تحليلات واراء

الغارديان: إجماع فلسطيني على اتهام عباس بخيانة القضية الفلسطينية

قالت صحيفة الغارديان البريطانية إن أغلبية الفلسطينيين يرفضون فكرة أن تحكم السلطة الفلسطينية غزة وحدها، وأن اتهام الرئيس محمود عباس والسلطة بخيانة القضية الفلسطينية يشكل موضوعاً مشتركاً في الخطاب الفلسطيني.

وأكدت الصحيفة أن أغلبية الفلسطينيين ينظرون إلى السلطة باعتبارها المؤسسة التي أشرفت على تدهور الأوضاع المعيشية والحركة الوطنية.

جاء ذلك في مقال نشرته الصحيفة كتبته “دانا الكرد” الباحثة في السياسة الفلسطينية والعربية والزميلة غير المقيمة في المركز العربي في واشنطن، ومؤلفة كتاب “مستقطبون ومنفصلون: إرث الاستبداد في فلسطين”.

وقالت الكرد إنه منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة، ركزت أغلب أنظار العالم على التأثيرات المباشرة للدمار الذي لحق بالقطاع. وركزت المناقشات على الهيئات التي ستتولى إدارة المساعدات، وكيف قد تبدأ عملية إعادة الإعمار، ودور الجهات الفاعلة الدولية، وشروط وقف إطلاق النار الهش.

وأضافت أن “هذه كلها قضايا مهمة. ولكن هناك شيء مفقود في هذه المناقشة، وفي اتفاق وقف إطلاق النار: الفلسطينيون أنفسهم ووكالتهم السياسية. ومن الضروري أيضاً أن نطرح الأسئلة التالية: ماذا سيحدث للحركة الوطنية الفلسطينية في أعقاب هذه الحرب؟ من سيتحدث باسم الفلسطينيين، ويتفاوض على شروط الاتفاقات المحتملة مع إسرائيل في المستقبل؟ وهل أصبحت الأطر السابقة للمفاوضات ذات صلة؟”.

وتابعت “لا شك أن الفلسطينيين يشعرون بالارتياح لإعلان وقف إطلاق النار أخيراً، بعد خمسة عشر شهراً من الدمار الذي لا يمكن تصوره والذي يصفه العديد من الخبراء بالإبادة الجماعية. لقد تجاوزت الحرب في حجمها نكبة عام 1948، والتي طُرد فيها نحو 750 ألف فلسطيني من ديارهم”.

نبهت الكرد إلى أن هناك مخاوف جدية بشأن شروط وقف إطلاق النار. وحقيقة أنه تزامن مع إطلاق “إسرائيل” لعملية “الجدار الحديدي” الحملة القمعية على الضفة الغربية، أمر مثير للقلق بشكل خاص.

السلطة تحكم بالتنسيق مع الاحتلال

أبرزت الكرد إل أنه منذ أوائل تسعينيات القرن العشرين، سُمح للسلطة الفلسطينية التي تديرها فتح، بدعم من الولايات المتحدة وبالتنسيق مع “إسرائيل”، بالعمل في أجزاء من الضفة الغربية.

وقد ادعت السلطة شرعيتها على الساحة الدولية، في حين رفضت في الوقت نفسه إجراء انتخابات أو تحمل المسؤولية أمام الفلسطينيين بأي شكل ذي مغزى.

وأشارت الكرد إلى أن حركة فتح همشت مرشحي القيادة البديلة والمعارضة للرئيس عباس. والأمر المهم هو أن السلطة الفلسطينية لم تتمكن من حماية الفلسطينيين من عنف المستوطنين المتزايد أو غارات الجيش الإسرائيلي.

وقالت “لقد ساعدت السلطة الفلسطينية “إسرائيل” بشكل صادم في التنسيق الأمني ​​​​والقيود خلال حرب غزة. ولكن طالما استمرت في دورها في التنسيق الأمني ​​​​مع الاحتلال، لم يهتم أحد في المجتمع الدولي بأن السلطة فقدت شرعيتها منذ فترة طويلة بين شعبها”.

تزايد شعبية حماس

في المقابل أبرزت الكرد أنه على الرغم من الاستهجان الدولي وتصنيفها من قبل الولايات المتحدة وحلفائها كمنظمة “إرهابية”، اكتسبت حركة حماس المزيد من الشرعية بين الفلسطينيين منذ بدء الحرب على غزة.

وتُظهر استطلاعات الرأي العام مزيدًا من الدعم لحماس اليوم مقارنة بما كانت عليه قبل هجمات 7 أكتوبر، بحيث يعتقد 27٪ من الفلسطينيين الذين شملهم الاستطلاع في سبتمبر 2023 أن حماس هي “الأكثر استحقاقًا لتمثيل وقيادة الشعب الفلسطيني”، مقارنة بـ 43٪ في سبتمبر 2024.

ومع ذلك، تريد غالبية الفلسطينيين من فتح وحماس الدخول في حكومة وحدة كأول خيار لهم للتغيير السياسي بعد الحرب. وإن فكرة العودة إلى الحكم المنقسم، مع إدارة منظمة واحدة لغزة والأخرى للضفة الغربية، أمر شائن بالنسبة للعديد من الذين يعطون الأولوية لوحدة فلسطين.

وأخيرا، من المهم أن نلاحظ أن قِلة قليلة من الفلسطينيين يوافقون على التدخل الخارجي. وهذا يتناقض مع الخطط التي طرحتها الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، والتي تقضي بتأمين غزة من قِبَل قوات عربية متحالفة مع “إسرائيل” بعد وقف إطلاق النار.

وخلصت الكرد في مقالها “لا توجد إجابات سهلة هنا. ولكن من الواضح أن الفلسطينيين سئموا الوضع الراهن الحالي، وأي محاولة لإعادة صياغة هياكل القيادة والحكم الحالية سوف تفتقر إلى الشرعية في نظرهم”.

وقالت “من المدهش أن أكثر من عام من الحرب لم يوضح حقيقة بسيطة: لا يمكن التوصل إلى حل لهذا الصراع بدون الشعب الفلسطيني”.

وتابعت “علاوة على ذلك، فإن توقع مواجهة الفلسطينيين لتهديدات وجودية لحياتهم وهويتهم ــ من خلال المجاعة والقصف والقمع وهجمات المستوطنين وغير ذلك ــ دون أي رد فعل هو مجرد وهم. وإذا لم تكن هناك حلول سياسية، فإن العمل المسلح سوف يزداد حتما”.

وأضافت “لكي تكون أي حلول مستدامة، فلابد وأن يشارك فيها المجتمع الفلسطيني. وهذا يعني السماح للفلسطينيين باختيار قيادتهم، حتى يتسنى لأي شخص يتفاوض نيابة عنهم أن يحظى بالشرعية في نظرهم، ولا شيء أقل من ذلك سوف يحل الأزمة المباشرة المتمثلة في المعاناة والدمار في غزة ــ ولا شيء أقل من ذلك سوف يحقق السلام على المدى الطويل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى