معالجات اخبارية

مرصد حقوقي يفند مزاعم الخطة الإسرائيلية بشأن المساعدات في غزة

فند مرصد حقوقي الخطة الإسرائيلية المتداولة بشأن المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، مؤكدًا أنها ليست سوى مناورة جديدة لإدامة الحصار الشامل وغير القانوني على القطاع، بإعادة تقديم سياسة التجويع بصيغة مضلّلة تمنحها مظهرًا إنسانيًا زائفًا، وتُضفي شرعية على استخدامها المستمر كأداة ضمن جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 19 شهرًا.

وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان إن الخطة الإسرائيلية ترمي إلى فرض سيطرة كاملة على الدورة الكاملة للعمل الإنساني، ابتداءً من تحديد طبيعة وكميات المساعدات وآلية إدخالها، مرورًا بمواقع تخزينها وتوزيعها، وصولًا إلى تحديد الفئات المستفيدة منها، ما يعكس نية واضحة لدى “إسرائيل” لإدارة جريمة التجويع لا وقفها، وترسيخ تحكمها في مقومات الحياة الأساسية للفلسطينيين في غزة.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية كشفت عن تنسيق “إسرائيل” مع الولايات المتحدة لإنشاء آلية جديدة لإدخال المساعدات عبر “صندوق دولي” تموله دول ومؤسسات مانحة، يتضمن إقامة مجمّعات توزيع داخل القطاع يسمح للعائلات الفلسطينية بالوصول إليها مرة أسبوعيًا للحصول على طرد غذائي واحد يكفي لأسبوع، على أن تُدير شركة أمريكية خاصة العمليات اللوجستية وتوفير الأمن داخل المجمعات، فيما يتولى الجيش الإسرائيلي تأمين محيطها.

وذكر المرصد أن “إسرائيل تزعم أن الآلية تهدف إلى منع وصول المساعدات إلى حركة حماس، لكنها في الواقع تُكرّس نموذجًا يُبقي السيطرة الكاملة على حياة المدنيين بيد الاحتلال، ويحوّل الغذاء والدواء والماء إلى أدوات ابتزاز جماعي تُدار عبر منظومة عسكرية–أمنية، لا إنسانية–قانونية.

وبيّن المرصد أنّ هذه الآلية تمثل امتدادًا لسياسة الخنق الشامل التي تطبقها “إسرائيل” منذ شهور، وتشكل محاولة لصرف الأنظار عن الحاجة العاجلة لإدخال المساعدات دون قيد أو شرط، بما يمنح الاحتلال وقتًا إضافيًا لتعميق الكارثة الإنسانية، وتطبيع سياسة التجويع الممنهج والإبادة الجسدية.

وأشار إلى أن توزيع المساعدات في مناطق نائية وقريبة من نقاط الجيش الإسرائيلي يُنذر باستخدام هذه المجمعات كأداة لنقل السكان قسرًا تحت غطاء إنساني، إذ يُرجّح أن تُضطر العائلات إلى النزوح نحوها لإنقاذ حياتها، ما يفؤف مناطق سكنية واسعة وفرض واقع ديموغرافي جديد.

وحذر من أن سجل “إسرائيل” يبرر الاعتقاد بأنّ الآلية المقترحة لن تكون حيادية أو إنسانية، بل أداة إضافية في مشروع التهجير القسري.

وسلّط البيان الضوء على توثيق المرصد لأساليب إسرائيلية مركبة، خلال اجتياح شمال غزة في أكتوبر 2024، لدفع السكان على مغادرة منازلهم عبر القصف والحصار، وتوزيع منشورات ومكالمات هاتفية تُجبرهم على التوجه نحو “المنطقة الإنسانية” في المواصي، تحت التهديد بحرمانهم من المساعدات.

وأوصح أن الآلية المقترحة تنتهك بوضوح التزامات “إسرائيل” كقوة احتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، والمبادئ العامة للقانون الدولي الإنساني، عبر تقييد المساعدات، واستخدامها كوسيلة للضغط والإخضاع بدلًا من توزيعها وفق معايير الحياد وعدم التمييز وضمان الوصول الفوري.

