تحليلات واراء

هكذا اصطف محمد بن زايد بجانب “إسرائيل” منذ أول أيام حرب الإبادة في غزة

كشف كتاب الحرب للصحفي الأمريكي الشهير “بوب وودورد”، أن الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان عمد إلى الاصطفاف العلني بجانب “إسرائيل” منذ أول أيام حرب الإبادة في غزة في أكتوبر تشرين/أول 2023.

وقال الكتاب إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن زار أبو ظبي في 13 أكتوبر/تشرين أول أي بعد خمسة أيام من بدء حرب الإبادة الإسرائيلية عقب هجوم طوفان الأقصى الذي نفذته المقاومة الفلسطينية.

ونقل الكتاب عن بن زايد، البالغ من العمر 62 عاما: “يجب القضاء على حماس. يمكننا أن نعطي (إسرائيل) المجال لتدمير حماس”.

وللتغطية على حرب الإبادة، اقترح محمد بن زايد على واشنطن منح الدول العربية الغنية مساحة لإيصال إمدادات إنسانية لحين انتهاء الاحتلال الإسرائيلي من مهمته.

قال مخاطبا بلينكن “يجب على (إسرائيل) أن تعطينا مساحة.. دعوا المساعدات الإنسانية تدخل.. انشئوا مناطق آمنة للتأكد من أنهم لا يقتلون المدنيين.. وسيطروا على عنف المستوطنين في الضفة الغربية”.

وذكر الكتاب أن مطالب الرئيس الإماراتي ” كانت مفهومة في إطار بأن الهدوء سيساعد في تهدئة المواطنين الإماراتيين الذين كانوا غاضبين من مشاهد الدمار في غزة”.

وبحسب الكتاب “بقي طلب محمد بن زايد الواضح والعادل من الإسرائيليين – أعطونا مساحة لنمنحكم مساحة – في ذهن بلينكن. كان القادة العرب مستعدين لإعطاء (إسرائيل) المجال للقيام بما يجب عليها مع حماس، لكن (إسرائيل) فقط بحاجة إلى خلق مساحة للمساعدات الإنسانية في غزة”.

أضاف محمد بن زايد أن (إسرائيل) كانت تقدم دعمًا ماليًا لحماس بشكل غير مباشر وقال “حذرنا (إسرائيل) من عدم التعامل مع حماس.. إنهم جماعة الإخوان المسلمين”.

وفي سبتمبر/ أيلول الماضي قدمت الإدارة الأمريكية مكافأة نادرة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة على انخراطها العلني بدعم دولة الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة التي تواصل شنها على قطاع غزة وتعزيز التحالف معها.

وأعلنت الولايات المتحدة، أن الإمارات شريك دفاعي رئيسي، وهي خطوة قد تجعلها مؤهلة لشراء أسلحة وتكنولوجيا أميركية أكثر تطوراً، مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط.

وجاء هذا الإعلان بعد لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن برئيس دولة الإمارات محمد بن زايد آل نهيان في البيت الأبيض. وباتت أبوظبي الدولة الوحيدة الأخرى إلى جانب الهند التي حصلت على هذا التصنيف.

وقال البيت الأبيض في بيان إن هذه الخطوة “ستسمح بتعاون غير مسبوق من خلال التدريبات المشتركة والمناورات والتعاون العسكري بين القوات العسكرية للولايات المتحدة والإمارات والهند”.

ويعكس هذا التصنيف رغبة الولايات المتحدة في إبقاء الإمارات في معسكرها على الرغم من التوترات بشأن دورها في الحرب الأهلية السودانية، وارتباطاتها الاقتصادية مع روسيا، وعلاقاتها العسكرية مع الصين.

الإمارات والتحالف الأمريكي بالمنطقة 

ومع اقتراب أيام بايدن في البيت الأبيض من نهايتها، تعمل الإمارات على تعزيز مكانتها في واشنطن استعدادًا لانتخاب الرئيس الأمريكي المقبل في المكتب البيضاوي.

وبحسب مراقبين فإنه سواء تولت كاملا هاريس أو دونالد ترامب الرئاسة في يناير/كانون الثاني، ستسعى الولايات المتحدة إلى الحصول على دعم الإمارات للتعامل مع الأمن في البحر الأحمر وغزة.

ففي الأول، يسيطر حلفاء الإمارات، المجلس الانتقالي الجنوبي، على الساحل الجنوبي لليمن، والذي يراه بعض المسؤولين الأميركيين قوة ضد جماعة الحوثيين.

وفي غزة، تتفق الولايات المتحدة والإمارات بشكل عام في دعم دولة الاحتلال والانخراط مع خططها لترتيب اليوم التالي للحرب.

وتولت الإمارات زمام المبادرة في وضع نفسها علناً في قلب غزة بعد الحرب. ففي يوليو/تموز، أعلنت الإمارات أنها سترسل قوات حفظ سلام إلى قطاع غزة، ولكنها دعت “إسرائيل” إلى إنشاء دولة فلسطينية أولاً.

وتريد الإمارات أيضًا من الولايات المتحدة أن تدعم أي مهمة لحفظ السلام من خلال توفير الدعم للقيادة والسيطرة على الأقل، أو من خلال أفراد الخدمة الأميركية، حسبما يقول مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون.

وعلى مدار أشهر حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ظهرت دولة الإمارات العربية المتحدة في دور النصير للاحتلال الإسرائيلي وذلك كترجمة للتحالف والتطبيع العلني بين أبوظبي وتل أبيب منذ سنوات.

فمن إدانة المقاومة الفلسطينية علنا على منبر مجلس الأمن الدولي، إلى تأمين الإمدادات الغذائية إلى عقد الصفقات التجارية والعسكرية الضخمة، بدت الإمارات أهم حلفاء دولة الاحتلال في المنطقة ضد الفلسطينيين.

أما عملية “الفارس الشهم” الإماراتية لمساعدة سكان غزة، والتي أنتج منها الإماراتيون 3 نسخ حتى الآن، فلا تنطبق عليها لا الفروسية ولا الشهامة. هاتان الصفتان تفترضان أولاً مقاطعة العدو الذي يبطش بالفلسطينيين، لا الاستثمار المباشر في آلة بطشه.

كما أن المساعدات التي تقدّمها الدولة الخليجية للفلسطينيين في غزة، لا تضاهي بأي شكل من الأشكال ما ينتجه “الكوريدور” الذي فُتح لإسرائيل عبر السعودية والأردن، لتزويد “إسرائيل” بكلّ ما تحتاجه انطلاقاً من الموانئ الإماراتية، بعد أن نجحت حركة “أنصار الله” في إطباق الحصار على ميناء إيلات الإسرائيلي في البحر الأحمر.

تبادل تجاري ضخم

أظهرت إحصائيات رسمية إسرائيلية تسجيل أكثر من مليار ونصف دولار أمريكي قيمة حجم التبادل التجاري بين الإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية العام الجاري.

وكشف تقرير حديث صادر عن المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي عن تسجيل نمو في حجم التبادل التجاري بين إسرائيل ودولة الإمارات خلال النصف الأول من عام 2024.

ونقلت وسائل إعلام ومواقع عالمية عن “معهد السلام لاتفاقات أبراهام” أرقاماً قال إنّها صدرت عن المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي وأشارت إلى أن حجم التجارة بين دولة الاحتلال والإمارات بلغ 271.9 مليون دولار في يونيو/ حزيران 2024.

وتسجل هذه الأرقام زيادة قدرها 5% مقارنة بنفس الشهر من العام السابق، ليصل إجمالي التبادل التجاري بين البلدين خلال الأشهر الستة الأولى من العام إلى 1.66 مليار دولار، بمعدل نمو 7%، مقارنة بالفترة نفسها من 2023.

واتفاقات أبراهام، التي توسطت فيها الولايات المتحدة، هي اتفاقيات مشتركة لتطبيع العلني بين الإمارات والبحرين وإسرائيل تم توقيعها في أغسطس/ آب 2020، ووقع مثلها المغرب لاحقاً.

الاستثمار في الإجرام الإسرائيلي

ظهرت الإمارات لا تتورّع عن الاستثمار المباشر في الإجرام الإسرائيلي بما في ذلك الاتفاقيات العسكرية.

ويكاد لا يمر أسبوع منذ توقيع “اتفاقات أبراهام” في أيلول 2020، من دون الدخول في استثمار جديد في دولة الاحتلال أو معها، رغم أن الإعلانات عن الأرقام التي تعكس نمو العلاقات التجارية بين الجانبين تراجعت أثناء الحرب.

مؤخرا تم الإعلان عن إقامة فرع لشركة “رافاييل” الإسرائيلية في أبو ظبي لتحويل طائرات “طيران الإمارات” إلى طائرات شحن؛ والثاني، هو استنقاذ رجل الأعمال الإسرائيلي، باتريك دراحي، المتعثّر مالياً، عبر ضخ مليار دولار استثماراً مباشراً في دار “سوثبيز” للمزادات المملوكة له.

ودراحي مالك قناة “HOT” الإسرائيلية وشبكة “i24” الإخبارية، التي تدافع بقوة عن المذابح الإسرائيلية في غزة.

بموازاة ذلك تتحرك شركة الصناعات الجوية الحكومية الإسرائيلية قدماً في خطة لإنشاء وجود لها في دولة الإمارات عبر فتح متجر للشحن الجوي.

