في ظل التصعيد المستمر في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، أثار هجوم أجهزة أمن السلطة الفلسطينية تساؤلات واسعة حول أسبابه ودوافعه الحقيقية.
بينما تؤكد السلطة أن العملية تهدف لمنع الاحتلال من العبث بالمخيمات الفلسطينية، يرى محللون أن هذه التحركات تخدم أجندات خارجية وتسعى لكسب رضا “إسرائيل” والإدارة الأمريكية الجديدة.
دوافع السلطة
وكذب المحلل السياسي محمد هلسة مزاعم السلطة الفلسطينية بأن عمليتها الأمنية في مخيم جنين تهدف إلى منع الاحتلال من التدخل في المخيمات الفلسطينية.
واعتبر هلسة أن السلطة تسعى من خلال هذه العملية إلى تقديم أوراق اعتمادها لدى “إسرائيل” والإدارة الأمريكية.
وأضاف في تصريح له: “وكأن الاحتلال كان يوزع الورود في الضفة منذ بدء طوفان الأقصى”، مشيرًا إلى أن الاحتلال يواصل استهداف الفلسطينيين دون أي رد من السلطة.
ووفقًا لهلسة، فإن الهجوم على جنين ليس مجرد حاجة داخلية فلسطينية، بل خطوة منسقة تتزامن مع المفاوضات الجارية، في محاولة لإظهار قدرة السلطة على القضاء على المقاومة.
الدعم الأمريكي والإسرائيلي
وأشار المحلل السياسي عادل شديد إلى أن العملية الأمنية التي نفذتها أجهزة السلطة الفلسطينية في جنين بهذا الحجم لم تكن لتتم دون موافقة أمريكية وإسرائيلية مسبقة.
وكشف شديد عن طلب إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من “إسرائيل” الموافقة على شحنة عاجلة من الذخيرة، الخوذ، والسترات الواقية، إضافة إلى معدات رؤية ليلية ومركبات مدرعة لدعم أمن السلطة.
وأوضح أن الطلب الأمريكي جاء بهدف تسهيل العمليات الأمنية التي تنفذها السلطة في الضفة الغربية، معتبرًا أن الإسرائيليين لا يرغبون في إسقاط السلطة في الوقت الحالي، طالما أنها تنفذ عنهم بعض الحملات العسكرية.
اشتباكات واستهداف مباشر
لليوم الـ17 على التوالي، تواصل أجهزة السلطة الفلسطينية حصارها لمخيم جنين، في محاولة لدفع المقاومين إلى تسليم أنفسهم وسلاحهم.
وأفادت مصادر محلية أن اشتباكات عنيفة اندلعت مساء أمس وفجر اليوم بين المقاومين وأجهزة السلطة، التي استغلت اقتحام جيش الاحتلال لبلدة سيلة الحارثية لشن هجوم على المخيم.
وذكرت المصادر أن عناصر الأجهزة الأمنية تعمدوا إطلاق زخات من الرصاص على نوافذ بعض البنايات العالية في المخيم، مما تسبب في حالة من الذعر بين السكان.
التنسيق مع الإدارة الأمريكية
وكشف موقع “والا” العبري أن قادة أجهزة أمن السلطة اجتمعوا قبل بدء العملية مع المنسق الأمني الأمريكي الجنرال مايك فينزل، وقدموا قائمة عاجلة بالمعدات العسكرية التي يحتاجونها.
ووفقًا للصحفي باراك رافيد، تضمنت القائمة: الذخيرة، الخوذ، السترات الواقية من الرصاص، معدات الرؤية الليلية، بدلات الحماية من القنابل، والمركبات المصفحة.
وأكدت التقارير أن هذه التجهيزات جاءت لتسهيل عمليات السلطة في مواجهة المقاومة الفلسطينية داخل المخيمات.
وأثار التصعيد المستمر في جنين تساؤلات عميقة حول أهداف السلطة الفلسطينية ودوافعها الحقيقية، في ظل التنسيق الأمني مع الولايات المتحدة و”إسرائيل”.
وبينما تعاني المخيمات من حصار مستمر واشتباكات عنيفة، تبقى الصورة الحقيقية لأبعاد هذا الهجوم محل جدل واسع بين الخبراء والمراقبين.