منظمة حقوقية: السلطة الفلسطينية تشن حملة قمع بحق رافضي حرب غزة

أكدت منظمة حقوقية أن السلطة الفلسطينية تمارس تعذيبًا ممنهجًا داخل سجونها في الضفة الغربية المحتلة وسط إفلات تام من العقاب وذلك بموازاة شن حملة قمع منهجية بحق رافضي حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة.
وقالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا في بيان إن تصاعد الانتهاكات الممنهجة التي ترتكبها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية وعلى رأسها جريمة التعذيب داخل مراكز الاحتجاز والسجون، أدى إلى تحويل المواطن الفلسطيني إلى ضحية مزدوجة لانتهاكات جسيمة.
إذ يتعرض المواطن الفلسطيني في آنٍ واحد لقمع الاحتلال الإسرائيلي من جهة، ولانتهاكات أجهزة أمن السلطة الفلسطينية من جهة أخرى، في ظل انعدام سبل الإنصاف، وتعطّل منظومات الحماية الداخلية، وغياب المساءلة.
وذكرت المنظمة أن أسر عدد من المعتقلين في محافظة طوباس وجّهت استغاثات عاجلة كشفت فيها عن تعرّض أبنائها منذ أكثر من خمسة أشهر لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي داخل سجن الجنيد ومراكز توقيف أخرى تابعة للأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية.
وأضافت المنظمة أن من بين المعتقلين الذين وردت أسماؤهم في هذه النداءات: أحمد أبو العايدة، وديع فقهاء، عربي أبو دواس، أيمن المصري، بكر عباس، عبادة المصري، عمران مسلماني، وياسر مساعيد، مشيرة إلى أن هؤلاء الشبان محتجزون في ظروف قاسية ومحرومون من أبسط حقوقهم القانونية والإنسانية.
وأوضحت المنظمة أن الشهادات التي تلقتها العائلات تفيد بتعرّض أبنائهم للضرب بالعصي والأسلاك الكهربائية، والتعليق من الأيدي لساعات طويلة، والشتائم والإهانات المتكررة، فضلًا عن الحرمان من الزيارة والاتصال، وعدم تقديم الرعاية الطبية المناسبة رغم وجود إصابات وجروح وكدمات واضحة على أجساد بعضهم.
وأردفت المنظمة أن جميع المعتقلين المذكورين محتجزون دون سند قانوني أو تهم محددة، ولم يُعرضوا على القضاء خلال المدة القانونية المنصوص عليها، وأن الأجهزة الأمنية تجاهلت قرارات صادرة عن محاكم فلسطينية تقضي بالإفراج عن عدد من المعتقلين، في تحدٍ صارخ لاستقلال القضاء وتعطيل واضح لسيادة القانون، بما يعزز مناخ الإفلات من العقاب ويؤكد تغوّل السلطة التنفيذية على المؤسسات القضائية.
وأوضحت المنظمة أن الوقائع والشهادات المتكررة تؤكد أن التعذيب ليس سلوكًا فرديًا من محققين أو ضباط، بل نهج يتصاعد حينا وينخفض حينا آخر حسب وتيرة النشاط المناهض للاحتلال، يتم تحت إشراف مباشر من قيادات عليا، وبعلم كامل من رئاسة السلطة.
وذكرت المنظمة أنه رغم صدور تقارير سنوية عن الهيئات الأممية والمنظمات الحقوقية المستقلة توثق مئات الانتهاكات، لم تُتخذ أي إجراءات قضائية لمحاسبة الجناة، في ظل غياب الرقابة البرلمانية والقضائية، وهيمنة السلطة التنفيذية على القضاء، ما عزّز ثقافة الإفلات من العقاب ورسّخ مناخ الخوف والترهيب في المجتمع الفلسطيني.
وفي تقارير سابقة، أعربت هيئات أممية مثل لجنة مناهضة التعذيب والمقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، عن قلقها من توسع ظاهرة الاعتقال السياسي والتعذيب في سجون السلطة، إلا أن هذه الإدانات لم تلقَ تجاوبًا جادًا من قبل المسؤولين الفلسطينيين، بل استمرت عمليات القمع بحق الطلبة والصحفيين والنشطاء والمعارضين السياسيين دون هوادة.
وأكدت المنظمة أن ما تقوم به أجهزة أمن السلطة من اعتقالات واسعة وتعذيب وقمع الحراك المندد بجرائم الاحتلال يلحق ضررا بالغا بمناعة الشعب الفلسطيني في مواجهة جرائم الاحتلال وقطعان المستوطنين ويسهم في تشجيع الاحتلال على المضي قدما في مشاريعه التي تهدف إلى تقويض حقوق الشعب الفلسطيني.
وحملت المنظمة رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الوزراء محمد مصطفى ورؤساء الأجهزة الأمنية وخاصة الوقائي والمخابرات المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم التي لا تخدم إلا مشروع الاحتلال في ظل المنعطف التاريخي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني من تصاعد للإبادة الجماعية في قطاع غزة والإبادة الزاحفة في الضفة الغربية.
وكررت المنظمة دعوتها إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية إلى فتح تحقيق في الجرائم التي ترتكبها أجهزة أمن السلطة فهي تشكل جرائم حرب كونها ترتكب في ظل الاحتلال وبالتعاون الوثيق معه خلافا لما تنص عليه اتفاقية جنيف التي تجرم التعاون مع الاحتلال بأي وسيلة من شأنها الإضرار بحقوق الشعب الخاضع للاحتلال.