وبحسب وكالة بلومبرغ الدولية فإن الشركة الإسرائيلية ستقوم بإعادة تشكيل 10 طائرات بوينج 777 من أسطول طيران الإمارات إلى طائرات شحن في حظيرتين بدءًا من تشرين أول/أكتوبر المقبل

وذكرت الوكالة أن هذه الخطوة تسلط الضوء على مدى التزام أبوظبي باستمرار التطبيع وبناء العلاقات مع إسرائيل في إطار التحالف الثنائي بينهما، حتى مع تصاعد التوترات في المنطقة وتصاعد المجازر بحق الفلسطينيين.

وكانت الشركة الإسرائيلية وقعت صفقة مع شركة الطيران الإماراتية لتحويل أربع طائرات في عام 2021، وهو ما كان يمثل في ذلك الوقت إحدى النتائج الأولى لشركات الطيران من تطبيع العلاقات بين أبوظبي وتل أبيب.

وقالت شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية إنها تشهد طلبا متزايدا من المؤجرين وشركات الطيران على طائرات الشحن التي تم تحويلها من طائرات ركاب وسط فتحات محدودة من شركات صناعة الطائرات إيرباص إس إي وبوينج للطائرات الجديدة.

“اليوم التالي” للحرب

في كل التصوّرات التي وُضعت من قبل الأميركيين والإسرائيليين لكيفية إدارة قطاع غزة ما بعد الحرب، ستجد الإمارات، التي تؤدي الدور الذي أُسند إليها بأمانة “فارس شهم”، على رأس القائمة.

ومن خلال كل ذلك، توفّر الإمارات، ولو على نطاق مصغّر حالياً، ربما يكبر لاحقاً، ما تأمل هي وأميركا و”إسرائيل” في أن يكون بديلاً لإدارة لفصائل المقاومة في غزة، سواءً في توزيع المساعدات حالياً أو ربما إدارة القطاع لاحقاً.

ولأن الهدف الحقيقي لإسرائيل هو إبادة الفلسطينيين في غزة، أو تهجيرهم منها، فإن دور “الفارس الشهم” الإماراتي يصبح إطعام الذبيحة قبل موعد سوقها إلى الذبح.

ومرارا أكدت وسائل إعلام عبرية أن الحكومة الإسرائيلية تريد شراكة حصرية مع حليفتها دولة الإمارات في غزة بعد حرب الإبادة التي تشنها على القطاع.

وكشفت صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، أن الحكومة الإسرائيلية تواصلت مع الإمارات للعب “دور حاسم” في إعادة إعمار قطاع غزة بعد الحرب.

ونبهت الصحيفة إلى زيارة سرية قام بها قبل أسابيع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية رون ديرمر – والذي يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره أقرب مستشار لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو – إلى أبو ظبي.

وأوضحت أن الزيارة استهدفت الحصول على دعم الإمارات لاستراتيجية إسرائيل “بعد الحرب” في القطاع، وهو ما قد يمثل تحولًا كبيرًا في الديناميكيات الإقليمية.

ويقال إن ديرمر نقل رسالة حاسمة إلى المسؤولين الإماراتيين: وهي الحاجة إلى وجود إماراتي فعلي في غزة كجزء لا يتجزأ من الحل بعد الحرب.

وتكشف مصادر أمنية إسرائيلية أن هذه الجهود تركز على الترويج لمفهوم “الفقاعات الإنسانية” الذي تم الكشف عنه سابقًا لمستقبل غزة.

وقالت الصحيفة إن هذا النهج المبتكر يتصور إنشاء مناطق إنسانية داخل غزة، تديرها هيئات محلية في غزة. وتدعو خطة الإمارات إلى الاضطلاع بدور محوري كداعم مالي رئيسي في إنشاء هذه المناطق.

وإلى جانب التمويل، تتضمن الاستراتيجية إعادة تأهيل البنية الأساسية للسكان المدنيين في غزة وتوفير إطار أمني لهذه “الفقاعات الإنسانية”. وهذا الجانب الأمني ​​بالغ الأهمية، حيث يكمن التحدي الرئيسي في نقل السيطرة إلى الكيانات المحلية في غزة في الخوف من المعارضة العنيفة المحتملة من جانب الفصائل الفلسطينية.

وأعلنت دولة الإمارات علنا انخراطها في الخطط الإسرائيلية لتكريس احتلال قطاع غزة عبر إبداء استعدادها للمشاركة ضمن قوات متعددة الجنسيات بعد الحرب الإسرائيلية، وهو أمر تجمع فصائل المقاومة على رفضه جملة وتفصيلا.

وأبرز موقع Axios الأمريكي أن الإماراتيين يريدون أن يكونوا جزءا من الحل في غزة الذي لن يشمل حركة حماس وفصائل المقاومة، ولكن لديهم أيضا تحفظات قوية تجاه القيادة الحالية للسلطة الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى