التداعيات الاقتصادية للحرب على غزة أثرت على المنطقة بأسرها
بعد نحو عشة أشهر من حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، لا يزال من الصعب التنبؤ بالنتائج النهائية للحرب، لكن الواضح أن التداعيات الاقتصادية للحرب أثرت على المنطقة بأسرها.
وبحسب بيانات حديثة، حشدت القوات الإسرائيلية 300 ألف جندي احتياطي، 83% منهم من الرجال، و45% من جنود الاحتياط تتراوح أعمارهم بين 20 و29 عاماً، و32% تتراوح أعمارهم بين 30 و39 عاماً، و15% تتراوح أعمارهم بين 40 و45 عاماً، و8% تتراوح أعمارهم بين 50 و69 عاماً.
وفي الوقت الحالي تعاني دولة الاحتلال الإسرائيلي من صدمة سوق العمل الناجمة عن جنود الاحتياط المشاركين في الحرب ونحو 75 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية و12 ألف عامل من قطاع غزة، حيث تم تعليق تصاريح العمل الإسرائيلية الخاصة بهم.
قطاع غزة المتضرر الأكبر
وقال رياض خوري أستاذ وعميد سابق لكلية إدارة الأعمال في الجامعة اللبنانية الفرنسية في أربيل إنه “رغم أن الحرب على غزة لم تنته بعد، إلا أنها أثرت بدرجات متفاوتة على العديد من الاقتصادات في المنطقة العربية”.
وأبرز خوري أن قطاع غزة هو الأكثر تضرراً، وسيحتاج إلى إعادة إعمار ضخمة بعد الحرب”، مضيفاً أن الأمر لن يكون مجرد جهد عادي لإعادة الإعمار، كما حدث في أعقاب بعض الكوارث الأخرى، بل سيتضمن أيضاً جهوداً سياسية وغيرها.
وأوضح خوري أن “احتياجات قطاع غزة بعد الحرب ستكون هائلة: فقد دمرت جميع الجامعات، وتضررت معظم المستشفيات بشدة، وما إلى ذلك. كما أن الحرب على غزة تتطلب جهوداً استثنائية لإعادة الإعمار، وستكون عملية إعادة الإعمار أكبر بكثير من معظم الكوارث الأخيرة”.
تضرر دول عربية
وقال خوري إن الدول الأكثر تأثرا بالحرب هي الأردن ومصر ولبنان والضفة الغربية.
وذكر أن “العواقب الاقتصادية للعدوان على غزة سلبية بطبيعة الحال على هذه الدول الأربع، حيث تتأثر أحجام وأسعار الواردات والصادرات سلبا بالتهديدات اليمنية للملاحة في البحر الأحمر وبحر العرب”.
وأشار وزير التخطيط الأردني الأسبق طاهر كنعان إلى أن إعادة الإعمار بعد الحرب مسؤولية المجتمع الدولي والدول العربية وخاصة (إسرائيل) إذا تمكنت محكمة العدل الدولية من فرض حكم تعويضات عليها.
ويرى الباحث الألماني بنيامين شوتزه من معهد فرايبورغ للدراسات المتقدمة أن التأثير الاقتصادي للحرب في غزة محسوس في دول الاتحاد الأوروبي ولكن بدرجة أقل بكثير من الشرق الأوسط.
وأشار شوتز إلى أن “النقطة الحاسمة بكل وضوح هي تدمير (إسرائيل) لمجتمع بأكمله في غزة بتسهيل مباشر من الاتحاد الأوروبي والدعم السياسي والعسكري الأميركي”.
وأضاف أن الحرب على غزة كان لها تأثيرات كبيرة على الأردن والاقتصاد الإقليمي الأوسع، حيث أثرت على قطاعات متعددة وأدت إلى تفاقم التحديات الاقتصادية القائمة.
وأشار الخبير الاقتصادي الأردني عدلي قندح إلى أن “السياحة من بين القطاعات الأكثر تضررا، فالأردن الذي شهد انتعاشا في السياحة بأعداد قياسية من الزوار في أوائل عام 2023، شهد انخفاضا حادا في أعقاب اندلاع الحرب”.
إذ انخفضت معدلات إشغال الفنادق بنسبة 50-75 في المائة، وتم إلغاء العديد من الحجوزات السياحية”، مضيفا أن هذا القطاع بالغ الأهمية لأنه يساهم بنحو 14-15 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي للأردن.
وعن القطاعات الأكثر فعالية، سلط قنديل الضوء على التجارة والنقل، لأن “الانقطاعات في طرق التجارة وارتفاع تكاليف الشحن بسبب عدم الاستقرار الإقليمي شكلت تحديات للشركات الأردنية، وهذا أدى إلى انخفاض النشاط التجاري، وخاصة مع الضفة الغربية وغزة، مما يؤثر بشكل مباشر على حركة السلع والخدمات”.
وأضاف قنديل أن الاستثمار شهد تراجعا أيضا، مشيرا إلى أن ارتفاع التكاليف وعدم اليقين جعلا الأردن وجهة أقل جاذبية للمستثمرين الأجانب.
وأكد قنديل أن “مساهمة قطاع الاستثمار في الناتج المحلي الإجمالي من المتوقع أن تنخفض بشكل كبير، ربما من 25% إلى 17%”، مضيفا أن الأمن في مجال الطاقة والغذاء يشكلان مجالات إضافية مثيرة للقلق.
وفي رد على هذه التحديات، أضاف قنديل: “قد يحتاج الأردن إلى تبني سياسات اقتصادية قوية والسعي للحصول على الدعم الدولي لتحقيق الاستقرار في اقتصاده وحماية مختلف القطاعات من الآثار السلبية للصراع”.