
أكد الكاتب الفلسطيني محمد القيق أن السلطة الفلسطينية لعبت دورًا خطيرًا في رفع الغطاء الشرعي والوطني عن المخيمات، وذلك عبر حملتها الأمنية على مخيم جنين ومهاجمة بقية المخيمات الفلسطينية.
وأوضح أن هذه العمليات الأمنية رافقتها حملة إعلامية ضخمة، محليًا ودوليًا، هدفت إلى الترويج لمزاعم تفيد بأن المخيمات تحتوي على مليشيات مسلحة تابعة لتنظيمات إرهابية ودول إقليمية.
واعتبر أن هذه الادعاءات أصبحت اليوم المبرر الذي يستخدمه الاحتلال الإسرائيلي لشن عدوانه المستمر على مخيمات الضفة الغربية.
وأضاف القيق أن ما قامت به السلطة أوصل الفلسطينيين إلى مرحلة خطيرة تتمثل في شرعنة العدوان الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن الاحتلال استهدف قطاع غزة في السابق، ثم انتقل حاليًا إلى استفراد كامل بمخيمات شمال الضفة الغربية.
وأكد أن هذه العمليات الأمنية، التي استمرت لمدة 52 يومًا، شملت ملاحقة المقاومين ومنع الصحفيين من التغطية الإعلامية، مما أدى إلى غياب أي صدى فلسطيني واسع لما يجري حاليًا من عدوان إسرائيلي شرس ضد المخيمات.
ورأى القيق أن السلطة الفلسطينية لم تعد تتعامل مع هذه المخيمات من منظور وطني، بل أصبحت تعتبرها خارجة عن القانون، وهو تحول خطير في التعاطي الرسمي الفلسطيني مع قضية المخيمات.
واستشهد بآخر البيانات التي وزعها جيش الاحتلال في بلدة طمون، والتي أكدت أن قوات الاحتلال تعمل على اجتثاث من وصفتهم بالمسلحين التابعين لدول إقليمية، وهو خطاب مشابه تمامًا لما تبنته السلطة في حملتها الإعلامية السابقة ضد المخيمات.
عدوان متواصل على جنين
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على مدينة جنين ومخيمها، حيث دخلت الهجمات يومها الخامس والعشرين وسط تصعيد غير مسبوق في العمليات العسكرية.
وأسفرت الاعتداءات عن استشهاد 25 فلسطينيًا، إضافة إلى تهجير أكثر من 20 ألف مواطن نتيجة القصف العنيف والتدمير الممنهج للبنية التحتية.
ويعاني المخيم من أزمة إنسانية خانقة، حيث دُمرت أكثر من 470 منشأة ومنزل بشكل كلي أو جزئي، مما جعل آلاف العائلات بلا مأوى.
ويزداد الوضع الإنساني في المخيم سوءًا مع استمرار انقطاع الخدمات الأساسية، حيث تواجه المدينة نقصًا حادًا في المواد الغذائية والمياه، إلى جانب انقطاع الكهرباء بشكل كامل في بعض المناطق.
ودفع جيش الاحتلال بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى محيط المخيم، كما نشرت قواته طائرات مسيّرة تقوم بإلقاء القنابل واستهداف المنازل السكنية، مما أدى إلى تصاعد الخسائر البشرية والمادية بشكل كبير.
حصار مشدد وأزمة إنسانية تزداد تعقيدًا
ويعيش سكان جنين تحت حصار خانق فرضه جيش الاحتلال، مما أدى إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة.
وتشير التقارير إلى أن 35% من أهالي المدينة حرموا من المياه، حيث تمنع قوات الاحتلال وصول الإمدادات إلى أربع مستشفيات رئيسية، مما يهدد حياة المرضى ويفاقم الوضع الصحي داخل المدينة.
وتدمير البنية التحتية أدى إلى انقطاع تام للكهرباء في العديد من الأحياء، فيما تواجه الأسواق نقصًا حادًا في السلع الأساسية نتيجة إغلاق المداخل الرئيسية ومنع دخول المساعدات.
وباتوا سكان المخيم يواجهون خطر المجاعة في ظل استمرار العمليات العسكرية والحصار الخانق المفروض على المدينة.
قصف جوي وتجريف للمنازل
ولم يكتفِ العدوان الإسرائيلي بفرض الحصار والتضييق على السكان، بل صعّد من عمليات القصف الجوي على المخيم، حيث استخدم طائرات مسيّرة لإلقاء القنابل على المناطق السكنية.
كما دفع بجرافات عسكرية لتجريف الطرق والمنازل، ما أدى إلى تدمير أحياء كاملة وجعلها غير صالحة للسكن.
وتشمل الاعتداءات الإسرائيلية استهداف مباشر للمرافق الحيوية، حيث تعرضت محطات الكهرباء والمياه للقصف، مما فاقم الأوضاع المعيشية داخل المخيم.
وأكدت مصادر محلية، أن الاحتلال يحاول تحويل المخيم إلى منطقة منكوبة بالكامل، ضمن مخطط لفرض تهجير قسري على سكانه.
وفي ظل هذا التصعيد الخطير، تتزايد المطالبات الفلسطينية بتدخل دولي عاجل لوقف العدوان على جنين، خاصة مع تصاعد الجرائم الإسرائيلية واستمرار الانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين.
ورغم بعض الإدانات الدولية، لا تزال إسرائيل تواصل عدوانها دون أي رادع حقيقي، ما يثير تساؤلات حول جدية المجتمع الدولي في التصدي لهذه الجرائم.