معالجات اخبارية

المجاعة تشتد بصمت.. تراجع هو الأكبر بدخول الإمدادات الإنسانية لغزة

يصعد الاحتلال الإسرائيلي بصمت من تكريس استخدام التجويع بحق مواطني في قطاع غزة في إطار حرب الإبادة المستمرة في وقت يسجل دخول الإمدادات الإنسانية التراجع الأكبر منذ تشرين أول/أكتوبر 2023.

وقال مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة “أوتشا” إن كمية المساعدات الغذائية الإنسانية التي دخلت جنوب غزة في تموز/يوليو الماضي هي الأقل منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية.

وحذر قطاع الأمن الغذائي من أن الهجمات الإسرائيلية المستمرة والطرق المتضررة، وانهيار القانون والنظام، وتحديات الوصول على طول الطريق الإنساني الرئيسي بين معبر كرم أبو سالم وخان يونس ودير البلح أدت إلى نقص حاد في الغذاء.

ونتيجة لذلك، قد لا يتلقى أكثر من مليون شخص في جنوب ووسط غزة حصصًا غذائية لشهر آب/أغسطس الجاري.

تعطيل عمل المخابز

أدت أوامر الإخلاء المتكررة ونزوح السكان، إلى جانب النقص الحاد في غاز الطهي، إلى تعطيل عمل المطابخ والمخابز بشكل كبير.

واضطر ما لا يقل عن 50 مطبخًا إلى تعليق تقديم الوجبات المطبوخة أو الانتقال بسبب أوامر الإخلاء المتكررة ومنذ أوائل تموز/يوليو، لا يعمل حاليًا سوى 13 مخبزًا من أصل 19 مخبزًا يدعمها شركاء إنسانيون في القطاع – واحد في خان يونس (أعيد فتحه في 21 آب/أغسطس بعد إغلاقه منذ كانون أول/يناير)، وستة في دير البلح، وأربعة في مدينة غزة واثنان في جباليا.

وفي شمال غزة، أصبح انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية أكثر إثارة للقلق، حيث لم تصل أي إمدادات تجارية إلى المنطقة لأكثر من ثلاثة أشهر متتالية، وفقًا لقطاع الأمن الغذائي.

وقد أدى هذا إلى نقص مصادر البروتين في السوق المحلية، مع توفر عدد قليل فقط من أنواع الخضروات المزروعة محليًا بأسعار باهظة.

ويدفع الأطفال الثمن الأغلى، حيث يؤدي الجمع بين سوء التغذية وتقليص خدمات الرعاية الصحية الأساسية وظروف المياه والصرف الصحي والنظافة السيئة إلى زيادة سوء التغذية لديهم وزيادة تعرضهم للأمراض، كما تؤكد مجموعة التغذية.

وكشف تقييم أجرته اليونيسف في يوليو/تموز أن واحد في المائة فقط من الأطفال في شمال غزة، وستة في المائة في الجنوب، يتلقون التنوع الغذائي الموصى به، حيث تعد اللحوم والفواكه والخضروات ومنتجات الألبان والبيض من بين الأطعمة التي يصعب الوصول إليها تقريبًا.

وارتفع عدد الأطفال الذين تم تشخيصهم بسوء التغذية الحاد من خلال فحص محيط منتصف الذراع بنسبة تزيد عن 300 في المائة في الشمال في تموز/يوليو، مقارنة بشهر أيار/مايو، وبنسبة 156 في المائة في الجنوب.

وفي المجموع، تم تشخيص 14750 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 6 و59 شهرًا بسوء التغذية الحاد من بين 239580 طفلاً تم فحصهم منذ يناير 2024.

ووفقًا لمجموعة التغذية، وجد أن ما بين تسعة وعشرة في المائة من النساء الحوامل والمرضعات اللائي تم فحصهن في يونيو ويوليو يعانين من سوء التغذية الحاد؛ مما يعيق قدرتهن على الرضاعة الطبيعية، وسط أعداد متزايدة من الأطفال الخدج ومنخفضي الوزن عند الولادة.

وتحذر مجموعات التغذية والأمن الغذائي من أنه إذا تم المساس بالوصول إلى الطرق المادية وتوفير الخدمات الصحية والمياه والصرف الصحي والنظافة وظروف المأوى، فهناك خطر كبير من تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بما يتجاوز المعدلات المزعجة بالفعل التي لوحظت حاليًا في جميع أنحاء القطاع.

وفي شهر تموز/يوليو، تعطلت بشدة قدرة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة بسبب الأنشطة العسكرية الإسرائيلية المكثفة، وإغلاق المعابر، وتقلب الظروف الأمنية.

وتفاقمت هذه التحديات بسبب الذخائر غير المنفجرة، والطرق المتضررة والمزدحمة، وإجراءات الإخطار والتنسيق غير المتسقة، والعمليات المعقدة غير المتسقة على نقاط التفتيش.

وعلى الرغم من أن عدد البعثات الإنسانية التي نسقتها السلطات الإسرائيلية ارتفع من 414 في يونيو/حزيران إلى 543 في يوليو/تموز، فإن نسبة الحركات التي رفضتها السلطات الإسرائيلية تضاعفت من سبعة في المائة إلى 15 في المائة؛ مما أثر بشكل كبير على قدرة وصول المساعدات الإنسانية وتنفيذ التدخلات المنقذة للحياة في الوقت المناسب في جميع أنحاء غزة.

سوء التغذية يهدد آلاف الأطفال 

يعاني آلاف الأطفال في غزة من خطر سوء التغذية الحاد، حيث تم الكشف عن إصابة حوالي 15 ألف طفل بسوء التغذية، منهم 3,288 طفلا مصابا بسوء التغذية الحاد الوخيم، وذلك بعد فحص نحو 240 ألف طفل في القطاع منذ بداية العام الحالي.

وتدعم منظمة الصحة العالمية مركز علاج سوء التغذية في مستشفى كمال عدوان، شمال غزة، وهو واحد من أربعة مرافق تعمل في هذا المجال في القطاع.

يقول حسام أبو صفية مدير المستشفى: “إلى هذه اللحظة، أحصينا ما يقارب 5 آلاف طفل. وتنطبق على ثلث الحالات أعراض سوء التغذية. 25 في المائة من هذه الحالات لم تخضع لعلاج مكثف لأن هذه الحالات صنفت على أنها سوء تغذية مع مضاعفات”.

وأوضح “الآن هذه الحالات موجودة في قسم علاج سوء التغذية في مستشفى كمال عدوان. توافد الحالات مع مضاعفاتها يعني أن هذه محطة – لا سمح الله – ما قبل الموت”.

وحذر حسام أبو صفية من التأثير المستقبلي لسوء التغذية على الأطفال.

وقال إن “أغلب الحالات التي تأتي، تأتي بأعراض متقدمة ومتأخرة وبالتالي يحتاج هذا الأمر على أن يؤخذ على محمل الجد وأن يتم إدخال كل ما هو مطلوب من الأدوية والأطعمة والحليب العلاجي الخاص بهذه الحالات”.

وأضاف أنه “لابد من السماح بإدخال كافة الأطعمة. ولا يخفى عليكم أن شمال غزة يوجد به الطحين وبعض المعلبات، ولكن لا توجد به لا الخضروات ولا الفواكه ولا الزيوت ولا اللحوم وطبعا كل هذا له تأثير مستقبلي على أجساد الأطفال. وستظل هذه المشكلة قائمة ما لم تحل مشكلة الغذاء”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى