معالجات اخبارية

أهالي غزة يرفضون التهجير رغم الدمار والمأساة الإنسانية

قوبلت خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بنقل أهالي غزة إلى دول مجاورة برفض قاطع من جانب الفلسطينيين. ذلك أن التهجير ونقل السكان لهما جذور عميقة في النضال الفلسطيني والصدمة الجماعية التي يعيشها الفلسطينيون، وقد أثارت تعليقات ترمب مشاعر كانت دائما قريبة من السطح.

وكان ترامب اقترح علنا أن تستقبل مصر والأردن فلسطينيين من غزة، التي وصفها بأنها “موقع هدم”، حيث “يتم هدم كل شيء تقريبا ويموت الناس”. وزعم أنه قدم الطلب بالفعل إلى الملك الأردني عبد الله الثاني وأنه ينوي مناقشة الفكرة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وقال ترامب إن مصر والأردن المجاورتين يمكنهما إعادة توطين ما يصل إلى 1.5 مليون فلسطيني. وقال في إشارة إلى غزة: “نحن نقوم فقط بتنظيف هذا المكان بالكامل”، وأكد أن عمليات النقل قد تكون مؤقتة أو طويلة الأمد.

ورفضت مصر والأردن بسرعة الفكرة وأكدتا معارضتهما لأي تهجير قسري للفلسطينيين من أراضيهم.

وجاءت تصريحات ترامب بعد 15 شهرًا من حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة وإحداث دمارا هائلا في المنازل والبني التحتية بما جعل القطاع منطقة منكوبة تنعدم فيه وسائل الحياة.

الغزيون يتحدون

لكن رغم حدة الدمار والمأساة الإنسانية فإن أهالي غزة ردوا برفض قاطع لخطط تهجيرهم من أراضيهم.

وعند سؤاله عن اقتراح ترامب، رد عبد العزيز عمرو من مخيم جباليا للاجئين شمال مدينة غزة بابتسامة ساخرة.

وقال عمرو لموقع “المونيتور” الأمريكي “لقد تحملت طيلة 15 شهراً القصف والدمار في مخيم جباليا خلال الإبادة الجماعية التي نفذها الجيش الإسرائيلي ضدنا”، يقول عمرو الذي يعيش الآن في خيمة أمام أنقاض منزله.

وتابع “رغم كل شيء، رفضت أنا وكثيرون غيري الانتقال من شمال القطاع إلى جنوبه”.

وأضاف “بعد كل هذه المعاناة، هل تعتقدون أنني وهؤلاء الأشخاص سننتقل إلى بلد آخر؟ يجب أن يدرك ترامب أن الموت نفسه لن يخرجنا من هنا!”.

وفي مقبرة الشيخ رضوان غرب مدينة غزة جلست خديجة رضوان على قبور تسعة من أبنائها وأحفادها الذين استشهدوا جميعا خلال الحرب، وقالت رافضة تصريحات ترامب: “تصريحات ترامب لا قيمة لها”.

وقالت إن أبناءها وأحفادها قتلوا في غارة إسرائيلية استهدفت منزلهم في الشيخ رضوان لأنهم أصروا على البقاء هناك، وأضافت: “لذلك سنبقى في غزة مهما كلفنا الأمر، ولن ننتقل إلى أي مكان آخر”.

ووجدت رضوان وأفراد عائلتها الناجين مأوى لهم في مخيم للنازحين وسط أنقاض ملعب اليرموك الرياضي الذي دمره جيش الاحتلال الإسرائيلي أيضًا. وأكدت “سنبقى هنا ونعيد بناء غزة “.

وأثارت تصريحات ترامب انتقادات شديدة من جانب المحللين الفلسطينيين، الذين اعتبروها غير واقعية وخطيرة.

ووصف الكاتب في صحيفة الأيام المحلية طلال عوكل تصريحات ترامب في حديث لـ”المونيتور” بالسخيفة، مؤكدا أنها تعكس عدم فهمه لطبيعة الصراع، فالناس في غزة يموتون لأنهم يرفضون التخلي عن أرضهم أو مغادرة منازلهم، ويطالبون بالعودة إلى مدنهم وأراضيهم التي انتزعتها إسرائيل منهم في عام 1948″.

ويعتقد عوكل أن اقتراح النقل الذي أصدره رئيس أقوى دولة في العالم “سيسبب المزيد من المعاناة لشعب غزة وسيؤدي إلى تصعيد التوتر والعنف في المنطقة”.

ورأى أن على ترامب أن يكون أكثر حذرا وواقعية في طرح اقتراحاته بشأن الوضع الإسرائيلي الفلسطيني، لأنه، على حد قوله، “الجانب الإسرائيلي لن يتردد في تنفيذها طالما أنها تخدم مصالحه، خاصة عندما يتعلق الأمر بإفراغ قطاع غزة من سكانه”.

في الواقع، أعلن زعماء اليمين المتطرف في إسرائيل بسرعة عن دعمهم لمقترح ترامب بنقل الفلسطينيين من غزة. وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش للصحافيين في 27 يناير/كانون الثاني إنه يعمل على “خطة تشغيلية” لتحويلها إلى سياسة قابلة للتنفيذ.

حماس ترفض التهجير

رفضت حركة حماس بشدة خطة ترامب الرامية إلى تهجير أهالي قطاع غزة.

وقال المتحدث باسم حماس حازم قاسم لـ”المونيتور”: “تصريحات ترامب حول نقل سكان غزة إلى مصر أو الأردن غير واقعية ومنفصلة عن الواقع على الأرض وتعكس جهلاً بطبيعة الشعب الفلسطيني وتاريخه النضالي”.

وأضاف: “هذه التصريحات مرفوضة جملة وتفصيلاً، ولا يمكن أن يقبلها شعبنا الذي يرفض التهجير ويتمسك بحقوقه المشروعة في أرضه ووطنه”.

وحذر قاسم من أن “محاولات تصفية القضية الفلسطينية عبر طروحات عبثية ستفشل كما فشلت طروحات سابقة، وسنبقى صامدين على أرضنا حتى تحقيق تطلعاتنا الوطنية المشروعة”.

ودعا قاسم المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف تجاه التصريحات “التي تشجع على ارتكاب جرائم التطهير العرقي ضد شعبنا”.

وعلى نحو مماثل، حذر عباس زكي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، من مقترح ترامب.

وقال زكي لـ”المونيتور”: “هذه الأفكار مرفوضة تماما، والشعب الفلسطيني لن يترك أرضه تحت أي ظرف، رغم الجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها”.

وانتقد زكي بشدة السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، وقال: “إنها لا تدعم الاحتلال سياسيا فحسب، بل تزوده أيضا بأسلحة فتاكة تشجعه على ارتكاب المزيد من المجازر ضد الفلسطينيين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى