إحصائيات أممية: المدنيون في غزة من يتحملون العبء الأكبر من الحرب
أكدت إحصائيات موثقة صادرة عن الأمم المتحدة أن المدنيين في غزة هم من يتحملون العبء الأكبر من حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة للعام الثاني والتي تؤدي إلى “معاناة غير مسبوقة تقريبا” على المستوى العالمي.
ووفقاً لتحليل الأمم المتحدة للوفيات المؤكدة، فإن ما يقرب من 70% من ضحايا الحرب الإسرائيلية في غزة هم من النساء والأطفال، مما يسلط الضوء على الخسائر المدنية الكبيرة في الهجمات الإسرائيلية.
وفي تقرير جديد، وهو الأكثر تفصيلاً من نوعه حتى الآن، قال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إنه تحقق من استشهاد 8119 شخصاً خلال الأشهر الستة الأولى من الحرب في غزة.
وذكر أن من بين الضحايا، كان هناك 3588 طفلاً و2036 امرأة. وكان أصغر الضحايا طفلاً عمره يوم واحد، وكانت أكبرهم امرأة تبلغ من العمر 97 عاماً.
وتأتي هذه الأرقام الجديدة في الوقت الذي قال فيه الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، يان إيجلاند، إن الناس قد دفعوا “إلى ما هو أبعد من نقطة الانهيار” حيث تعاني الأسر والأرامل والأطفال من “معاناة لا مثيل لها تقريبا”.
قالت الأمم المتحدة إن هذه الأرقام تشير إلى “انتهاك منهجي للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي”.
ومن بين الأرقام المؤكدة، استشهد 7607 أشخاص في المباني السكنية أو المساكن المماثلة، منهم 44% أطفال، و26% نساء، و30% رجال، بحسب التقرير الذي صدر الجمعة.
ويمثل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمس وتسعة أعوام أكبر فئة عمرية، يليهم أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عامًا، ثم أولئك الذين تصل أعمارهم إلى أربع سنوات بما في ذلك.
وقال التقرير إن المدنيين تحملوا العبء الأكبر من الهجمات في غزة، بما في ذلك الحصار الأولي الذي فرضته القوات الإسرائيلية، فضلاً عن النزوح الجماعي المتكرر، وفشل الحكومة الإسرائيلية في السماح بدخول المساعدات الإنسانية، والقصف المتواصل.
وأضاف التقرير أنه في 88% من الحالات، استشهد خمسة أشخاص أو أكثر في نفس الهجوم، مشيرًا إلى استخدام الجيش الإسرائيلي لأسلحة ذات تأثيرات عبر منطقة واسعة.
وقد تسبب هذا في “مستويات غير مسبوقة من القتل والموت والإصابة والجوع والمرض”، وفقًا للتقرير، الذي قال إن العديد من العائلات قُتلت معًا، غالبًا في منازلها، في غارات إسرائيلية على المباني السكنية.
وقالت الأمم المتحدة إنها تحققت من 484 عائلة فقدت ما بين خمسة إلى أكثر من 30 فردًا.
وأضاف التقرير أن قتل عائلات بأكملها في أماكن سكنها يزيد من المخاوف بشأن انتهاكات القانون الإنساني الدولي.
وكانت العائلتان اللتان سجلتا أعلى عدد من الضحايا هما عائلة النجار، حيث استشهد 138 فرداً من أفرادها (في 18 حادثة)، بينهم 35 امرأة و62 طفلاً، وعائلة الأسطل، حيث استشهد 94 فرداً من أفرادها (في 8 حوادث)، بينهم 33 امرأة و45 طفلاً.
وقال فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة: “إن رصدنا يشير إلى أن هذا المستوى غير المسبوق من قتل وإصابة المدنيين هو نتيجة مباشرة للفشل في الامتثال للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي – أي مبادئ التمييز والتناسب والاحتياطات في الهجوم”.
وأضاف أنه “من المؤسف أن هذه الأنماط الموثقة من الانتهاكات مستمرة بلا هوادة، بعد أكثر من عام من بدء الحرب”.
وخلال زيارته لغزة، قال إيجلاند إنه رأى “مشهداً تلو الآخر من اليأس المطلق”، حيث تمزقت الأسر ولم تعد قادرة على دفن أقاربها الذين لقوا حتفهم.
وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي باستخدام الأسلحة التي زودته بها الدول الغربية “حول قطاع غزة المنطقة المكتظة بالسكان إلى منطقة غير صالحة للسكن”.
وذكر “أن الأسر والأرامل والأطفال الذين تحدثت إليهم يعانون من معاناة لا مثيل لها في أي مكان آخر في التاريخ الحديث. ولا يوجد أي مبرر ممكن لاستمرار الحرب والدمار”.
ووفقا لأحدث التقديرات الصادرة عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، نزح نحو مليوني شخص داخليا في غزة، ويواجه السكان نقصا واسع النطاق في الغذاء والمياه والأدوية.
ولا تزال الأسر مضطرة إلى الانتقال من منطقة إلى أخرى. وتغطي المناطق التي حددتها القوات الإسرائيلية للإخلاء والنقل القسري أكثر من 80% من قطاع غزة.
وفي شمال غزة، أدى الهجوم المتجدد منذ شهر والحصار المشدد إلى نشوء ظروف يائسة، حيث يقدر عدد الأشخاص المنقطعين تماما عن المساعدات الإنسانية بنحو 100 ألف شخص.
وأدانت الأمم المتحدة “التدخل غير القانوني في المساعدات الإنسانية والأوامر التي تؤدي إلى النزوح القسري”.
ولا تزال أغلب المساعدات الإنسانية محظورة من مغادرة نقاط العبور بسبب استمرار الهجمات العسكرية الإسرائيلية والقيود المفروضة والدمار الواسع النطاق. وفي المتوسط، عبر 36 شاحنة يومياً إلى غزة في أكتوبر/تشرين الأول، وهو أدنى معدل منذ عام.
وقال إيجلاند، وهو زعيم إنساني ووزير خارجية ودبلوماسي سابق في النرويج، إنه شهد “التأثير الكارثي لتدفقات المساعدات المخنوقة”، مضيفًا أن الناس ظلوا أيامًا دون طعام ولم يكن من الممكن العثور على مياه الشرب في أي مكان.
وأكد إيجلاند أن الوضع في غزة “مميت” بالنسبة لجميع الفلسطينيين وعمال الإغاثة والصحافيين. وأضاف أنه لمنع إزهاق عشرات الآلاف من الأرواح، يتعين وقف إطلاق النار على الفور وبدء عملية السلام.