التكاليف الاقتصادية والاجتماعية لحرب الإبادة الإسرائيلية في غزة
تناول تقرير حديث صادر عن مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة التكاليف الاقتصادية والاجتماعية لحرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من عام في قطاع غزة.
وقال التقرير الأممي إن حرب الإبادة أحدثت أضرارًا جسيمة، وامتدت لتشمل الهجمات على الشحن في البحر الأحمر من قبل الحوثيين، والعمليات الإسرائيلية ضد حزب الله في لبنان، وتشريد اللاجئين عبر ثلاث دول.
وقد تسببت الحرب في أضرار بلغت قيمتها ما يقرب من 18.5 مليار دولار في غزة وحدها، وفقًا للتقييمات الأولية للبنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
كما تسببت الحرب على غزة في حدوث صدمات في العرض والطلب أدت إلى انخفاض النشاط الاقتصادي الإسرائيلي بنسبة 21% في الربع الرابع من العام الماضي مقارنة بالعام الماضي.
أما لبنان، الذي كان يعاني بالفعل من أزمة اقتصادية عميقة قبل بدء الحرب، فقد شهد انهيار أحد مصادر الدخل القليلة المستقرة ـ السياحة.
ومع تحول خطوط الشحن الدولية بعيداً عن قناة السويس لتجنب خطر الهجمات في البحر الأحمر، فقد انخفض أحد المصادر الرئيسية للإيرادات في مصر إلى النصف.
لكن الأمر لا يقتصر على الحرب. فقد أدى تضافر العديد من الصدمات ــ ارتفاع معدلات التضخم وأزمة غلاء المعيشة، والديون غير المستدامة، ونزوح السكان، والكوارث الطبيعية، بالإضافة إلى الحرب في غزة ــ إلى أزمة متعددة الأوجه تهدد المنطقة بأسرها، وتعزز الفقر المتعدد الأبعاد وعدم المساواة، وتقضي على العديد من مكاسب التنمية.
وأكد التقرير أن الحرب في غزة تفرض تكاليف اجتماعية مرهقة على الأمن الغذائي في الدول الهشة والمتأثرة بالصراع في المنطقة. وقد تزايدت نقاط الضعف الاجتماعية في الأراضي الفلسطينية واليمن ولبنان.
وباعتبارها مستوردة صافية للغذاء بالفعل، يتعين على هذه الدول الهشة أن تتعامل مع العقوبات وتدفقات المساعدات الإنسانية المقيدة التي تشكل أهمية بالغة للبقاء.
إذا تصاعد الصراع الإقليمي واستمر، فسوف يؤدي ذلك إلى تفاقم نقاط الضعف وعدم اليقين في المنطقة ــ بما في ذلك اقتصاداتها الغنية بالنفط.
وسوف يتعرض الاستقرار السياسي للتهديد، مما يؤدي إلى مزيد من عدم اليقين الاقتصادي الذي يردع الاستثمار الأجنبي ويحول مشاعر المخاطرة لدى المستثمرين بعيدا عن المنطقة.
وعلاوة على ذلك، قد تؤدي أسواق السلع الأساسية ــ وخاصة في ضوء تخفيضات إنتاج النفط التي قررتها دول أوبك+ ــ إلى ضغوط تضخمية وتشديد الظروف المالية العالمية بشكل أكبر.
وأكد التقرير الأممي أن المضي قدماً في وقف إطلاق النار الدائم ووضع خطة متينة لإعادة الإعمار هو السبيل الوحيد لتحقيق المصلحة الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة.
وشدد على أن جهود بناء السلام، التي يتوسط فيها المجتمع الدولي، أصبحت ضرورة وجودية، ليس فقط لمواطني المنطقة، بل وأيضاً لبقية العالم. وبالإضافة إلى الخسائر البشرية المدمرة التي تخلفها استمرار الحرب، فإذا امتدت مدة وشدة الحرب في غزة إلى بلدان أخرى في المنطقة، فإن التأثير على أسعار السلع الأساسية وسلاسل التوريد والتكاليف المالية قد يقوض الهبوط الناعم الهش الذي لا يزال ينشأ بعد نجاح التدابير السياسية في السيطرة على التضخم.