ليس في عجلة من أمره لتولي أي دور فيها.. عباس يتنكر لغزة ومأساة أهلها
تؤكد الحقائق على الأرض أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يصر على استمرار التنكر لغزة ومأساة أهلها في خضم حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ 14 شهرا ولا يبدو في عجلة من أمره لتولي أي دور فيها.
في العلن تواصل الحكومة الإسرائيلية معارضتها الشديدة لعودة السلطة إلى غزة، إلى جانب أي احتمال لإعادة توحيد الفلسطينيين سياسياً على نطاق أوسع، وذلك باعتباره وسيلة لمنع أي محاولة ” لفرض دولة فلسطينية” كحل للصراع.
لكن بالنسبة لعباس، فإن هذه ليست بالضرورة مشكلة فورية. إذ على الرغم من أنه روج لسنوات أنه يريد استعادة سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة، فإنه لا يبدو في عجلة من أمره لتحمل المسؤولية عن قطاع مدمر.
وكما قال أحد كبار أعضاء حركة فتح التي يتزعمها عباس في مارس/آذار 2024: “من يريد التعامل مع منطقة مدمرة؟”.
المعايير شخصية وليست وطنية
وبحسب مصادر دبلوماسية متطابقة فإن عباس يفضل أولا انتظار تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مقاليد السلطة رسميا في يناير المقبل وظهور مؤشرات سياساته للمرحلة المقبلة.
كما أن عباس يعتقد أن الوقت سوف يعمل على زيادة نفوذه مما يسمح له باستخراج شروط أفضل واستغلال حالة خصومه في قوى المقاومة الفلسطينية.
وفي حين أشارت حماس مراراً وتكراراً إلى استعدادها للتنازل عن حكم غزة وقبول عودة السلطة الفلسطينية كمدخل للوحدة الوطنية وفرض ترتيبات اليوم التالي للحرب، فإن عباس يظهر تمنعا غريبا.
إذ أن عباس يقيس كل خطواته بالنظر إلى مصالحه الشخصية وفريقه الحاكم، وينطلق بذل من أن أي تعامل مع حماس قد يشكل عبئاً قد يؤدي إلى المزيد من الضغوط المالية الإسرائيلية والغربية على السلطة.
وقد أحبطت حماس محاولة قام بها رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية، ماجد فرج، لنشر قوات أمن تابعة للسلطة الفلسطينية سراً في مناطق شمال غزة.
والسلطة الفلسطينية غير محبوبة وتعد فاقدة للشرعية على نطاق واسع بالفعل بين الفلسطينيين الذين ينظرون إليها على أنها ليست أكثر من مجرد متعاون مع الاحتلال الإسرائيلي.
وحتى مع احتمال تدفق التمويل الأوروبي والعربي لدعم عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، سيظل عباس حذرا في غياب التزام إسرائيلي بمسار سياسي مصاحب لدعم الحقوق الفلسطينية، أو على الأقل تحركات دولية مهمة لدعم الدولة الفلسطينية.
لكن بحسب ما يجمع المراقبون فإن عباس لا يركز على إقامة الدولة الفلسطينية بقدر منح السلطة الوسائل اللازمة للحكم أولا في الضفة الغربية من خلال إعادة عائدات الضرائب المصادرة، وإنهاء توغلاتها العسكرية في مدن الضفة الغربية ومنع العنف غير المنضبط من جانب المستوطنين.
يثبت ذلك أن كل ما فعله عباس على مدار 14 شهرا من الحرب الإسرائيلية، هو استمرار التخلي الكامل عن أهل غزة رغم كل ما يعانوه من أهوال ومأساة نتيجة حرب الإبادة عبر قطع كل محاولات التوافق الداخلي على ترتيبات اليوم التالي للحرب.
ومؤخرا أصر عباس على مواصلة قطع الطريق أمام توافق داخلي من شأنه التخفيف من مأساة أهل القطاع عبر تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي التي اقترحتها مصر.
وقد أثار ذلك جدلًا واسعًا في الأوساط الفلسطينية، وسط اتهامات لعبا وسلطته بتعطيل أي خطوات نحو المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية، خاصة مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وبينما تسعى بعض الأطراف لتشكيل اللجنة كمخرج من الأزمة الراهنة، تواجه هذه الجهود عراقيل كبيرة بسبب المخاوف من تأثير اللجنة على توازن القوى السياسية والنفوذ داخل المشهد الفلسطيني.