معالجات اخبارية

من هو حسين الشيخ؟.. قيادي في فتح صنعته “إسرائيل” على عينها

فتح تعيين حسين الشيخ بمنصب نائب رئيس السلطة الفلسطينية الباب أمام تساؤلات جمة عن شخصيته المثيرة للجدل منذ ظهوره الأول وعلامات استفهام كبيرة بشأن توليه السريع للمناصب الرفيعة لدى السلطة الفلسطينية.

وحسين الذي يعرف عنه قربه الشديد من أوساط امنية وعسكرية إسرائيلية وضع على نفسه علامات استفهام كبيرة بشأن أدواره القذرة بترسيخ التنسيق الأمني مع الاحتلال، فضلاً عن كراهيته من غالبية مسؤولي السلطة الذي ينظرون إليه بعين الحسد على سرعة صعوده.

الشيخ بدأ حياته السياسية كموظف صغير في منظومة التنسيق الأمني التي كان يديرها قريبه الوزير جميل الطريفي، والذي مهد له كيفية شق طريقه إلى قلب وعقل المنظومة الأمنية الإسرائيلية التي أحبته وجندته لديها كرجلها المخلص.

وينتمي حسين الشيخ لعائلة الطريفي، وهي عائلة معروفة بعلاقاتها القديمة مع الاحتلال الإسرائيلي، فوالده الروحي جميل الطريفي، رجل أعمال ومسؤول سابق، لعب دورًا كبيرًا في تسهيل صعوده السياسي، من خلال شبكات النفوذ والتصاريح والامتيازات الاقتصادية.

هذا الصعود لم يكن وليد كفاءة أو إنجاز وطني، بل تراكُم علاقات أمنية وتجارية معقدة، بعضها يحمل شبهات عميقة لم تُفتح ملفاتها لليوم.

من هو حسين الشيخ؟

هو حسين شحادة محمد الشيخ من مواليد 14 ديسمبر 1960 في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية.

اعتقله الاحتلال في سن الـ18 بسجونها وتعلّم اللغة العبرية التي أهلته ليصبح رمز التواصل الأمني مع جيش ومخابرات الاحتلال في إطار ما يعرف بالتنسيق الأمني.

بعد توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993، بات عضواً مؤسساً في اللجان السياسية بالضفة الغربية وقطاع غزة.

وعام 1994، عُين برتبة عقيد في جهاز الأمن الوقائي، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 1997 وعضواً في اللجنة العليا لحركة فتح في الضفة الغربية، ونائبا لرئيس اللجان السياسية في الضفة وغزة والقدس.

وخلال الانتفاضة الثانية لم يكن للشيخ أي دور مقارنة بالقيادي مروان البرغوثي، وتصنف ضمن الجناح المعتدل مع محمود عباس.

خلال تلك الفترة دار صراع وتوتر كبيرين بين الشيخ وعرفات، إذ أمر الأخير باعتقاله قبل أن يتوارى الشيخ عن الأنظار.

تقارير كشفت في حينه أن عرفات خطط لاغتياله لكن بعد رحيل عرفات، ومجيء عباس، تبدل حال الشيخ الذي بات من صناع القرار في السلطة.

عام 2007، عُين الشيخ رئيساً للهيئة العامة للشؤون المدنية بمرتبة وزير، ورئيسا للجنة التنسيق المدنية العليا (CAC)، ليكون حلقة الوصل المركزية مع الاحتلال، عبر التنسيق مع “منسق أعمال حكومة الاحتلال في المناطق” والإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال والشاباك ووزارات إسرائيلية أخرى.

بحكم منصبه تحكم بتحويل أموال المقاصة التي يجيبها الاحتلال ويحولها إلى السلطة الفلسطينية، وإصدار تصاريح الدخول إلى الداخل المحتل، وتوزيع بطاقات (VIP) لكبار المسؤولين الفلسطينيين، وتصاريح التجارة (BMC) لرجال الأعمال، ما أكسبه نفوذًا سياسياً واسعًا.

وفي يوليو 2022، أشعلت ممارسات منح التصاريح انتقادات داخلية وسط اتهامات لمكتب الشيخ بالبيروقراطية والفساد والتقصير.

يوصف الشيخ بأنه من بين أثرى الشخصيات في السلطة الفلسطينية، بمراكمو ثروته من ملكية محاجر فلسطينية عدة، ومحطات وقود ومتاجر كبرى ويمتلك فيلا فاخرة في مدينة أريحا.

