بينما تتهاوى غزة تحت أنقاض القصف، وتتصاعد هجمات المستوطنين في الضفة الغربية، تبدو السلطة الفلسطينية وكأنها تعيش في عالم موازٍ.
البلديات تحفر الشوارع لتبديل أنابيب المياه، والمكاتب الحكومية تستمر في أعمالها الروتينية، كأن الحياة تسير بشكل طبيعي، وكأن الضفة ليست على أعتاب كارثة محققة.
وفي وقت كان يُنتظر فيه من السلطة أن تكون الدرع الذي يحمي شعبها أو الصوت الذي يرفع قضيته، أصبحت نموذجاً للصمت واللامبالاة، هذا الغياب المريب لدور القيادة، وسط واحدة من أخطر اللحظات في تاريخ فلسطين، لا يعكس فقط حالة عجز سياسي، بل أيضاً فقداناً كاملاً للإحساس بالمسؤولية الوطنية.
حين يُترك الشعب وحده لمواجهة الخطر، وعندما تتحول السلطة إلى شاهد صامت، يصبح التساؤل عن جدوى وجودها أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
السلطة وسط الانهيار
الحكومة المحلية، مثل بقية مؤسسات السلطة الفلسطينية، تبدو وكأنها منشغلة بتقديم صورة “الحياة الطبيعية” للعالم الخارجي. لكن في الواقع، هذا الإصرار على الاستمرار وكأن الأمور بخير لا يعكس سوى حالة إنكار متعمدة.
في ظل هذه الكارثة الإنسانية والسياسية، يبدو أن السلطة الفلسطينية أصبحت أكثر اهتماماً بتعزيز موقفها أمام المجتمع الدولي بدلاً من مواجهة الواقع، وإنها مؤسسات فاقدة للبوصلة السياسية، عاجزة عن تقديم أي رؤية واضحة أو خطة للتعامل مع هذا الواقع المأساوي.
الفلسطينيون يواجهون المحو
بينما يعيش الناس في غزة بين الأنقاض، وبينما تواجه الضفة الغربية تصعيداً خطيراً في العنف من قبل المستوطنين وهدم المنازل وتدمير بساتين الزيتون، تحاول السلطة الحفاظ على وهم الحياة الطبيعية.
لكن بالنسبة للفلسطينيين العاديين، هذه الواجهة تنهار سريعاً. الجميع يعيشون في حالة من الصدمة الجماعية والقلق المتزايد على المستقبل، بينما تشاهد السلطة نفسها كشاهد صامت.
وفي الوقت نفسه، يواصل الاقتصاد في الضفة الغربية الانهيار، ويختنق تحت وطأة القيود المشددة على الحركة، وتسيطر نقاط التفتيش العسكرية الإسرائيلية على مداخل ومخارج كل بلدة ومدينة وقرية تقريباً، مما يحول حتى أبسط رحلة إلى محنة من الإذلال والخوف.
وأمام هذا العجز الواضح، تتضح المأساة الأكبر، شعب يواجه المحو التدريجي، في ظل قيادة منشغلة بتفاصيل روتينية “العمل كالمعتاد” ليس سوى غطاء يخفي الانهيار السياسي الذي نشهده، فيما نحن نستعد لما يبدو أنه النهاية الوشيكة.