تحليلات واراء

التوغلات الإسرائيلية في الضفة الغربية تؤدي لتأجيج المقاومة الفلسطينية وليس قمعها

مع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، تدهور الوضع في الضفة الغربية المحتلة مع تصعيد التوغلات الإسرائيلية التي يؤكد مراقبون أنها تؤدي إلى تأجيج المقاومة الفلسطينية بدلاً من قمعها

في الثامن والعشرين من أغسطس/آب الماضي، بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ غارات على مدينتي جنين وطولكرم في شمال القطاع، فضلاً عن مخيم الفارعة للاجئين الواقع إلى الجنوب قليلاً. ومنذ ذلك الحين، تصاعدت وتيرة الغارات.

وأفادت الأمم المتحدة برصد عمليات قتل واسعة ونشرت تفاصيل عن الدمار الواسع النطاق، حيث أصبح 80% من مخيم جنين للاجئين بدون إمكانية الوصول إلى المياه.

وقد أدت الغارات الإسرائيلية المستمرة إلى ردود فعل انتقامية. وشمل ذلك تفجير سيارتين مفخختين في منطقة غوش عتصيون في الضفة الغربية في الثلاثين من أغسطس/آب على يد مقاومين فلسطينيين.

محاولة النيل من المقاومة

إن هذه التوغلات في الضفة الغربية جاءت على خلفية الحرب في غزة، وهي تتماشى مع هدف الحكومة الإسرائيلية في القضاء على المقاومة الفلسطينية.

لكن العمليات التي تنفذها القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية تحت مسمى إجراءات القضاء على المقاومة ليست جديدة بكل تأكيد.

نفذت دولة الاحتلال آخر عملية توغل واسعة النطاق في جنين في يوليو/تموز 2023. واستمرت العملية، التي شهدت سلسلة من الغارات بطائرات بدون طيار ونشر مئات الجنود، يومين وتسببت في أضرار جسيمة بمخيم جنين المزدحم للاجئين.

وأدى تراجع نفوذ السلطة الفلسطينية في المخيم إلى خلق فراغ في السلطة في وقت تشهد فصائل المقاومة المزيد من النفوذ وقوة الحضور.

وقد كان مخيم جنين للاجئين يُنظَر إليه منذ فترة طويلة باعتباره مركزاً للمقاومة الفلسطينية.

ولقد عانى الفلسطينيون في الضفة الغربية من تاريخ من التشريد والحرمان من الحقوق. ولم يشهد هذا الوضع تحسناً يُذكَر حتى بعد أن تولت السلطة الفلسطينية مهام إدارية كجزء من عملية أوسلو للسلام في تسعينيات القرن العشرين.

تزايد قوة المقاومة

إن الظلم والفقر الذي يعيشه الشباب الفلسطيني نتيجة الاحتلال العسكري الإسرائيلي دفع الكثيرين منهم إلى الانضمام إلى فصائل المقاومة.

وبحسب المحلل الفلسطيني محمد دراغمة، فإن فصائل المقاومة الفلسطينية تنمو في شمال الضفة الغربية منذ عام 2022. لكن هذا النمو زاد بشكل كبير منذ 7 أكتوبر.

ولقد اختارت دولة الاحتلال الرد بمزيد من التصعيد. ففي زيارة إلى جنين في الحادي والثلاثين من أغسطس/آب، أكد رئيس أركان جيش الاحتلال هيرتسي هاليفي أنه “لن يسمح للمقاومة بأن تستقر في الضفة الغربية”.

وأضاف أن جيش الاحتلال سوف “ينتقل من مدينة إلى مدينة، ومن مخيم للاجئين إلى مخيم للاجئين” للقضاء على المقاومة.

وقد أدان المجتمع الدولي هذه التوغلات الإسرائيلية الأخيرة في الضفة الغربية. وأكد بيان صادر عن الأمم المتحدة في 28 أغسطس/آب أن “إسرائيل” باعتبارها القوة المحتلة، ملزمة بموجب القانون الدولي بحماية السكان الفلسطينيين.

إن الانتهاكات الإسرائيلية لا تشمل فقط الدمار الناجم عن التوغلات الإسرائيلية المنتظمة في المناطق التي من المفترض أن تكون تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، بل تشمل أيضاً استمرار بناء المستوطنات اليهودية غير القانونية، وفشل الجيش الإسرائيلي في حماية الفلسطينيين من عنف المستوطنين.

ومن غير المستغرب إذن أن يتحول الاتجاه نحو وصف احتلال إسرائيل للضفة الغربية بأنه غير قانوني بطبيعته. ومؤخراً، قضت محكمة العدل الدولية بأن استمرار وجود “إسرائيل” في الأراضي المحتلة غير قانوني ويجب أن ينتهي.

وإذا لم يتم الضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء احتلالها، فإن دائرة التصعيد والمقاومة ستستمر.

المصدر/ The Conversation

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى