ماذا يعني تطبيق خطة المساعدات الأمريكية الإسرائيلية على غزة؟

مع دخول 2.4 مليون فلسطيني بقطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة جراء المنع المشدد لإدخال الاحتياجات الإنسانية له منذ 70 يوما، تطل برأسها خطة أمريكية – إسرائيلية لإعادة هندسة جريمة التجويع بطريقة أكثر نظافة.
ويحذر مختصون من أن الخطة تهدف لتشديد الحصار على أهالي غزة بشكل أكثر “نظافةً” إعلاميًا، بإعادة تغليف سياسة التجويع بأدوات ومصطلحات “إنسانية”، عبر خطة توزيع مساعدات محدودة بإشراف شركات دولية.
ويواجه القطاع كارثة إنسانية غير مسبوقة على وقع إبادة جماعية إسرائيلية مستمرة منذ أكثر من 600 يوم راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 200 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح.
رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده يصف الخطة بأنها ليست إغاثية، بل شكلا جديدًا من الحصار والإبادة الجماعية والتهجير القسري لكنها مغلَّفة بورقة العمل الإنساني.
ويقول عبدو في تصريح إنها “ليست مشروعًا إنسانيًا، بل مناورة مدروسة لإعادة تغليف الحصار، وتقنين التجويع، وتحويل الطعام لأداة قهر وخضوع تمهّد لاقتلاع السكان من أرضهم”.
ويؤكد أنها بمثابة انتهاك صارخ لواجب إدخال المساعدات فورا ودون عوائق، مؤكدا أن هدفها فرض السيطرة، وكسب الوقت لصالح “إسرائيل”، وتوسيع قبضتها العسكرية، وإجبار السكان على النزوح عبر إنهاكهم وتجويعهم وتحويلهم لأرواح منهكة وبطون جائعة تنتظر وجبة أسبوعية.
ويشير إلى أن المطلوب هو السماح العاجل والفعّال بإدخال الاحتياجات المعيشية ومقومات النجاة بما يضمن حياة كريمة للسكان يستطيعون من خلالها بناء مستقبلهم على أرضهم، وهم أثبتوا على مدار التاريخ تميزهم وقدرتهم على صناعة الحياة وخدمة البشرية جمعاء.
وكان موقع “أكسيوس” كشف أن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف عرض خطة على مجلس الأمن تتضمن تقديم وجبات غذائية لا تتجاوز 1750 سعرة حرارية للفرد، توزع عبر 3 محطات مركزية في قطاع غزة.
ومنيت محاولات واشنطن و(إسرائيل) تمرير الخطة من بوابة الأمم المتحدة بالفشل، وأعلنت المنظمة الدولية رفضها المشاركة فيها، بعد ما وصفته بدراسة متأنية ومشاورات موسعة، محذّرة من تبعات خطة لا تراعي الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية.
الكاتب السياسي رياض حلس يصف آلية الخطة الأمريكية- الإسرائيلية لتوزيع المساعدات على أهالي غزة بأنه نظام أقرب ما يكون إلى ما سماه بـ”حديقة حيوانات بشرية”.
ويشير حلس إلى أن الخطة تحيد كميات الغذاء وفق استهلاك الجسم تحت إشراف أطباء تغذية غربيين، دون أي اعتبار للفروق الصحية والجسمانية بين الأفراد.
أستاذ العلوم السياسية في غزة إياد القطراوي يرى أن الخطة رغم تغليفها بأهداف إنسانية تمثل بجوهرها محاولة استراتيجية لإحكام السيطرة على غزة دون إعلان عن احتلاله”.
ويؤكد القطراوي في تصريح أن “نجاح الخطة سيمثل خطوة كبيرة نحو تصفية القضية الفلسطينية، لا سيما في شقها المتعلق في غزة”.
وتحاول الخطة فرض إدارة ميدانية بالسيطرة الكاملة على نقاط الدخول والخروج، وضبط المساعدات عبر شركات أمنية خاصة، بإشراف وتنسيق إسرائيلي مباشر، ما يكرّس شكلاً من أشكال الحكم الفعلي دون إعلان احتلال رسمي.
ويحذّر القطراوي من “التداعيات الكارثية التي قد تترتب على تنفيذ الخطة التي تمثل تحولًا خطيرًا في طبيعة السيطرة على قطاع غزة.
ويبين أن هدفها فرض حكم أمني إداري فعلي على غزة، دون الحاجة إلى إعلان احتلال شامل، ما يمنح الاحتلال سيطرة ميدانية كاملة بغطاء إنساني مزعوم”.
ومن أخطر ما تتضمنه الخطة – والحديث للقطراوي- إقصاء مصر عن معبر رفح وتحويله إلى بوابة جانبية، وهو ما يقلل من دورهاةالإقليمي ويُحكم الطوق الجغرافي الإسرائيلي على القطاع.
ويؤكد أن فرض رقابة مباشرة على العمل الإنساني والمنظمات الدولية سيضع الاحتلال في موقع (السلطة المحتلة)، ويلزمها قانونيًا بتحمل تبعات ومسؤوليات دولية بموجب القانون الدولي.
ويلفت إلى أن “اعتماد الاحتلال على شركات أمنية خاصة يمثل (خصخصة للاحتلال)، ويقلص من فرص المساءلة القانونية عن الانتهاكات، ويمنحها مرونة أكبر في فرض سياسات الأمر الواقع.
ويؤكد أن “فرض الشروط الإسرائيلية لما بعد الحرب سيجعل غزة منزوعة السيادة، ومرتبطة أمنيًا واقتصاديًا بالاحتلال يسياق يتجاوز الحلول السياسية نحو فرض واقع دائم يخدم مصالحها”.
وينوه إلى أن “المنظمات الإغاثية الدولية حذّرت من أن هذه الخطة ستقيد بشكل كبير تدفق المساعدات، وتعقّد عملياتها، فيما حذّر مسؤولون إسرائيليون من أن تنفيذها يمهّد لفرض حكم عسكري مباشر عليها.