كيف تستخدم واشنطن المفاوضات كسلاح ضد غزة؟
تقدم الولايات المتحدة الأمريكية نفسها على أنها الوسيط الحصري والوحيد في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، والراعي المؤتمن لما يسمى عملية السلام منذ 30 عاماً.
احتكار التفاوض
ورغم تعاقب الإدارات الأمريكية المختلفة إلى أنها حافظت على احتكار ملف المفاوضات والتسوية السياسية في الصراع بكل جوانبها ومنعت الأطراف الأخرى من المشاركة فيها، مع تفوضيها لبعض الأطراف مثل قطر ومصر بإدارتها في بعض المراحل.
وتدعي الولايات المتحدة أنها تسعى من خلال رعايتها للمفاوضات إلى الوصول إلى تسوية سياسية تفضي إلى عملية سلام شاملة، وهو ما يتناقض مع سلوكها وسياساتها ودعمها للإجراءات الإسرائيلية الهادفة لإنهاء أية فرصة لإقامة دولة فلسطينية أو دعمها المطلق لحرب الإبادة على قطاع غزة.
وبالإضافة إلى دعمها العسكري والسياسي والإعلامي لحرب الإبادة، تتبع الولايات المتحدة منهجاً في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة يقوم على إشاعة التفاؤل قبل التفاوض والضغط على حماس.
إشاعة التفاؤل
ويرى الصحفي الفلسطيني فايد أو شمالة، أنه أصبح مألوفاً أن تسمع مسؤولاً أمريكياً رفيعاً وأحياناً الرئيس جو بايدن يشيعون أجواء من التفاؤل قبل بدء المفاوضات بالتزامن مع الضغط على حماس والإدلاء بتصريحات تحملها إعاقة الوصول للاتفاق وهو ما يتناقض مع الحقيقة على الأرض.
وأوضح أبو شمالة، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تحاول من خلال النفاق الإعلامي والتصريحات التي توهم الجمهور بوجود تقدم في المفاوضفات تسويق نفسها كوسيط مجتهد وتحاول إقناع قنع الرأي العام الأمريكي أنها إدارة مسؤولة وحريصة.
وبين أن الولايات المتحدة تحاول من خلال هذه التصريحات القول أنها ليست شريكا في حرب الإبادة لكسب الناخبين العرب والمسلمين ومؤيدي فلسطين من أنصار الحزب الديمقراطي، لافتاً إلى أنها تستخدم تسمية صفقة “لأن أولويتها الإفراج عن الأسرى وليس وقف النار وحرب الإبادة”.
التفاوض لدعم إسرائيل
أما المحلل السياسي ومدير مركز رؤية للتنمية السياسية، أحمد العطاونة، فأكد أن الولايات المتحدة تستخدم منذ ثلاثين عامًا إستراتيجية التضليل والخداع في التعامل مع المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وهي ذاتها التي تستخدمها اليوم في مفاوضات وقف إطلاق النار.
وأضاف العطاونة، أن من أهم مرتكزات هذه الإستراتيجية هو النفاق السياسي والفجوة بين الخطاب والممارسة، فبينما تعبّر الولايات المتحدة بشكل متكرر عن رغبتها في وقف الحرب تستمر في تقديم كل الدعم اللازم لجيش الاحتلال وحكومته، وتفرض على أطراف كثيرة أن يصدقوا كذبها ويتعاملوا معه وكأنه حقيقة.
وشدد على أن واشنطن، تعمل على تمكين الاحتلال من تحقيق أهدافه قصيرة وبعيدة المدى وكسب الوقت لإنجازها، كما يحدث في الحرب على غزة والاستيطان والتهويد في الضفة، وهو ما يتناقض مع مفهوم الوساطة والحياد.
ودعا أحمد العطاونة، النظر إلى السلوك الأميركي في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة ضمن إطار إدارة المعركة واستكمال أهداف حرب والتعامل مع الولايات المتحدة كشريك كامل فيها.