موقع بريطاني: الحوار مع حماس أذكى الخطوات السياسية الأمريكية منذ زمن

اعتبر موقع Middle East Eye البريطاني أن قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحوار المباشر مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس” يمثل أذكى الخطوات السياسية الأمريكية منذ زمن.
وأبرز الخبير كريس دويل مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني في مقال نشره الموقع، أن الحوار مع حماس جاء بعد أيام من كشف ترامب عن خطته لتطهير غزة عرقيا من الفلسطينيين بشكل دائم.
وقال دويل إن هذه الخطوة تمثل صدمة قد تكون مرت دون أن يُلاحظها أحد، إلا أن تداعياتها في تمزيق عقود من السياسة الأمريكية الراسخة قد تكون عميقة.
إذ كان من المبادئ المقدسة في السياسة الأمريكية عدم التحدث مطلقًا مع حماس، التي صنّفتها منظمة إرهابية عام ١٩٩٧، قبل أن تحذو معظم الدول الأوروبية حذوها بوقت طويل. حتى الدعوة إلى مثل هذه المحادثات كانت بمثابة نهاية مسيرتها المهنية.
ولطالما كان الشعار السائد هو أن الولايات المتحدة “لا تتفاوض مع الإرهابيين”.
وبغض النظر عن السؤال الشائك حول من يُعتبر إرهابيًا، فقد حظي هذا الشعار باعتراف أوسع من احترامه.
كسر الالتزام الأمريكي الصارم
أما فيما يتعلق بالفصائل التي تواجه “إسرائيل”، فإن الولايات المتحدة تميل إلى الالتزام الصارم بالمقاطعة. لكن كل هذا انتهى في الدوحة الشهر الماضي، عندما تواصل المفاوض الأمريكي بشأن الرهائن آدم بوهلر مع حماس.
ولم تكن هذه المحادثات غير مباشرة أو بوساطة أطراف ثالثة، بل كانت وجهاً لوجه.
وبالإضافة إلى تبادل الأسرى، صرّح بوهلر بأن حماس عرضت وقف إطلاق نار لمدة تتراوح بين خمس وعشر سنوات، مشدداً على أن نطاق هذه المحادثات لم يكن محدوداً.
وعلى الفور ظهرت القيادة الإسرائيلية غاضبة، تخشى سياسة أمريكية منفصلة تجاه حماس. إدارة ترامب لا تعتذر. عندما أُجريت مقابلة مع بوهلر على قناة CNN، ردّ قائلًا : “لسنا عملاء لإسرائيل”.
قد يرغب القادة الإسرائيليون في مراجعة التاريخ. فقد صنّف البريطانيون رئيسي الوزراء السابقين مناحيم بيغن وإسحاق شامير إرهابيين لشنهما هجمات أسفرت عن وفيات جماعية، لكن هذا لم يمنع بريطانيا ودولًا أخرى من التعاون معهما.
تلقى نتنياهو تذكيرًا في الوقت المناسب بأن ترامب يدعم “إسرائيل”، ولكنه ليس مُلزمًا لها بأي حال من الأحوال. أجندة ترامب هي “أمريكا أولًا”، أو بالأحرى “ترامب أولًا”. لا شيء مُقدّس.
وكثيراً ما صوّر التحليل المتكاسل ترامب على أنه مؤيد لإسرائيل مهما كانت الظروف، على غرار سلفه جو بايدن.
ورغم أن ترامب يُعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لإبادة الفلسطينيين، إلا أنه أقدر بكثير من بايدن على التصرف ضد رغبات “إسرائيل” إذا كان ذلك يناسبه.
سيشعر القادة الإسرائيليون بالقلق إزاء ما قد يفعله ترامب لاحقًا. هل سيوافق على صفقة مع حماس دون موافقتها؟ هل سيُطلق محادثات مع طهران دون موافقتها؟ فتح الرئيس السابق باراك أوباما قناة سرية مع إيران . قد يفعل ترامب ذلك علانية، ولكن دون مشاورة.
عقد الصفقات
رغم كل الانتقادات الموجهة لترامب، فإنه يستحق الثناء على اتخاذه إحدى أذكى الخطوات السياسية الأمريكية منذ زمن، وإن كانت مصحوبة بمجموعة من المحاذير. ترامب يريد عقد الصفقات؛ ولا يمكن تحقيق ذلك بحظر التواصل مع أحد أطراف النزاع.
مع من إذن لن يتحدث ترامب؟ التفاوض مع حماس يوحي بأنه قد يتحدث مع حزب الله أو الحوثيين إذا اقتضت الظروف ذلك. وقد أشار ترامب إلى أن التحدث مع إيران ، رغم سياسة “الضغط الأقصى” التي ينتهجها، ليس مستبعدًا.
ومن ينسى ولاية ترامب الأولى، حين تحوّل من وصف زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون بـ”رجل الصواريخ الصغير” وتهديده بـ “تدمير كوريا الشمالية تمامًا”، إلى علاقة صداقة غير متوقعة. قال ترامب في أحد التجمعات الانتخابية: “وقعنا في الحب”.
ماذا يفعل حلفاء واشنطن التقليديون بهذا؟ دولٌ مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة امتنعت تمامًا عن التواصل مع حماس، ملتزمةً بـ” مبادئ الرباعية”، التي تنص على عدم التواصل مع الحركة حتى تنبذ العنف، وتعترف بإسرائيل، وتلتزم بجميع اتفاقيات السلام السابقة.
والجدير بالذكر أن “إسرائيل” لم تتخلَّ عن العنف، بل صعّدته إلى إبادة جماعية في غزة. فهي لا ترفض الاتفاقيات السابقة، مثل اتفاقيات أوسلو ، فحسب ، بل تُقوّضها أيضًا، وتعارض أيَّ تحرّك نحو إقامة دولة فلسطينية.
وخلص كاتب المقال “لم يُسفر استبعاد حماس عن أي فوائد واضحة. فقد تواصلت أطرافٌ مثل مصر وقطر مع حماس، بينما اضطرت الولايات المتحدة وأوروبا إلى الاعتماد على أطراف ثالثة لتقديم تقاريرها”.