تحليلات واراء

قراءة في التداعيات المحتملة للإضراب العام في “إسرائيل” وإنهاء حرب غزة

شكل الإضراب العام الذي دعت إليه هذا الأسبوع أكبر نقابة عمالية في دولة الاحتلال الإسرائيلي “الهستدروت”، تصعيدا كبيرا في الاحتجاجات المستمرة ضد حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وقد تطورت هذه الاحتجاجات، التي اندلعت بعد العثور على جثث ستة أسرى إسرائيليين كانوا محتجزين في غزة، إلى أكبر مظاهرات محلية منذ بدء حرب الإبادة على القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وتضيف مشاركة الهستدروت بعدا جديدا للاضطرابات، وتحولها إلى ثورة وطنية.

واتهمت عائلات الأسرى نتنياهو علانية بخيانة أحبائهم، قائلين إنه أعطى الأولوية لاستراتيجيته السياسية الشخصية على عودتهم الآمنة، حيث يصر رئيس الوزراء على الحفاظ على السيطرة على ممر فيلادلفيا ذي الأهمية الاستراتيجية في غزة.

وقد أدى رفض نتنياهو التفاوض على صفقة تبادل أسرى، وهو القرار المتجذر في موقفه الأيديولوجي، إلى تأجيج الغضب واليأس بين المتظاهرين.

العصيان المدني

إن قرار الهستدروت بالانضمام إلى هذه الحركة والدعوة إلى إضراب عام قد يشكل نقطة تحول، إذ يحشد مئات الآلاف من الإسرائيليين في موجة من العصيان المدني التي قد تؤدي إلى شل الحكومة.

ولكي تترجم هذه الزخم إلى تغيير سياسي ملموس، يتعين على الاحتجاجات أن تستمر وتتوسع، وخاصة من خلال جذب الدعم من قاعدة نتنياهو في حزب الليكود وغيرها من الفصائل اليمينية.

وكانت حكومة نتنياهو سريعة في الرد، فحاولت تقويض الإضراب من خلال وسائل مختلفة، بما في ذلك التحديات القانونية، والجهود الرامية إلى تحريض النقابات العمالية الأخرى ضد الهستدروت، والتهديدات بحجب الأجور عن العمال المضربين.

ورفضت البلديات التي يقودها حزب الليكود، مثل بلدية القدس المحتلة، المشاركة في الإضراب، في حين أطلقت الحكومة الإسرائيلية حملة تصور الإضراب العمالي على أنه ذو دوافع سياسية ويضر بمصالح “إسرائيل” الأمنية.

وتهدف هذه الرواية إلى منع انشقاق كبير من جانب أنصار اليمين إلى حركة الاحتجاج.

ويصور نتنياهو وحلفاؤه، بما في ذلك الوزراء اليمينيون المتطرفون بتسلئيل سموتريتش وإيتامار بن جفير، الاحتجاجات باعتبارها تهديدا وجوديا، ويزعمون أن الهدف الحقيقي للحركة هو الإطاحة بالحكومة وتخريب الجهود الرامية إلى تأمين إطلاق سراح الأسرى المتبقين.

تصدعات في ائتلاف نتنياهو

لكن الشقوق بدأت تظهر داخل ائتلاف نتنياهو. فقد دعا أرييه درعي، زعيم حزب شاس، إلى الوحدة الوطنية وتشكيل ائتلاف أوسع نطاقاً من شأنه أن يخفف من نفوذ العناصر اليمينية المتطرفة مثل بن جفير وسموتريتش.

وقد تجد الأحزاب الحريدية في الائتلاف، والتي تشعر بالقلق بالفعل بعد تصرفات بن جفير الاستفزازية في المسجد الأقصى، صعوبة متزايدة في البقاء في حكومة يبدو أنها تتجه نحو صراع أعمق.

لكن التهديد الأكثر إلحاحا لحكومة نتنياهو قد يأتي من الداخل. فهناك همسات داخل حزب الليكود حول الإقالة المحتملة لوزير الجيش يوآف غالانت، وهي الخطوة التي يبدو أن نتنياهو متردد في اتخاذها بسبب التداعيات المحتملة داخل حزبه وبين الجمهور.

وقد يستقيل جالانت في نهاية المطاف احتجاجا على الدعم العسكري والاضطرابات العامة المتزايدة، مما يضع المسؤولية الكاملة عن الأزمة المستمرة على عاتق نتنياهو وحلفائه المتشددين.

وقد تؤدي مثل هذه الخطوة إلى تفكك أكبر داخل الائتلاف، وخاصة إذا اقترنت بتحول في موقف الأحزاب الحريدية.

إن الإضراب العام قد يكون بمثابة لحظة حاسمة في الأزمة السياسية التي تعيشها “إسرائيل”، وخاصة إذا استمرت الاحتجاجات في التصاعد.

ورغم أنه من غير المرجح أن تسقط الحكومة بسبب الضغوط الخارجية فحسب، فإن الانقسامات الداخلية داخل الائتلاف قد تؤدي إلى انهيارها.

إن الاستقطاب المتزايد داخل المجتمع الإسرائيلي، والذي يبدو أن نتنياهو وشركائه من اليمين المتطرف يعملون على تعزيزه، قد يكون في نهاية المطاف سبباً في هلاكهم. وقد تبرز حكومة الوحدة الوطنية، كما اقترح درعي، كحل يوفر لنتنياهو مخرجاً في حين يعيد تشكيل مستقبل السياسة الإسرائيلية.

المصدر/ Middle East Eye

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى