الشيخ لا يظهر بشكل منتظم كمبادر سياسي مستقل، بل يُنظر إليه غالباً كشخصية إدارية تدير ملفات السلطة ومنخرط في ملفات التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي لا كزعيم يحمل مشروعاً وطنياً جامِعاً.
في ظل أزمة شرعية عميقة تعيشها حركة فتح والسلطة الفلسطينية، يبحث الشارع عن قيادات ذات مصداقية وتاريخ نضالي، لا عن شخصيات إدارية محسوبة على منظومة الحكم الراهنة التي باتت تُوصف من غالبية الجمهور بأنها “عبء على الشعب الفلسطيني”. هذا الواقع السياسي المتأزم يجعل من الصعب على حسين الشيخ أن يحظى بتأييد شعبي واسع في الظروف الحالية.
كما أن الشيخ يُنظر إليه كجزء من النهج السياسي القائم على التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي والانخراط في مسار تفاوضي طويل فشل في تحقيق تطلعات الفلسطينيين.
في وقت تزداد فيه النزعة العامة نحو رموز أكثر ارتباطاً بالمقاومة أو بالمواقف الحادة من الاحتلال، فإن شخصية مثل مروان البرغوثي، المعتقل في السجون الإسرائيلية، تبرز كبديل يحمل رمزية نضالية قوية، ما يفسر حصوله على 50% من نوايا التصويت في الانتخابات الرئاسية المفترضة، متفوقاً بوضوح على أي مرشح آخر.
كما أن الاستطلاع يظهر تراجع الدعم للسلطة الفلسطينية عموماً في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وتدني الثقة في قدرة الحكومة الجديدة على إنجاز إصلاحات. في هذا السياق، لا يحمل حسين الشيخ أي صورة تجديدية أو إصلاحية، بل يتم تصويره كشخصية محسوبة على الاستمرارية الإدارية والسياسية، لا التغيير.
أخيراً، ضعف حضوره الشعبي وافتقاره للقاعدة الجماهيرية أو المسيرة الكفاحية الواضحة، يجعلان من حسين الشيخ مرشحاً باهتاً في أعين الجمهور، خصوصاً في وقت يبحث فيه الفلسطينيون عن قيادات تعبّر عن روح التضحية والمقاومة في ظل حرب مستمرة ومعاناة إنسانية هائلة.
ما لا تعرفه عن حسين الشيخ
حسين الشيخ، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، يُعتبر من أبرز الشخصيات السياسية في السلطة الفلسطينية.
ومع ذلك، يواجه انتقادات واسعة من قطاعات شعبية وفصائل فلسطينية، حيث يُتهم بالفساد، والتنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، والسعي لاغتصاب السلطة دون دعم شعبي حقيقي.
وُلد حسين الشيخ في مدينة رام الله عام 1960، واعتُقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي لمدة 11 عامًا خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى. بعد خروجه من السجن، بدأ مسيرته السياسية داخل حركة فتح، وتدرج في المناصب حتى أصبح أمين سر الحركة عام 2002، ثم وزيرًا للشؤون المدنية ورئيسًا للجنة التنسيق المدنية العليا عام 2007. يُنظر إليه كأحد المقربين من عباس، ويُعتبر “الذراع اليمنى” له في السلطة الفلسطينية.
وهو يُتهم بتورطه في قضايا فساد، أبرزها استغلال منصبه للحصول على تصاريح عمل من الاحتلال الإسرائيلي وبيعها للعمال الفلسطينيين مقابل مبالغ مالية. كما وُجهت له اتهامات بالتحرش الجنسي، إلا أن هذه القضايا لم تُحقق فيها بشكل جاد، مما يثير تساؤلات حول نزاهته.
بالإضافة إلى ذلك، يُنتقد الشيخ بشدة لتنسيقه الأمني المستمر مع الاحتلال الإسرائيلي، حيث يُعتبر المسؤول الأول عن التنسيق بين السلطة والاحتلال منذ أكثر من 15 عامًا. هذا التنسيق يُعتبره العديد من الفلسطينيين خيانة للقضية الفلسطينية، ويُسهم في تقويض المقاومة الشعبية ضد الاحتلال.
رفض شعبي واسع
ورغم المناصب الرفيعة التي يشغلها، إلا أن حسين الشيخ يواجه رفضًا شعبيًا واسعًا. استطلاعات الرأي تشير إلى أن غالبية الفلسطينيين لا يؤيدون سياسات السلطة الفلسطينية، ويطالبون بتغيير قيادتها.
كما يُتهم بالسعي لاغتصاب السلطة الفلسطينية دون دعم شعبي حقيقي. إذ أنه يسعى لتوريث منصب عباس لنفسه، مستغلًا علاقاته مع الاحتلال الإسرائيلي والدول الغربية.
هذا التوجه يُعتبره عديد الفلسطينيين محاولة لتكريس الهيمنة الشخصية على المشهد السياسي الفلسطيني، دون مراعاة للمؤسسات الشرعية أو الإرادة الشعبية.
ويجمع مراقبون على أن سعي حسين الشيخ لاغتصاب السلطة دون دعم شعبي يُعتبر خيانة لإرادة الشعب الفلسطيني، ويُسهم في تقويض المشروع الوطني الفلسطيني لمصلحة الاحتلال فقط.