
استُشهدت الطفلة جنان صالح السكافي، السبت، في مستشفى الرنتيسي بغزة، نتيجة سوء التغذية وغياب الحليب العلاجي، وسط حصار خانق يفرضه الاحتلال الإسرائيلي، وتجاهل مخزٍ من السلطة الفلسطينية التي تركت سكان غزة يواجهون المجاعة وحدهم.
طفلة تموت جوعًا في غزة
ومنذ ولادتها، كانت جنان تُصارع من أجل البقاء، إذ ولدت بوزن 2.600 كغم، ولم يزد وزنها سوى 200 غرام في أربعة أشهر.
وعانت من نوبات جفاف مفاجئة وإسهال دائم، ولم تتوفر لها أنواع الحليب الخاصة، رغم مناشدات والدتها المتكررة لمؤسسات السلطة والمؤسسات الدولية.
حصار خانق ومنع تام للمساعدات
وأكد مستشفى الرنتيسي للأطفال أن جنان لم تكن الحالة الوحيدة، بل تُستقبل يوميًا عشرات الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد والجفاف، بسبب توقف دخول الغذاء والعلاج، مما يعرض حياتهم للخطر يومًا بعد يوم.
ومنذ 2 مارس/آذار الماضي، تمنع سلطات الاحتلال مرور أي مساعدات غذائية أو طبية عبر معابر كرم أبو سالم، إيريز، وزيكيم، ما أدى إلى انهيار منظومة الإغاثة بالكامل، في وقت يعتمد فيه الفلسطينيون على المعونات بشكل شبه كلي بسبب الحرب والحصار.
المنظمات الدولية تُحذر
وقالت منظمة الصحة العالمية إن الوضع الصحي في غزة كارثي، مشيرة إلى أن الأطفال يعانون من سوء تغذية قد يُسبب إعاقات دائمة أو الوفاة.
وأكدت الأونروا أن أكثر من مليون طفل يعانون من سوء التغذية، في ظل حصول آلاف العائلات على وجبة واحدة فقط كل 72 ساعة.
السلطة الفلسطينية غائبة عن الواجهة
وفي الوقت الذي تموت فيه الطفولة جوعًا، لم تُصدر السلطة أي بيان أو تتحرك لتحويل الحالات الحرجة إلى الخارج أو تُشكل غرفة طوارئ، بل واصلت تجاهلها الكامل لمعاناة غزة، منشغلة بصراعات سياسية وبالظهور الإعلامي دون خطوات ملموسة على الأرض.
وأعلن مكتب الإعلام الحكومي أن قطاع غزة دخل فعليًا مراحل المجاعة الأولى، وسط غياب وقود وماء وغذاء، مؤكدًا أن ما يجري هو سياسة ممنهجة لتجويع الشعب الفلسطيني في ظل صمت رسمي دولي وعجز فلسطيني داخلي.
ورحلت الطفلة جنان، لكن رحيلها ليس نتيجة الحصار وحده، بل أيضًا نتيجة خذلان السلطة الفلسطينية التي تخلّت عن مسؤولياتها، واكتفت بإدارة صراع النفوذ والامتيازات في رام الله، بينما يُدفن أطفال غزة تحت ركام الجوع والمرض.
وفي كل يوم يموت فيه طفل، تكبر جريمة الاحتلال، لكن تكبر معها أيضًا جريمة الصمت، والتقاعس، والتواطؤ من سلطة تدّعي تمثيل الشعب، لكنها لا ترى من غزة سوى عبء سياسي، وليس دمًا فلسطينيًا يُذبح على مرأى العالم.