دخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ قبل قليل، ليضع حداً لـ471 يوماً من الحرب المدمرة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع.
وما أن بدأ سريان الاتفاق حتى عمت أجواء من الفرح أنحاء القطاع، حيث خرج المواطنون في مسيرات حاشدة رددوا خلالها شعارات داعمة للمقاومة، تعبيراً عن ابتهاجهم بنهاية الحرب ومشاهد الموت والدمار.
وشهدت الساعات الأولى من وقف إطلاق النار عودة عشرات النازحين إلى منازلهم، خصوصاً في المناطق الشمالية من القطاع ومدينة رفح، فيما انتشرت عناصر الشرطة والأجهزة الأمنية في مختلف المناطق لتأمين الممتلكات العامة والخاصة، والمساهمة في إعادة الحياة إلى طبيعتها.
وأعلنت الحكومة في غزة جاهزيتها لتنفيذ خطة شاملة لإعادة الإعمار، تشمل تأمين المناطق المتضررة وتقديم المساعدات الإنسانية للسكان.
وتم تشكيل فرق ميدانية من الوزارات والمؤسسات الحكومية لمتابعة تنفيذ هذه الخطة وضمان توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين.
اتفاق وقف إطلاق النار
وتم الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية، ويمتد على ثلاث مراحل، مدة كل مرحلة 42 يوماً.
المرحلة الأولى تتضمن وقف العمليات العسكرية المتبادلة، وانسحاب قوات الاحتلال من المناطق المأهولة في غزة إلى المناطق الحدودية، مع إدخال 600 شاحنة مساعدات إنسانية يومياً.
كما تشمل الإفراج عن 33 أسيراً إسرائيلياً لدى المقاومة مقابل إطلاق سراح ألفي أسير فلسطيني، بينهم نحو 300 من المحكومين بالمؤبد، وفتح معبر رفح بعد سبعة أيام من بدء التنفيذ.
المرحلة الثانية تهدف إلى تحقيق الهدوء المستدام وتبادل دفعات أخرى من الأسرى، إلى جانب انسحاب الاحتلال بالكامل من قطاع غزة.
أما المرحلة الثالثة فتتعلق بإطلاق خطة شاملة لإعادة إعمار القطاع، تمتد من ثلاث إلى خمس سنوات، وتتضمن تبادل رفات الموتى لدى الجانبين، وفتح جميع المعابر بشكل دائم للسماح بحرية حركة الأشخاص والبضائع.
اجتماع الفصائل في الدوحة
وبدعوة من حركة حماس، عقدت الفصائل الفلسطينية اجتماعاً في العاصمة القطرية الدوحة لمناقشة آليات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وضم الاجتماع قادة من حماس والجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب الفلسطيني، إلى جانب رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين.
وأكد محمد درويش، رئيس المجلس القيادي لحركة حماس، خلال الاجتماع، أن هذه الحرب تمثل نقطة تحول في تاريخ القضية الفلسطينية، مشدداً على ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.
ودعا إلى تشكيل حكومة وفاق وطني لإدارة غزة، وإن تعذر ذلك، فاقترح إدارة القطاع بشكل وطني بمشاركة جميع القوى الفلسطينية.
بدورهم، أشاد قادة الفصائل بالجهود المبذولة لتحقيق هذا الاتفاق، مشددين على أهمية الإسراع في إغاثة الشعب الفلسطيني في غزة وإعادة الإعمار.
كما وجهوا التحية لجميع الأجنحة العسكرية للمقاومة، وأكدوا على أهمية الوحدة الوطنية كركيزة أساسية لمواجهة الاحتلال.
دور الوساطة القطرية والمصرية
ولعبت الوساطة القطرية والمصرية دوراً محورياً في التوصل إلى هذا الاتفاق الذي يُعد إنجازاً وطنياً للشعب الفلسطيني.
وأكدت المقاومة الفلسطينية أن الشعب الفلسطيني سيواصل نضاله حتى تحقيق التحرير الكامل والعودة والاستقلال.
وتمثل هذه الصفقة بارقة أمل لعائلات الأسرى، وتعكس تضحيات المقاومة الفلسطينية التي نجحت في فرض معادلة جديدة على الاحتلال.
ويمثل هذا الاتفاق، رغم التحديات، فرصة لإعادة بناء غزة وتضميد جراحها، وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة المستقبل.
وأكدت المقاومة الفلسطينية مرة أخرى أنها قادرة على فرض إرادتها، وأن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن حقوقه المشروعة.
الحرب على غزة
وخلفت الحرب التي شنها الاحتلال على قطاع غزة أكثر من 46 ألف شهيد، وأصابت أكثر من 110 آلاف شخص بجروح، بينما لا تزال جثامين أكثر من 11 ألف شهيد تحت الأنقاض.
وهذه الأرقام تعكس حجم الكارثة الإنسانية التي عاشها القطاع خلال الحرب.