معالجات اخبارية

عصابات مسلحة تنهش ما تبقى من غزة.. سرقة المساعدات واغتيال الأمن

في الوقت الذي تعصف فيه المجاعة بقطاع غزة، وتنهار فيه المنظومة الإنسانية تحت وطأة الحصار الإسرائيلي، تتكشف فصول خطيرة من تنسيق غير معلن بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وعصابات مسلحة تنفذ عمليات سطو ممنهجة على المؤسسات الإغاثية والمخازن، وسط استهداف مباشر لكل من يحاول الدفاع عن ممتلكات الناس أو التصدي لهذه العصابات.

سرقة المساعدات واغتيال الأمن

وأعلنت وزارة الداخلية في غزة، السبت، عن استشهاد ضابط شرطة وطفل، إلى جانب إصابة عدد من رجال الأمن والمدنيين، إثر استهداف طائرات الاحتلال لقوة أمنية خلال تنفيذها مهمة ميدانية لملاحقة عملاء وعصابات مسلحة خارجة عن القانون.

وأكدت الوزارة أن الهجوم وقع بينما كانت القوة الأمنية تؤدي دورها في حفظ الأمن وملاحقة المتورطين في السطو على الممتلكات العامة والخاصة، مستغلة الفوضى الناجمة عن الحرب.

عصابات مسلحة وتغطية جوية

وبحسب مصادر أمنية، تُشغّل إسرائيل عملاء ومجموعات مسلحة لنهب المستودعات التابعة للمؤسسات الخيرية، مستفيدة من حالة الحصار لتضييق الخناق على السكان.

وتم توثيق هجمات على مخازن غذائية تحت غطاء من طائرات الاستطلاع الإسرائيلية، والتي قصفت نقاط الحماية الشعبية التي حاولت التصدي للّصوص.

اللافت أن هذه الطائرات تدخلت بالقصف فور ظهور أي مقاومة أو محاولات لمنع السرقة، ما مكّن اللصوص من العودة وإتمام المهمة في أكثر من حالة.

عمليات سطو منظم تحت القصف

ووفقاً لمصدر أمني تحدث لـ”قدس برس”، نفذت مجموعة مكوّنة من 50 مسلحاً يحملون بنادق أمريكية (M-16) عملية سطو كبيرة على مستودع في فندق “المشتل” التابع لجمعية “مطابخ غزة العزة” الخيرية.

كما استُهدفت مخازن برنامج الغذاء العالمي في مخيم الشاطئ، إلى جانب مراكز تابعة للأونروا ومؤسسات خاصة في حي الشيخ رضوان.

وفي حي الرمال، أكد الصحفي محمد هنية من غزة، أن طائرات الاحتلال قصفت عناصر تأمين شعبي عقب إحباطهم لمحاولة سرقة، ما أسفر عن سقوط شهداء، بينما عاد اللصوص لإكمال نهبهم.

استهداف التكايا والجمعيات

وفي تطور خطير، قصفت قوات الاحتلال مقر تكية تابعة لجمعية “قوافل الخير”، ما أدى إلى استشهاد 6 من العاملين فيها، كانوا يؤمّنون الموقع بعد محاولة سرقة سابقة، في جريمة وصفها مراقبون بأنها “قتل مقصود للأمل”.

وفي السياق، كتب الناشط أحمد سرداح: “السارقين يحملون السلاح، يلاحقهم الأمن، فيُقصف الأمن”، بينما أشار ياسر حنيف إلى أن “السرقات ممنهجة وتحدث ليلاً ونهارًا”، نافياً أي دافع للجوع خلفها.

وأكد الناشط الحقوقي رامي عبده أن طائرات الاستطلاع استهدفت مجموعات شبابية فرضت حظر تجول شعبي لمنع السرقات، ما يؤكد نية الاحتلال ضرب أي مبادرة مجتمعية للحماية.

 خطة عسكرية إسرائيلية

وما يحدث في غزة لا يمكن وصفه بالفوضى العفوية، بل هو أقرب إلى مخطط عسكري إسرائيلي لإسقاط ما تبقى من بنى المجتمع لتمكين عصابات السطو من التحرك بحرية، واستهداف كل من يحاول إيقافهم.

بالإضافة إلى شل الأجهزة الأمنية والمنظومة الإغاثية، وترهيب المجتمع من أي تحرك شعبي منظم.

دعوات للدفاع الذاتي

ووسط هذا الواقع القاتم، بدأت دعوات شعبية لتشكيل لجان أحياء محلية، تتولى تأمين المناطق بعيداً عن أشكال التنظيم التي قد تثير طائرات الاحتلال.

لكن هذه المبادرات تصطدم بخطر الاستهداف المباشر، الذي لم يستثنِ حتى العاملين في التكايا الخيرية.

ولا يواجه قطاع غزة اليوم فقط حرباً عسكرية، بل حملة مركبة لتجويعه، تفكيك مجتمعه، وتحطيم أي أمل بالمقاومة أو حتى النجاة.

وتحت صمت دولي مخزٍ، وبتواطؤ واضح من الاحتلال، يُترك الغزيون ليموتوا جوعاً، أو تُنهب قوتهم بالقوة، أو يُستهدفوا إن حاولوا الدفاع عن أنفسهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى