
شهدت الساحة الفلسطينية حالة من الغضب الواسع بعد البيان الأخير الذي أصدرته الرئاسة الفلسطينية، حيث تم إدانة التصرفات “غير المسؤولة” لحركة حماس فيما يخص التصعيد الأخير في قطاع غزة.
وهذا البيان لاقى انتقادات شديدة من قبل العديد من الفلسطينيين الذين اعتبروا أن البيان يتماشى مع الموقف الإسرائيلي والأمريكي، ويساهم في تبرير جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين في القطاع.
وفي هذا السياق، شدد المحامي الدكتور عصام عابدين على أن “التصرفات غير المسؤولة” التي يتم إدانتها في البيان ليست جديدة على المشهد الفلسطيني، بل هي جزء من سلسلة طويلة من المواقف التي تدينها القيادة الرسمية دون أن تتحمل مسؤوليتها الحقيقية.
إدانة الرئاسة لتصرفات حماس
وفي بيان أصدرته الرئاسة الفلسطينية بعد المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، كان الموقف الأولي يحمّل الاحتلال المسؤولية عن ما جرى.
ولكن البيان شهد تعديلًا لاحقًا، أضاف فيه إدانة لتصرفات حركة حماس، ما أثار تساؤلات واسعة عن السبب وراء هذا التعديل، وما إذا كان قد جاء بناءً على ضغوطات من إسرائيل أو الولايات المتحدة.
وقال عابدين: “ما نراه اليوم هو محاولة لتحويل الأنظار عن المسؤولية الحقيقية، وهي احتلال إسرائيل لفلسطين، والعدوان المستمر على الشعب الفلسطيني. إدانة حماس بهذه الطريقة تشير إلى افتقاد القيادة الفلسطينية لشجاعة اتخاذ المواقف الوطنية الحقيقية”.
ردود فعل واسعة على إدانة حماس
وشن الصحفي عميد شحادة والإعلامي إيهاب الجريري وغيرهم من الناشطين عبر منصات التواصل الاجتماعي، هجومًا لاذعًا على الرئاسة الفلسطينية بعد إصدارها هذا البيان.
وقال الجريري في تغريدته: “بيان الرئاسة الفلسطينية هو السبب في سهولة ارتكاب الاحتلال المجازر ضد شعبنا”.
وأضاف شحادة أن البيان يعكس تطابقًا غير مبرر مع الموقف الإسرائيلي والأمريكي.
من جهته، أضاف عابدين: “إذا كانت الرئاسة الفلسطينية تحاول إرضاء القوى الدولية على حساب دماء الشعب الفلسطيني، فإن ذلك لا يعدو كونه خداعًا سياسيًا يستهدف تبرير استمرار هيمنة السلطة، في حين أن الواقع يفرض علينا التوحد لمواجهة الاحتلال”.
رفض البيان والمطالبة بالمسؤولية الوطنية
ورد الناشط الفلسطيني عمار جاموس على البيان قائلًا: “هذا البيان لا يمثلني ولن يكون باسمي”.
كما تساءل عن السبب وراء إدانة حماس في الوقت الذي كانت قد التزمت باتفاق لوقف إطلاق النار بين الاحتلال والمقاومة، مما دفعه للحديث عن ضرورة “الوحدة الوطنية” بدلًا من إلقاء اللوم على طرف فلسطيني بعينه.
وفي هذا الصدد، أضاف المحامي عصام عابدين: “الوقت حان للمسؤولين في السلطة الفلسطينية أن يرفعوا الصوت عالياً ويحاسبوا أنفسهم قبل أن يوجهوا أصابع الاتهام لغيرهم. المسؤولية الحقيقية تقع على عاتقهم أولاً في ظل التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني”.
دعوات لتطبيق إعلان بكين
وفي الوقت الذي لا يزال فيه العديد من الفلسطينيين ينتقدون مواقف القيادة الرسمية، تظل دعوات الوحدة الوطنية مستمرة، حيث أكد العديد من الناشطين أن وحدة الصف الفلسطيني هي السبيل الوحيد لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي والمضي قدمًا نحو تحقيق الحقوق الوطنية.
كما أشاروا إلى أهمية تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في إعلان بكين للمصالحة الوطنية الذي تم توقيعه بين فتح وحماس والفصائل الأخرى في يوليو 2024.
وقال عابدين في هذا الشأن: “من المهم أن نعيد بناء البيت الفلسطيني على أسس من الوحدة الحقيقية والمصارحة، دون أي تلاعب بالألفاظ أو محاولات لتسويق المواقف المزدوجة. المصالحة الفلسطينية هي الحل الوحيد لمواجهة كافة التحديات الداخلية والخارجية”.