وحذر المرصد من أن الآلية تُستخدم لفرض سيطرة دائمة على أجزاء من قطاع غزة، ضمن خطة ضمّ زاحف مقنّعة، بإقامة ما يُعرف بـ”المجمعات الإنسانية” في مناطق مفتوحة تُحوَّل لاحقًا إلى أحزمة أمنية أو ممرات لوجستية، ما يُضفي على الوجود الإسرائيلي طابعًا دائمًا ومشروعًا بحكم الأمر الواقع.

وأكّد أن الإدارة الإسرائيلية للآلية، سواء بشكل مباشر أو عبر شركة خاصة، تهدف لجمع قاعدة بيانات مفصّلة عن المدنيين، يمكن استخدامها لاحقًا لأغراض الملاحقة والمراقبة والاستهداف.

ونوه المرصد إلى أن اقتصار المساعدات على طرد واحد أسبوعيًا لا يُلبّي الحد الأدنى من احتياجات الأمن الغذائي، بل يُضفي شرعية زائفة على استمرار المجاعة، ويحرم السكان من أي قدرة على التخزين أو التكيّف، فيما تُخضع المساعدات لمحددات أمنية إسرائيلية تعسفية.

وشدّد على أنّ استئناف “إسرائيل” عمليات القتل الجماعي في 18 مارس 2025، تزامن مع تصعيد ممنهج ضد التكايا ومرافق توزيع الطعام، إذ قُتل 8 على الأقل من العاملين الإغاثيين خلال يومين، وشُنّت هجمات على مخازن الغذاء وعناصر الحماية الإنسانية، ما يُظهر بوضوح أن الآلية المقترحة لا تستهدف الإغاثة بل إحكام السيطرة وإعادة تشكيل المشهد الإنساني بإشراف عسكري–أمني.

وأكّد أن هذه الخطة تُقصي عمدًا وكالة “أونروا” والمؤسسات الفلسطينية والدولية ذات الكفاءة، بحجة “التحييد السياسي”، ما يؤدي إلى تفريغ القطاع من آليات إغاثة فعّالة، واستبدالها بنظام خاضع للهيمنة الأمنية الإسرائيلية.

واعتبر المرصد انخراط الولايات المتحدة في التخطيط للآلية امتدادًا لدورها في توفير الغطاء السياسي والعسكري لجريمة الإبادة الجماعية، عبر الفيتو المتكرر في مجلس الأمن، وتوريد الأسلحة المستخدمة في قتل آلاف الفلسطينيين، وهي اليوم تُعزّز هذا الانخراط من خلال الترويج لآلية ملتوية تشرعن سياسة التجويع الجماعي.

وقال إن تفويض شركة أمريكية لا يُعفي “إسرائيل” من مسؤولياتها القانونية كقوة احتلال، حيث تبقى السيطرة الفعلية بيدها، ولا يُمكن لأي طرف وسيط أن يُغيّر من هذه الحقيقة.

وطالب المرصد المجتمع الدولي بعدم التعاون مع الآلية المقترحة أو تمويلها، والضغط على “إسرائيل” لإلغائها فورًا، باعتبارها صيغة جديدة للحصار، تمنح غطاءً لاستمرار جريمة التجويع الجماعي.

كما دعا لتوفير حماية فورية للعاملين في المجال الإغاثي، ووقف الهجمات المتعمدة على المرافق الإنسانية، مؤكدًا أن هذه الاعتداءات تُعد خرقًا مباشرًا للقانون الدولي الإنساني.

وطالب جميع الدول بالتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية، وضمان محاسبة “إسرائيل”، بما يشمل تنفيذ أوامر القبض الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق قادتها، واتخاذ عقوبات شاملة ضدها، بما في ذلك حظر تصدير السلاح، ووقف أشكال الدعم كافة.

وحث على ضرورة محاسبة الدول المتواطئة مع إسرائيل، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لدعمها المستمر عسكريًا وسياسيًا، داعيًا إلى فرض إجراءات عقابية تطال كافة مجالات التعاون مع “إسرائيل”، لضمان وقف الجرائم المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى