كاتب: فتح تمر بتيه استراتيجي وانزياح وجودي من المقاومة للخيانة

قال الكاتب والمحلل السياسي مجد شاهين إن حركة فتح كانت مع انطلاقتها عام 1965 رمزًا للكفاح المسلح الفلسطيني، وبعيدا عن الحقيقة التاريخية اعتبرها الكثير أو اعتبرت نفسها “الرصاصة الأولى” في مواجهة الاحتلال، ومحرّكًا لثورات المخيمات والمنافي. لكن بعد عقود من التحولات السياسية، وقفت الحركة في مسيرتها على مفترقات عديدة لكنها اليوم أمام مفترق حاد: من حامل راية التحرير بالسلاح إلى من يسعى إلى نزعه، ولو بقوة السلطة.
وأوضح شاهين في مقال أن فتح تأسست على قاعدة مركزية: أن الكفاح المسلح هو الطريق الاستراتيجي والوحيد لتحرير فلسطين، كما ورد بوضوح في نظامها الداخلي. لكن منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، تراجعت هذه العقيدة تدريجيًا.
وأشار إلى أن الحركة، بقيادة محمود عباس، باتت تنتهج خطًا سياسياً تفاوضيًا معولة على ما تسميه “المقاومة السلمية” كخيار واقعي.
إلا أن الأهم من الانحراف عن النصوص، و- الحديث للكاتب – هو ما تجسّد ميدانيًا في ممارسة السلطة الفلسطينية للتنسيق الأمني، ما دفع كثيراً من المحللين السياسيين والإعلاميين إلى وصفها تدريجيًا بأنها جهاز إداري أمني أكثر من كونها سلطة مقاومة، بتناقضٍ صارخ مع النظام الداخلي والمبادئ التأسيسية للحركة الأم.
وذكر أنه وفي تطور بالغ، كشفت تقارير إعلامية عن زيارة مرتقبة لعباس إلى بيروت في 21 أيار/2025، هدفها الأساسي: مناقشة خطة لنزع سلاح الفصائل الفلسطينية داخل المخيمات، بما فيها “فتح” نفسها.
ونقل عن مواقع اخبارية، قولها إن عباس سيعرض على السلطات اللبنانية خطة تتضمن نقل مسؤولية الأسلحة الموجودة في المخيمات إلى الجيش اللبناني، مع السماح له بمراقبة مخازنها وقد تشمل استخدام القوة إذا لزم الأمر لتنفيذها.
وأكد أن المبادرة ليست فردية ومصادر إعلامية تشير إلى أنها بناء على طلب سعودي، نقله وزير الخارجية فيصل بن فرحان، ويستهدف جميع الفصائل دون استثناء، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي.
وأوضك أنه بين نزع السلاح واغتيال الذاكرة وما يجري لا يقتصر على بُعد أمني، بل يتعداه إلى البُعد الرمزي والتاريخي. سلاح المخيمات، ولو كان رمزيًا أو منتهي الصلاحية القتالية، هو آخر بقايا “الحلم الثوري” الفلسطيني في الشتات.
وشدد شاهين على أن نزعُه لا يعني فقط تغييب البندقية، بل نسف الذاكرة الوطنية والاجتماعية للمخيمات والشتات، وإعادة صياغة الهوية الفلسطينية تحت وقع التنسيق، وضغوط الإقليم، وقيود الواقعية المزعومة.
وختم: “يصبح واضحًا أن الانتقال من الكفاح إلى نزع السلاح ولو بالقوة، لم يكن تحولًا تكتيكيًا، بل انزياحًا وجوديًا في هوية حركةٍ بدأت ثورة، وتنتهي على شكل غير مرضي لحركة أساسية بالهوية الثورية الفلسطينية إنها لحظة التيه الاستراتيجي: حيث تنقلب شعارات التحرير إلى إجراءات تفكيك المقاومة”.