معالجات اخبارية

داخل مداولات محكمة العدل بشأن الهجمات الإسرائيلية على الأمم المتحدة

بدأت محكمة العدل الدولية، يوم الاثنين، جلسات الاستماع بشأن التزام دولة الاحتلال الإسرائيلي بضمان وصول المساعدات إلى الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر وتداعيات هجماتها على الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية.

منذ شهر مارس/آذار، منعت إسرائيل وصول جميع المساعدات إلى غزة، ولم يصل الغذاء أو الماء أو الأدوية إلى سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من 2 مليون مليون نسمة خلال الأسابيع الثمانية الماضية.

وجاءت هذه القضية ردا على الحظر الإسرائيلي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في أكتوبر/تشرين الأول، وهو الحدث الذي أثار غضبا عالميا ودعوات لطرد تل أبيب من الأمم المتحدة بسبب اتهامات بانتهاكها ميثاق الأمم المتحدة التأسيسي، وخاصة الامتيازات والحصانات التي تتمتع بها وكالات الأمم المتحدة.

ومن المتوقع أن يتم البت في هذه القضية في أواخر شهر مايو/أيار أو أوائل شهر يونيو/حزيران، وستكون هذه هي القضية الثالثة التي تتطلب رأياً استشارياً منذ عام 2004 والتي يتم الاستماع إليها أمام محكمة العدل الدولية فيما يتصل بالانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي.

وتُقدّم حوالي 40 دولة من بينها فلسطين، أدلةً أمام المحكمة في الفترة من 28 أبريل/نيسان إلى 2 مايو/أيار.

وقال البروفيسور إيريك بيورج، وهو أكاديمي متخصص في القانون الدولي قاد الدعوات إلى إصدار رأي استشاري في أكتوبر/تشرين الأول الماضي: “بالنسبة لأولئك الذين يؤمنون بالمنظمة الدولية والأمم المتحدة، ويرغبون في حمايتها من العمل الأحادي الجانب والتدمير، فإن هذه القضية لا يمكن أن تكون أكثر أهمية”.

وأوضح “أن عددا كبيرا للغاية من الدول المشاركة ترى أن (إسرائيل) ملزمة بموجب ميثاق الأمم المتحدة بتقديم كل المساعدة للأونروا، وأنها ملزمة التزاما مطلقا باحترام امتيازاتها وحصاناتها”.

وذكر أن “مجموعة صغيرة من المارقين ـ (إسرائيل) نفسها والمجر والولايات المتحدة ـ يجادلون ضد هذا الموقف الذي تتبناه الأغلبية”.

وقررت وزارة العدل الأميركية يوم الخميس أن الأونروا ليست بمنأى عن الإجراءات القانونية في الولايات المتحدة، وهو الموقف الذي قد تؤكده في جلسات الاستماع هذا الأسبوع، كما قال بيورغ، واصفا إياه بأنه “موقف ميؤوس منه تماما”.

والأونروا هي المصدر الرئيسي للدعم الإنساني لحوالي 5.9 مليون لاجئ فلسطيني في فلسطين المحتلة والدول المجاورة التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين.

يشمل ذلك توفير الخدمات الأساسية كالتعليم والغذاء والرعاية الصحية وتوزيع الوقود. وقد يؤدي إغلاقه حتمًا إلى انهيار شريان الحياة الرئيسي للفلسطينيين.

ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، قتلت دولة الاحتلال ما لا يقل عن 290 موظفاً من موظفي الأونروا ونفذت ما لا يقل عن 830 هجوماً على منشآت الأونروا والأشخاص الذين يحتمون بها.

ما هو المطلوب من المحكمة أن تحكم به؟

تأتي هذه الجلسات في أعقاب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 29 كانون الأول/ديسمبر 2024 (A/RES/79/232)، والذي حظي بتأييد كبير من النرويج ، والذي يطلب من المحكمة تقديم رأي استشاري بشأن الأسئلة التالية:

“ما هي التزامات إسرائيل، كقوة احتلال وكعضو في الأمم المتحدة، فيما يتعلق بوجود الأمم المتحدة وأنشطتها، بما في ذلك وكالاتها وهيئاتها والمنظمات الدولية الأخرى والدول الثالثة، في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفيما يتعلق بها، بما في ذلك ضمان وتسهيل توفير الإمدادات العاجلة والضرورية لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين، فضلاً عن الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية والإنمائية، لصالح السكان المدنيين الفلسطينيين، ودعماً لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير؟”

وقد دعا طلب الجمعية العامة المحكمة إلى البت في المسألة المذكورة أعلاه فيما يتصل بعدد من المصادر القانونية، بما في ذلك: ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وامتيازات وحصانات المنظمات الدولية والدول بموجب القانون الدولي.

وكذلك القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فضلاً عن الآراء الاستشارية السابقة للمحكمة: الرأي الصادر في 9 يوليو/تموز 2004 الذي أعلن عدم شرعية جدار الفصل الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، والرأي الاستشاري الصادر في 19 يوليو/تموز 2024، الذي أكد عدم شرعية احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية والتزام إسرائيل كقوة احتلال بدعم حقوق الفلسطينيين.

الحظر الإسرائيلي لأونروا

في أكتوبر/تشرين الأول 2024، أقرّ البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) قانونين يمنعان الأونروا من العمل داخل دولة الاحتلال وفلسطين المحتلة.

وجاءت مشاريع القوانين هذه بعد وقت قصير من مصادرة السلطات الإسرائيلية أرضًا في القدس الشرقية المحتلة، حيث يقع مقر الأونروا في ظل خطط إسرائيلية لبناء 1440 وحدة استيطانية في الموقع، وهو أمر غير قانوني بموجب القانون الدولي.

وتحظر هذه القوانين عمل الأونروا فعليًا من العمل داخل إسرائيل وغزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية. ويُعد هذا الحظر بمثابة إلغاء للامتيازات والحصانات التي تتمتع بها منظمات الأمم المتحدة بموجب ميثاقها. وقد دخل الحظر حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني.

وينص القانون الأول على أنه لا يجوز للأونروا “تشغيل أي مؤسسة، أو تقديم أي خدمة، أو إجراء أي نشاط، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر”، في إسرائيل.

ويحظر القانون الثاني على المسؤولين والوكالات الحكومية الإسرائيلية الاتصال بالأونروا. وسوف يؤثر هذا حتما على الامتيازات والحصانات التي تتمتع بها الأونروا بموجب القانون الدولي.

ورحبت مديرة الاتصالات في الأونروا، جولييت توما، بجلسات محكمة العدل الدولية، قائلة إن الحظر الإسرائيلي على المنظمة أعاق قدرتها على تنفيذ ولايتها.

وقالت توما إنه “منذ دخول هذه القيود حيز التنفيذ في نهاية يناير/كانون الثاني، لم يحصل موظفو الأونروا الدوليون على تأشيرات لدخول إسرائيل، وهم محظورون فعليًا من الوصول إلى الضفة الغربية المحتلة (بما في ذلك القدس الشرقية) وقطاع غزة”.

وأضافت أن العديد من مرافق الأونروا، بما في ذلك المدارس في القدس الشرقية المحتلة، لا تزال مهددة بأوامر إسرائيلية تطالب بإغلاقها.

وأوضحت توما أن سياسة عدم الاتصال التي فرضتها مشاريع القوانين، والتي تمنع المسؤولين الإسرائيليين من التنسيق أو التواصل مع مسؤولي الأونروا، تعيق تقديم خدمات الإغاثة والمساعدات الأساسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى