
في المشهد الفلسطيني المرتبك، يبرز اسم حسين الشيخ كأحد أكثر الشخصيات إثارة للجدل.
من موظف صغير في التنسيق الأمني إلى مرشح مدعوم من واشنطن وتل أبيب لخلافة محمود عباس، تطور مسار الرجل بشكل حاد وسريع، غير أن خلف هذا الصعود شبكة من العلاقات المريبة وملفات ظلت طي الكتمان.
الوجه المظلم لحسين الشيخ
كشفت وثيقة مسرّبة من اجتماع لجنة التحقيق في وفاة الطبيب الخاص بالرئيس الراحل ياسر عرفات، الدكتور سعيد درّس، أن حسين الشيخ كان على رأس قائمة المطلوبين للتحقيق بتهمة محتملة في مقتل الطبيب، والذي ترتبط وفاته بشبهات حول عملية اغتيال عرفات نفسها.
الوثيقة المؤرخة بـ14/9/2014، والتي نُوقشت فيها تفاصيل الملف بحضور شخصيات أمنية وقيادية بارزة مثل توفيق الطيراوي، مازن عز الدين، ومحمد إسماعيل، تضمنت دعوات صريحة لاعتقال الشيخ والتحقيق معه، خصوصًا بعد إثبات أن درّس مات مقتولًا، وأن حسين الشيخ كان قد رتب العلاقة بينه وبين أبو عمار، وفق إفادة أحد أعضاء اللجنة.
وتساءلت اللجنة عن سبب إخفاء الملف الطبي من المستشفى الفرنسي، وعن دور ابن خالة حسين الشيخ في الحادثة، وسط توصيات بمتابعة مكالماته الهاتفية مع الطبيب، واعتباره طرفًا يجب التحقيق معه لا مجرد الاستماع إليه كشاهد.
صعود مدعوم بالشللية والعلاقات العائلية
ينتمي حسين الشيخ لعائلة الطريفي، وهي عائلة معروفة بعلاقاتها القديمة مع الاحتلال الإسرائيلي.
والده الروحي جميل الطريفي، رجل أعمال ومسؤول سابق، لعب دورًا كبيرًا في تسهيل صعوده السياسي، من خلال شبكات النفوذ والتصاريح والامتيازات الاقتصادية.
هذا الصعود لم يكن وليد كفاءة أو إنجاز وطني، بل نتيجة تراكُم علاقات أمنية وتجارية معقدة، بعضها يحمل شبهات عميقة لم تُفتح ملفاتها حتى اليوم.
رجل إسرائيل في رام الله
ولم تكن مجلة “فورين بوليسي” وحدها من وصفت حسين الشيخ بأنه “رجل إسرائيل في رام الله”.
فقد نقلت المجلة عن مسؤول استخباري إسرائيلي قوله صراحة: “إنه رجلنا”، في إشارة إلى حجم التنسيق الأمني والاعتمادية المتبادلة بينه وبين الاحتلال.
وهذا التناغم لم يُثمر إلا عزلة داخلية ورفضًا شعبيًا متزايدًا له، رغم حصوله على دعم إقليمي ودولي من مصر، الأردن، السعودية، والولايات المتحدة.
انقسام داخلي في فتح ورفض للهيمنة
داخل حركة فتح، يواجه حسين الشيخ رفضًا متصاعدًا من قيادات بارزة مثل محمود العالول، جبريل الرجوب، عباس زكي، وتوفيق الطيراوي، الذين يرفضون تفرده بالمناصب الحساسة داخل المنظمة، ويرون فيه استمرارًا لنهج الإقصاء الذي مارسه عباس.
ومع تصاعد الحديث عن تعيينه نائبًا للرئيس، يتزايد الغضب من تجاهل النظام الداخلي للمنظمة، خاصة أن المجلس الوطني لم يُعقد منذ 2018، والمجلس المركزي لا يملك صلاحية تعيين نائب للرئيس وفق النظام الأساسي.
وترشيح حسين الشيخ لخلافة عباس ليس مجرد مسألة سياسية عابرة، بل يمثل تحديًا حقيقيًا لشرعية النظام الفلسطيني ومستقبله.