محمد ونور أبو عبده.. صحفيان شقيقان قتلتهما “إسرائيل” وفتح بفارق 19عامًا

بفارق 19 عامًا، التحق “نور” بركب شقيقه الشهيد الصحفي محمد أبو عبده، كأنما الطريق برغم السنين، يعود يؤكد على ذاته، لتبقى الشهادة طريقًا واحدًا لا عودة عنها وإن اختلف القاتل.
نور الذي يعمل صحفيًا في وكالات إخبارية استهدفته “إسرائيل” بغارة جوية على حي التفاح شمال شرقي مدينة غزّة ليرتقي شهيدا.
أما محمد فقتلته عصابات حركة فتح أثناء سعيه مع زميله سليمان العشي لأداء عمله في صحيفة فلسطين عقب اختطافهما وإعدامها في مقر أمني غربي مدينة غزة.
صور جثماني نور ومحمد تكشف عن بشاعة الجريمتين وحجم التمثيل الذي لحق بهما من شدة الاستهداف سواء بالقصف أو إطلاق النار.
ونور هو الصحفي الوحيد الذي تمكن الوصول لتغطية مجزرة مدرسة الكرامة فجر يوم الأربعاء والتي استشهد فيها ١٩ مواطنًا ويعمل في الشرق نيوز، وإذاعة الرأي.
وفي آخر رسالة صوتية للشهيد الصحفي نور عبده كان يتحدث بها حول مجزرة مدرسة الكرامة واستهداف الاحتلال لها.
والدة محمد عبده ظلت تبكي على فراق ابنها الذي أنجبته بعد 13 عاما من الزواج، حتى غادرت الحياة من شدة حزنها واشتياقها له.
وظل شعور الألم والحزن الشديدين، ملازما لعائلة الشهيد عبدو الذي تعرض للاختطاف والقتل معا كونه “فرحة العمر الأكبر”.
وتقول والدة محمد قبل رحيلها إنه الشهيد الحاضر الغائب في مخيلة وعقل والدته التي لم يكن لها مجرد الابن البكر بل الولد المطيع الخلوق، دائم الحنان على والديه وأشقائه.
وتتذكر أم محمد بنبرات متقطعة يغلبها الحزن الشديد آخر مرة سمعت فيه صوت محمد وهو يهاتفها قبل ساعات من اختطافه للسؤال عن شقيقاته اللواتي كان يفترض أن يتناولون طعام الغذاء بمنزل الأسرة، حينها ختم المكالمة “سأحاول ألا أتأخر لأني مشتاق لأخواتي”.
جريمة فتح
بعد ذلك بساعة حضرت أخوات محمد إلى المنزل، وكان الجميع في انتظاره لكن هذه المرة لم يتمكن من الوفاء بوعده، وكانت جريمة اختطافه وقتله دون ذنب ارتكبه أكبر من إرادته.
“لقد مات مظلوماً برصاص الغادرين”، تقول والدته المكلومة.
وتضيف “لم يكن ليؤذي أحداً يوماً.. كان رحمه الله خلوقاً مطيعاً، غمرت السعادة حياته حين التحق بالعمل في صحيفة فلسطين على أمل بناء مستقبله بطموح كبير، فراح يجتهد في عمله لكن لم تدم سعادته سوى ثلاثة شهور.. حتى اصطفاه الله شهيداً”.
والد الشهيد محمد كان يمسك صورة نجله والدموع تملأ مقلتيه متسائلاً: “ماذا فعل ليرتكبوا بحقه هذه الجريمة.. هل آذاهم في شيء؟” ويجيب على نفسه من بأسه: “لا لم تؤذهم سوى أنهم مجموعة قتلة عديمي الضمير”.
ولعل أكثر ما يؤلم عائلة الشهيد محمد بحادثة استشهاده أنه كان يستعد للاحتفال بزفافه إلى خطيبته التي ارتبط بها قبل 8 شهور، وكانا يعدان معاً “عش الزوجية”، لكن الجريمة البشعة حالت دون ذلك.
ويتحدث أبو محمد بأسى عن حقيقة أن نجله قتل بأيد فلسطينية، لكن في نفس الوقت يحث نفسه وعائلته بالصبر وطلب العوض من الله على جريمة قتل نجله الشاب، ويصر على المطالبة بالقصاص من القتلة.