تحليلات واراء

دعاية السلطة عن الإصلاح والتقشف تفضحها مئات الترقيات لفئات الموظفين العليا

تكرر السلطة الفلسطينية الدعاية الإعلامية عن الإصلاح والتقشف الحكومي وهو أمر يفضح زيفه مئات الترقيات لفئات الموظفين العليا التي تتم خلف الدوائر المغلقة ومن دون أي معايير للشفافية والمنافسة.

وبحسب مجلة الوقائع الفلسطينية عدد 221 الصادر يوم الخميس بتاريخ 26-12-2024، الرئيس الفلسطيني محمود عباس يصدر قرارات بترقية 387 موظف في الوظيفة العمومية وفي دوائر منظمة التحرير حسب التفصيل التالي:

1- مدير عام A4 عدد : 213

2- مدير عام A3 عدد : 103

3- وكيل مساعد A2 عدد: 56

4- وكيل A1 عدد :15.

ويشير مراقبون قانونيون إلى أن هذه الترقيات الوظيفية تتم بترشيح وتزكية من الوزير أو مسؤول الدائرة المختصة إلى مجلس الوزراء وبعدها إلى مكتب الرئيس محمود عباس.

وتتم المصادقة على تلك الترقيات بشكل حصري من الرئيس، لان اي ترقية لمنصب مدير عام او اعلى تحتاج لمصادقة مكتب الرئيس، وسط تساؤلات عن معايير الترقيات وهل تخضع للمنافسة المفتوحة بين جميع الموظفين؟.

تقويض لبرنامج الإصلاح الحكومي

ويؤكد الائتلاف من أجل النزاهة والمسائلة “أمان” أن هذا النهج في التعيينات والتكليفات لمسؤولين سابقين يقف عائقًا ويمثّل تحديًا يواجه برنامج الإصلاح الحكومي المُعلن.

ويشير الائتلاف إلى استمرار سياسة الترقيات في خِضمّ الأزمة المالية العميقة التي تمر بها الموازنة العامة، نتاج قرصنة الاحتلال الإسرائيلي لأموال المقاصة، والمشكلة البنيوية التراكمية في الموازنة العامة، وما أفرزته من ارتفاع في المديونية العامة بحوالي 9 مليار دولار.

فضلا عن عدم قدرة السلطة الفلسطينية على الوفاء بالتزاماتها تجاه الموظفين العمومين، أو المورّدين من القطاع الخاص، أو الفئات الفقيرة والمهمشّة، وارتفاع مستويات الاقتراض من البنوك وهيئة التقاعد والمعاشات، والتحدّيات الجسام التي تواجه الشعب الفلسطيني إثر حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة، وما رافقها من تدمير شامل للبنيّة التحتية والمرافق العامة والخاصة في القطاع، إضافة إلى حصار وتقطيع أوصال الضفة الغربية، وحرمان العمّال من عملهم داخل الخط الأخضر، وتراجع الدورة الاقتصادية بشكل عام.

وفي خضم كل هذه الأزمات؛ يستمر نهج التكليفات والتعيينات و(إعادة تعيين) لمسؤولين سابقين لتولي مناصب عليا، ولشخصيات شغلت مناصب عليا عديدة على مدار سنوات طويلة، في نهج يناقض المرسوم الرئاسي الصادر بتاريخ 14/12/2023، والقاضي بوقف التمديد لموظفي القطاع العام (المدني أو العسكري) بعد بلوغهم سنّ التقاعد المحدّد.

وكذلك مع ما ورد في كتاب التكليف للحكومة الفلسطينية الجديدة والصادر عن الرئيس، والذي أكدّ على ضرورة “ترشيد النفقات، ومواصلة عملية الإصلاح في جميع المجالات المؤسساتية، والأمنية والاقتصادية، والإدارة والمالية العامة، وصولاً الى نظام حوكمة متين وشفاف، يخضع للمساءلة، ويكافح الفساد، وبما يضمن الحكم الرشيد”.

وبما يتناقض أيضًا مع برنامج الحكومة الجديدة الـ (19)، والذي اشتمل على: ترشيد المالية، والمسؤولية المالية، وشفافية الموازنة، والعمل على تحسين إيرادات الخزينة من خلال ترشيد المصروفات، وفي تناقض واضح مع قرارات مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ 23/4/2024، بإقرار حزمة من الإصلاحات والإجراءات المالية والإدارية لترشيد الإنفاق الحكومي.

وبحسب ائتلاف أمان فإنّ هذا النهج بالتعيينات والتكليفات لمسؤولين سابقين بقرارات رئاسية، يقف عائقًا ويمثّل تحديًا أمام برنامج الإصلاح الحكومي الذي أعلنت عنه حكومة الدكتور محمد مصطفى، التي كانت أولى قراراتها؛ إقرار حزمة من الإصلاحات والإجراءات المالية والإدارية لترشيد الانفاق الحكومي.

ويؤكد ائتلاف أمان على ضرورة التوقّف عن هذا النهج في التعيينات أو إعادة التعيين في مناصب عليا، خاصّة في ظل الأزمة المالية التي تعصف بالموازنة العامة، وضرورة توجيه وتوحيد كافة الموارد والأولويات نحو إغاثة قطاع غزة، وتعزيز صمود المواطنين في الضفة الغربية والقدس، والحفاظ على حقوق الفئات الفقيرة والمهمشّة في الحصول على خدماتها الأساسية.

كما يحث على ضرورة العمل بما ورد في المرسوم الرئاسي بوقف التمديد لموظفي القطاع العام المدني أو العسكري بعد بلوغهم سنّ التقاعد، ووقف أي استثناءات.

ويشدد على ضرورة الالتزام بمبادئ الحكم الرشيد في التعيينات بالوظائف العامة، والعليا منها، من خلال ترشيق الإدارة العامّة، والشفافية والتنافس ومبدأ تكافؤ الفرص، حال اقتضت الضرورة الملحّة إقرار أي تعيينات جديدة.

كما يدعو إلى ضرورة التزام الحكومة الفلسطينية الجديدة بما ورد في برنامج عملها وبشكل خاص خطط الترشيد في الإنفاق، والالتزام بمبادئ الشفافية والتشاركية في إدارة المال العام، والانفتاح على المجتمع المدني.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى