التلوث بالذخائر المتفجرة.. أداة إسرائيلية إضافية في حرب الإبادة
تؤدي الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة في خضم حرب الإبادة منذ 11 شهرا، إلى انتشار التلوث بالذخائر المتفجرة على نطاق واسع.
وفي حين أن العدد الدقيق للضحايا المرتبطين بالذخائر المتفجرة غير معروف، فقد حدثت حالات لمواطنين استشهدوا بسبب انفجار ذخائر متفجرة.
وفي 3 أيلول/سبتمبر الجاري، ذكرت تقارير محلية أن فتاة أصيبت بجروح خطيرة نتيجة انفجار ذخيرة متفجرة في جنوب غرب خان يونس وتوفيت متأثرة بجراحها في اليوم التالي.
خطر يفتك بالأطفال
يواجه الأطفال في قطاع غزة خطرًا متزايدًا من التعرض للذخائر المتفجرة، حيث يلعبون عادةً في الخارج، ويميلون إلى البحث عن الفتات بين القمامة والأنقاض، ويفتقرون إلى الوعي بمخاطر الذخائر المتفجرة.
وعلى الرغم من الجهود المستمرة التي يبذلها الشركاء الإنسانيون في الأمم المتحدة لإجراء حملات توعية بمخاطر الذخائر المتفجرة شخصيًا ورقميًا، فإن السلطات الإسرائيلية ترفض دخول المواد التعليمية بالإضافة إلى الحد الأدنى من معدات التخلص من الذخائر المتفجرة إلى غزة، مما يحد من قدرة الاستجابة لمكافحة الألغام.
علاوة على ذلك، وفقًا لنظام مراقبة مجموعة الحماية، تظل مكافحة الألغام واحدة من أكثر الاحتياجات أهمية لأنشطة إنقاذ الحياة في حالات الطوارئ.
وفي دراسة استقصائية أجرتها المجموعة في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب، لم يتلق 89% من المستجيبين مواد توعوية عن الألغام الأرضية في مجتمعاتهم، ولم يعرف 72% منهم أين يبلغون عن اكتشاف ذخائر أرضية أو وقوع حادث يتأثر فيه شخص ما بإحدى هذه الذخائر.
وعلى الرغم من الجهود المتواصلة التي تبذلها المجموعة لرفع مستوى الوعي، فإن نقص المواد وأوامر الإخلاء المتعددة الصادرة عن جيش الاحتلال الإسرائيلي أجبرتهم على تعليق جلسات التوعية الشخصية مؤقتًا بعد أوامر الإخلاء في دير البلح وخان يونس.
ومن شأن القيود المفروضة على الشركاء الإنسانيين للمساعدة في البرامج المتعلقة بإزالة الألغام أن تزيد من المخاطر التي تهدد حياة المواطنين في قطاع غزة.
معركة لم تبدأ بعد
قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إن القصف الإسرائيلي على قطاع غزة والذي أدى إلى تحويل أحياء بأكملها إلى ركام وغبار، ينذر بمعركة أخرى تتعلق بالتعامل مع الذخائر غير المنفجرة.
ونقلت الصحيفة عن تشارلز بيرش، الباحث في شؤون الشرق الأوسط، وخبير إزالة المتفجرات في دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام (UNMAS) إن التلوث سيهدد غزة بمستوى لا يصدق، حيث أن هناك مئات إن لم يكن الآلاف من الذخائر غير المنفجرة.
ويضيف “قد يكون مستوى التلوث في قطاع غزة لا يصدق، مثل شيء من الحرب العالمية الثانية”.
وقدر بيرش أن الأمر سيكلف عشرات الملايين من الدولارات وسيستغرق الأمر سنوات عديدة لجعل المنطقة بأكملها آمنة.
والعديد من الأسلحة التي يقول المحللون إنها استخدمت في غزة، بما في ذلك الفسفور الأبيض الحارق المثير للجدل، يمكن أن تتسرب إلى إمدادات المياه، ولا يزال السؤال بشأن من سيكون لديه السلطة أو الموارد لإعادة بناء القطاع المدمر اقتصاديا دون إجابة.
قد تكون الذخائر غير المنفجرة هي التهديد الأكثر انتشارًا في غزة بعد الحرب، وحتى في أوقات السلام النسبي في القطاع، فإن القنابل المتبقية من جولات القتال السابقة تقتل وتشوه بانتظام.
وأصبحت المشكلة الآن أسوأ بشكل كبير، وسوف يتزايد الخطر مع تدهور المتفجرات وزيادة عدم استقرارها.
وتعتبر الذخائر غير المنفجرة إرثًا طويل الأمد للحروب، مما يشكل مخاطر على المدنيين لأجيال عديدة، وبعضها، مثل الألغام الأرضية من المفترض أن تظل خاملة، لكن بعضها الآخر يكون نتيجة الفشل في الانفجار.
خطر خلال إعادة الإعمار
غالبًا ما تبدو الأسلحة المتفجرة الصغيرة مثل الألعاب للأطفال ويمكن أن تنفجر قنبلة كبيرة مدفونة على عمق كبير تحت الأرض عن غير قصد أثناء جهود إعادة الإعمار، مما يؤدي إلى حدوث وفيات بعد فترة طويلة من انتهاء الصراع.
وتقول دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام ومجموعات خبراء أخرى إنه بشكل عام، واحدة من كل 10 ذخائر لا تنفجر، على الرغم من أن الرقم يختلف بشكل كبير حسب نوع السلاح، ويمكن أن يكون أقل بكثير في بعض الذخائر الأحدث، ويتأثر بعوامل تشمل طول وظروف التخزين والطقس والهدف.
ويقول جيمس كوان، الذي يقود منظمة HALO Trust، وهي منظمة غير ربحية تعمل على إزالة الألغام: “ستكون لديك معدلات فشل أعلى في المناطق الحضرية لأن الكثير من أنواع الذخيرة ستهبط بسلاسة من خلال السقف أولاً، ثم من خلال عدة طوابق”.
ويشبه الوضع في غزة إلى حد ما الوضع في مدينة الموصل العراقية، في أعقاب معركة عام 2017 وقد قالت دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في عام 2021 إنها قامت بإزالة أكثر من 1200 ذخيرة من تلكيف وحدها، وهي منطقة تقع شمال الموصل، لكن غزة قد تمثل مشكلة أكثر تعقيدا.
وبحسب الصحيفة العديد من الأسلحة التي يُعتقد أنها استخدمت في غزة مصممة بحيث لا تنفجر عند ملامستها، ولكن بها فتيل مؤجل يسمح لها بالانفجار تحت الأرض أو داخل المباني وقد يكون من الصعب تحديد موقع هذه الذخائر إذا فشلت في الانفجار.
وفي جولات الحروب السابقة، كان الافتقار إلى رادار مخترق للأرض يعني أن فرق إزالة الألغام وجدت نفسها تحفر في الأنقاض والتربة بوسائل بدائية، بما في ذلك أعواد الخيزران والحفر باليد.