بعد حرب غزة عام 2014، عُين الشيخ ممثلاً للسلطة الفلسطينية في اللجنة الثلاثية لإعادة إعمار غزة، مع ممثلين عن الاحتلال ومصر، وعمل كحلقة الاتصال الرئيسية ضمن آلية إعادة إعمار غزة (GRM).

بين عامي 2015 و2016، أدار الشيخ الاجتماعات مع وزير مالية الاحتلال موشيه كحلون ومنسق أعمال حكومة الاحتلال يوآف مردخاي.

وفي سبتمبر 2016، رافق الرئيس محمود عباس بزيارته لحضور جنازة رئيس الاحتلال الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريس.

صعود حسين الشيخ

لم يكن انعقاد المؤتمر السادس لحركة فتح عام 2018 سوى الحلقة الأبرز في صعود حسين الشيخ إلى حركة فتح ومنظمة التحرير من أوسع أبوابها.

وبات للمرة الأولى عضوًا في اللجنة المركزية للحركة ثم أعيد انتخابه مجددًا خلال المؤتمر السابع عام 2016.

وفاة صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بسبب إصابته بفيروس كورونا، فتحت آفاقا أوسع أمام الشيخ الذي عينه عباس ليكون خليفته المؤقت، قبل أن يقدمه لاحقًا كمرشح رسمي لحركة فتح.

تقدّم عباس في العمر وتدهور حالته الصحية، دفعه لنقل بعض صلاحياته إلى الشيخ، الذي بدأ يمثله في لقاءاته مع قناصل أجانب ومسؤولين أمريكيين، بينهم هادي عمرو. تخللها إعادة التواصل العلني والرسمي بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأمريكية.

وفي أكتوبر 2022، زار حسين الشيخ واشنطن، والتقى خلالها مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان ونائبة وزيرة الخارجية ويندي شيرمان.

الزيارة حظيت بأهمية كبيرة كونها الأولى لمسؤول رفيع إلى الولايات المتحدة منذ 5 سنوات، بغرض نيل الشرعية والدعم من إدارة واشنطن كخليفة محتمل لعباس.

كما رافق عباس في زيارات رفيعة المستوى رؤساء وشخصيات بارزة كرئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني عبد الله الثاني، في مسعى لترسيخ الشرعية لدى الحلفاء العرب والدوليين.

إلا أن صعود الشيخ كان يثير استياءً كبار قادة فتح، الذين يعدونم أنفسهم مرشحين طبيعيين لخلافة عباس، كجبريل الرجوب، الرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي، ومحمود العالول، نائب رئيس حركة فتح وأحد مؤسسيها، وتوفيق الطيراوي، الرئيس السابق لجهاز المخابرات العامة.

لكن عباس الذي يعتبر الشيخ مقربا منه قربه أكثر بدعم ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات العامة.

تقارير متطابقة كشفت عن أن الشيخ وفرج يقودا مع عباس جهودًا حثيثة لمنع الإفراج عن الأسير مروان البرغوثي من سجون الاحتلال.

فساد وجرائم وجنس

في 13 فبراير 2022، طفت على السطح أولى فضائح حسين الشيخ بالكشف عن ممارسات فساد وتحرشات جنسية.

ووفق تقارير متطابقة، وُجهت إلى حسين الشيخ شبهات بإخفاء مئات الملايين من الدولارات من أموال إعادة إعمار غزة، وتحقيق مكتبه أرباحًا تُقدّر بـ 2500 شيكل عن كل تصريح دخول إلى الداخل المحتل.

وبرز خلال توليه مناصبه شبهات اعتداءات جنسية ودفع أموال “لشراء الصمت” من زوج إحدى الضحايا، وهو ضابط في أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، إلا أن الضابط لجأ إلى تقديم شكوى مباشرة إلى عباس، الذي دعم الشيخ بالكامل.

نشر القضية أشعل تفاعلات واسعة في الشارع الفلسطيني، وألحق ضررًا بصورة حسين العامة.

حسين الشيخ صبي “إسرائيل”

خلال كل فتراته تمتع حسين الشيخ بعلاقات وثيقة مع أذرع أمن الاحتلال الإسرائيلي، ما منحه نفوذًا كبيرًا، رغم أنه يوصم فلسطينيا بالخيانة.

وبحاول الشيخ تبرير لقاءاته مع المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين بأنها جزء من “التفاوض معهم ولتسهيل خدمات المواطنين”، وفق زعمه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى