معالجات اخبارية

انهيار النظام المصرفي في غزة يفاقم التداعيات الإنسانية للحرب

يفاقم انهيار النظام المصرفي في غزة التداعيات الإنسانية للحرب الإسرائيلية في وقت يجبر سكان القطاع على طريقة وحيدة للحصول على المال وهي التعامل مع الصرافين الذين يخصمون نسبة كبيرة.

ومع إغلاق البنوك في قطاع غزة، أصبح توفر العملات النقدية نادرًا، ولا يمتد بعيدًا بسبب التضخم في زمن الحرب، فيما وقفت سلطة النقد التابعة للسلطة الفلسطينية من دون أي حراك لمحاولة تخفيف الأزمة.

ويجلس محمد برغوث (47 عاماً) على كرسي بلاستيكي في مقهى إكسلانس في خان يونس، وبجانبه رجل يخرج كومة من الشواكل ويحصي بعض الأوراق النقدية.

يتفقد الرجل هاتفه للتأكد من استلامه تحويلاً مصرفياً بقيمة 100 دولار أميركي أرسله برغوث، قبل أن يسلمه مبلغ 200 شيكل، ويشرح للأب الذي لديه أربعة أطفال أنه سيحصل على حصة بنحو 30%.

ويُعرف هؤلاء الرجال باسم “الصرافين”، وقد أصبحوا جزءًا من الحياة في القطاع الذي مزقته الحرب حيث أغلقت معظم البنوك أو تضررت، مما يعني أن العديد من الفلسطينيين يكافحون من أجل سحب النقود من حساباتهم.

ولكن بدلاً من ذلك، يضطرون إلى تحويل الأموال رقمياً إلى صرافين يوفرون لهم المعادل النقدي للتحويل بعد أخذ حصة لأنفسهم، تتراوح عادة بين 25 و30 في المائة. وما تبقى لا يمتد إلى ما هو أبعد كثيراً حيث أدى التضخم في زمن الحرب إلى زيادة حادة في أسعار المواد الغذائية النادرة والأساسيات.

ويستخدم أغلب سكان غزة تطبيقًا مرتبطًا ببنك فلسطين لتحويل الأموال إلى الصرافين. يقول برغوث إنه بعد أن أخذ هذا الصراف حصته البالغة 30 في المائة من الأموال التي حولها، انتهى به الأمر إلى الحصول على 200 شيكل فقط.

ويضيف “لدي طفل عمره عام واحد الآن. يريد الحليب، يريد حفاضات بامبرز. كما أن لدي ثلاثة أطفال صغار. وهم بحاجة إلى الطعام، لكنني مجبور على خسارة الكثير من المال من أجل الحصول عليه نقدا”.

نقص الأوراق النقدية

يقول رئيس غرفة تجارة وصناعة غزة عايد أبو رمضان، إن النظام المصرفي في غزة انهار بشكل كامل.

ويضيف “لدينا مشكلة مع الأوراق النقدية، فلا يوجد أي نقود، وكل الكميات القليلة من النقود مهترئة وممزقة، لذا يرفض الناس قبولها”.

ويدير سعدي الأشقر مكتب صرافة في دير البلح، حيث يقدم نفس الخدمة، ولكن من خلال محل يأتي إليه الزبائن، ويقول إنه يشتري النقد من رجال أعمال آخرين.

ويقول “أنا أدفع لرجل الأعمال 30 بالمائة من الدخل لكي أحافظ على عملي ومكتب الصرافة الخاص بي.”

ويشير إلى أن كبار رجال الأعمال يسيطرون على تدفقات النقد في قطاع غزة، والطريقة الوحيدة لدخول الأموال وخروجها هي من خلال تطبيق مصرفي رقمي مرتبط ببنك فلسطين. ويستخدمه الناس لتحويل الأموال إلى المواطنين الذين يتعين عليهم بعد ذلك البحث عن صرافين لتلقي النقود.

ويقول الأشقر إنه يرى ما يقرب من 200 شخص يوميا يبحثون عن سحب أموال نقدية. لكنه يقول إنه يستنكر قيام رجال الأعمال بأخذ حصة كبيرة من عمليات الصرف.

ويضيف “إن الذين يسيطرون على هذا الوضع يستغلون للأسف الوضع الذي نعيشه نحن والمواطنون”.

ويؤكد أبو رمضان، أن الأسعار التي يفرضها الصرافون “تشكل عبئاً كبيراً على الناس، ويقلل من قدرتهم الشرائية ويجعل مشاكلهم أكبر.”

ومعه 200 شيكل، يبدأ برغوث الآن في تنفيذ مهامه، فهو يبحث عن الطعام لعائلته والحفاضات لطفله الأصغر.

بعد بدء الحرب، فقد برغوث وظيفته كمهندس تكنولوجيا معلومات في مدينة غزة، وتشرد هو وعائلته عدة مرات قبل أن يجدوا ملجأهم الأخير في مدرسة تابعة للأونروا في خان يونس. وهو يعتمد الآن على الأصدقاء والعائلة في الخارج الذين يرسلون له الأموال عندما يستطيعون.

“لا يمكنك أن تأكل ليوم واحد”، يقول برغوث عن المبلغ الذي يتعين عليه إنفاقه في السوق في خان يونس، حيث يقف الباعة في أكشاك مصنوعة من عوارض خشبية وأغطية بلاستيكية خلف طاولات صغيرة تعرض بعض الفاكهة ومنتجات منزلية.

ويعتمد الفلسطينيون في غزة بشكل أو بآخر على المساعدات الإنسانية، التي يقول أبو رمضان إنها لا تغطي حتى “20% من احتياجات السكان”. ويقول إن الندرة تسببت في ارتفاع أسعار المواد الغذائية ومنتجات النظافة بشكل كبير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى